تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
حسب القراءة التاريخية هناك علاقة بين البشر والكحول والتي تعود الى ما يقارب 30,000 سنة، ولربما اكثر من ذلك حسب المتتبعين لهذا الامر المختصين به، فالكحول مائع لديه قابلية اشتعال ويتحصل بعد عملية تخمير طبيعية في السكريات.
ويعد الكحول من اكثر المواد المؤثرة نفسيا في العالم البشري الى يومنا هذا الذي اصبحت فيه مواد عديدة تستخدم لنفس الغرض ومنه لتضييع البشرية في عالم الادمان والسيطرة على العقول كالمخدرات ووصل الامر الى وسائل التواصل الاجتماعي بالادمان عليها وانتشر كثيرا.
اما مجتمعات ما قبل التاريخ فكان اهتمامها منصبا بحسب الوضع البدائي على النيكوتين والكافيين وغيرهما وبالاعتماد على تنوع السكريات الطبيعية الموجودة في الحبوب والفواكه وقد جعلوها اشكالا وكوكتيلات مختلفة، ففي حقبة العصر الحجري مثلا وبحسب الرسوم الكهفية في اعمال شعوب الشامان فقد تعاطوا مع الكحول.
وأيضا قبل 25,000 سنة وجدت منحوتة لإمرأة تحمل قرن الثور وكان مخصصا للشراب في كهوف فرنسا.
وكذلك قبل 13,000 سنة هناك اقدم آنية فخارية صنعت لتخزين الشراب في الصين.
وكذلك الحضارة اليونانية وبقية الحضارات.
وقد حرمتها جميع الاديان كما هو وارد في رواية عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((مَا بَعَثَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيّاً قَطُّ إِلاَّ وَفِي عِلْمِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ إِذَا أَكْمَلَ لَهُ دِينَهُ كَانَ فِيهِ تَحْرِيمُ اَلْخَمْرِ وَلَمْ تَزَلِ اَلْخَمْرُ حَرَاماً إِنَّمَا اَلدِّينُ يُحَوَّلُ مِنْ خَصْلَةٍ إِلَى أُخْرَى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جُمْلَةً قُطِعَ بِهِمْ دُونَ اَلدِّينِ))[1] .
لكن الاسلام حرمها تدريجيا نتيجة لاشتهارها وانتشارها عند العرب قبل الاسلام فأنزل الله تعالى أولا الآية الشريفة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾[2]
فلما نزلت هذه الآية احس القوم بتحريمها وعلموا بأن الإثم مما ينبغي اجتنابه، ثم انزل الله تعالى آية اخرى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[3]
وهذه الآية اشد واغلظ في التحريم من الآية الاولى، ثم ثلث عز وجل بآية اغلظ من الاولى والثانية فقال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾[4]
فهو أمر باجتنابها وهو اشد في الحرمة وفسّر العلل التي من اجلها حرمت، وفي الآية الرابعة صرّح الباري عز وجل وبين حرمتها فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[5]
والسبب في هذا التدريج إن الله عز وجل اذا اراد أن يفترض فريضة ينزلها شيئا بعد شيء لكي يوطن الناس انفسهم عليها ويسكنوا الى امره ونهيه فيها وكان هذا التحريم قبل الهجرة وفي مكة.
وفي رواية للامام الصادق عليه السلام يبين فيها كيف كون الشراب والمقصود منه الخمر هو مفتاح للشر وآثار شرب الخمر النفسية السيئة والشرعية المؤثرة على الانسان
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ:
((اَلشَّرَابُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ وَمُدْمِنُ اَلْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ وَإِنَّ اَلْخَمْرَ رَأْسُ كُلِّ إِثْمٍ وَشَارِبَهَا مُكَذِّبٌ بِكِتَابِ اَللَّهِ لَوْ صَدَّقَ كِتَابَ اَللَّهِ حَرَّمَ حَرَامَهُ))[6] .
_____________________________________
[1] الكافي، ج 6، ص 395.
[2] سورة البقرة، الآية: 219.
[3] سورة المائدة، الآية: 90.
[4] سورة المائدة، الآية: 91.
[5] سورة الأعراف، الآية:33.
[6] وسائل الشيعة، ج 25، ص: 315.