زهت في أجمل حلة.. جناحاها يرفرفان ويطوفان على بهاء النعيم الموعود..
وهي تتنقل مزهوة بروحها البريئة النقية.. لاح لها شبح لرجل عظيم الشأن
يلتف من حوله الأقوام والملل.. وتتوسل به الأبصار قبل القلوب..
ظلت برهة واجمة، تنظر ملياً، وهي تحلق في الآفاق، علّها تهتدي لما يصير..
حتى شاهدت نور ذلك الرجل العظيم يكتسح المكان.. والجمع الملتف من حوله يردد: (الشفاعة.. الشفاعة.. الشفاعة).
تحركت اجنحتها الى مكان آخر، فإذا بها قبال مقام جلي لامرأة كريمة..
تخلفها هالات من البهاء والقداسة.. تسير على دابة مرصعة بالذهب والماس
تتقدمها جحافل ملكوتية.. وفي يديها كف مقطوعة، وقميص مدمى..
تشع منه انوار الهية..
وهنالك على الحوض يقف رجل مبارك..
نصب قربه ميزاناً هائلاً.. والناس يصطفون في طابور كبير..
تنفست الصغيرة نسيم المحبة والولاء.. وهي تغادر متنقلة بين تلك الأفياء الرحبة..
كانت تبحث عن شخص حبيب لقلبها..
بل هو قلبها الذي ينبض وأنفاسها التي تحيا بها..
صاح صوت عظيم زلزل المكان.. فتوجهت الانظار نحوه ليخطو جسد دون رأس.. ويعبر امام الملأ بوقار وهيبة..
انفجرت دموع الصغيرة.. صفقت بجناحيها وعطفت نحوه وهي تقول:
"ابه يا حسين.. انا عزيزتك رقية.. قد حباني الله تعالى بجنة ورضوان.. اريد ان اقبلك يا ابي واحتضنك.. فكيف ذلك عساه يكون".
أومأت يداه أن حطي على كتفي حتى يحكم الله بين قوم قتلوني وظلموني..
ولم يراعوا حرمة جدي..
طفقت رقية نحو كتف ابيها المذبوح من الوريد الى الوريد..
وبجناحيها تشمه وتعانقه وتقبله.. حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين..
تعليق