تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
التجمع السكاني بدوره يؤدي الى تشكيل مجتمعات انسانية وجودها يؤدي الى نشوء علاقات فيما بينها نتيجه للتأثير والتأثر، فلما يكون الانسان متخصص بمهنة ما أو بعمل ما يحتاج اليه الآخر فهذا المحتاج نتيجة لتأثير المتخصص يحتاج اليه، والتأثر معناه لدى الآخر مهنة يؤثر في الأول فيأتي منه التأثير عليه الذي يكون متأثر وهكذا في موضوع المجتمعات هذا التأثير والتأثر يحتاج الى أن يكون مقوننا تحت قانون الكل يحتاج اليه لكي لا يظلم احد احدا.
فهنا الله سبحانه وتعالى لما بعث الانبياء والرسل كانت لهم وظائف منها: هو أنهم يبينون لهذه المجتمعات كيف تعيش مع بعضها البعض الاخر بشكل سليم واخلاقي فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[1]
أي أنكم تكونوا مؤثرين ببعضكم البعض الاخر وأعلى قمة الهرم بهذا الموضوع لما يكون المجتمع مؤمن، فالله يخاطب هذا المجتمع يا أيها الذين امنوا والمؤمن طبعا يصدر منه العمل الصالح دائما وابدا، العمل الصالح يؤدي الى أن الحياة تكون ميسرة وسهلة وفيها اختلاط بين المجتمعين يؤدي الى سهولتها، وبالنتيجة الانسان يشكر الله عز وجل على هذه النعم وعلى هذه الحياة من خلال الطاعة والعبادة والشكر والالتزام بالخط الإلهي لأن المؤثرات تكون عليه قليلة عدا الابتلاء الإلهي للإنسان لأنه امتحان واختبار له، فلما تكون هذه المؤثرات قليلة الانسان يعيش بنوع من السعادة.
وهكذا الله سبحانه وتعالى بخطابه الدائم للمجتمعات التي تعيش في ظل الايمان بالبحث عن الكمال وتيسير امور الحياة من خلال الكثير من الايات للوصول الى هذه الغايات ومن جملة هذه الغايات الرواية الشريفة التي وردت:
عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) :
((فِي قَوْلِهِ تَعَالَى - وَيَسْتَجِيبُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قَالَ: هُوَ اَلْمُؤْمِنُ يَدْعُو لِأَخِيهِ بَظْهرِ اَلْغَيبِ فَيَقُولُ لَهُ اَلْمَلَكُ وَلَكَ مِثْلُ مَا سَأَلْتَ وَقَدْ أُعْطِيْتَ لِحُبِّكَ إِيَّاهُ))[2].
وتفسر من قبل الامام سلام الله عليه بأن المؤمن هو الذي يدعو لأخيه بظهر الغيب ليس فقط يتعامل معه باخلاق إنما سُلّم الايمان يكون الارتفاع والرقي به من خلال دعوة المؤمن لأخيه المؤمن والدعوة له بظهر الغيب لما يكون ليس يسمعه يدعو له بما يكون هو نافعا لأخيه المؤمن وهناك ملك يقول له وانت لك مثل ما دعوت به لأخيك لأنك تحب هذا المؤمن والله سبحانه وتعالى طبعا يؤكد على هذا الموضوع في الآيات الكثيرة وأيضا الأنبياء اكدوا على مثل هذا الامر، وكذلك الائمة عليهم السلام تكلموا عن هذا الامر فنجد رواية رائعة وجميلة بهذا الخصوص عَنْ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْمَأْمُونِ الْحَارِثِيِّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام): ((مَا حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ قَالَ: إِنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمَوَدَّةَ لَهُ فِي صَدْرِهِ وَالْمُوَاسَاةَ لَهُ فِي مَالِهِ وَالْخَلَفَ لَهُ فِي أَهْلِهِ وَالنُّصْرَةَ لَهُ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ وَإِنْ كَانَ نَافِلَةٌ فِي الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ غَائِباً أَخَذَ لَهُ بِنَصِيبِهِ وَإِذَا مَاتَ الزِّيَارَةَ إِلَى قَبْرِهِ وَأَنْ لا يَظْلِمَهُ وَأَنْ لا يَغُشَّهُ وَأَنْ لا يَخُونَهُ وَأَنْ لا يَخْذُلَهُ وَأَنْ لا يُكَذِّبَهُ وَأَنْ لا يَقُولَ لَهُ أُفٍّ وَإِذَا قَالَ لَهُ أُفٍّ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا وَلايَةٌ وَإِذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ عَدُوِّي فَقَدْ كَفَرَ أَحَدُهُمَا وَإِذَا اتَّهَمَهُ انْمَاثَ[3] الإيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ))[4].
فنجد هذه التعابير التي يحتاج اليها الانسان بوجوده وهذا يؤدي الى انه يعيش حياة حرة كريمة سعيدة تصل به الى الآخرة بقلب مطمئن وأيضا نهاية في جنة الخلد مع اخوانه المؤمنين.
-----------------------------------------------------
[1] سورة الحجرات: 13.
[2] مستدرك الوسائل، ج 5، ص 242.
[3] انماث الشئ في الماء: اختلط وذاب.
[4] الكافي، ج 2، ص 171.