إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ترشيق شعرية المألوف.. مجموعة (حينما يورق الملاذ) للشاعر عودة ضاحي التميمي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ترشيق شعرية المألوف.. مجموعة (حينما يورق الملاذ) للشاعر عودة ضاحي التميمي


    قراءة: علي الخباز
    تكمن قوة الشعر الولائي في الولوج الى عوالم الشعر بوعي لامتلاك القدرة الجمالية داخل اليقين المضموني، والشاعر عودة ضاحي في مجموعته الشعرية (حينها يورق الملاذ)، ركزت عنونة المجموعة على أن المحتوى شعر فصيح ولائي؛ لكون الولائي يميل داخل ركائز المنتمي كفعل يتضامن مع الواقع المأساوي.. الشاعر هنا وأسلوبه في البحث عن مرتكزات المؤثر الوجداني، داخل عوالم الطف الحسيني المبارك ومتعلقاته الكثيرة عبر التاريخ.
    البعض يذهب الى المصائبية والسردية الاستعراضية للحدث المأساوي، والشاعر عودة ضاحي التميمي، يمتلك الحراك الاسلوبي، فهو في كل قصيدة تجده في أسلوبية جديدة، كل قصيدة عنده لها عوالمها واشتغالاتها، لكنها تتوحد في قيم الانزياح وفعلها الجمالي، وفي اشتغالات الومضة الشعورية.
    ففي قصيدة (قوافل الربيع) على سبيل المثال، يجذبك جمال العنونة بما يمتلك من انزياح، ليوجه الخطاب الى خطاب مباشر مع الرمز المقدس، وعرض الواقع التاريخي بسرد شعري يعكس ما تمخضت به الولادة:
    (ولدت بمولدك الحياة جميعها..
    وتجوهرت في ركبك الاعراق)ص12
    ثم يقودنا الوعي الشعري الى حيثيات الواقع التاريخي، وتتشكل الركائز الشعرية في حضور عالمين في التاريخ عالم مأساوي، وعالم متحرر بولادة النبي (ص)، نقل الحراك الى الواقع المعاصر والمعاش؛ لينقل لنا نفس المشاهد التي كان يصورها عن حياة الناس ما قبل ولادة النبي (ص)، ومثل هذا الاشتغال سيحرك المضمون الولائي حضوره في كل مفاصل القصيدة، والشاعر التميمي ينهي بعض قصائده بالدعاء وطلب رجاء من رموزه المقدسة مثل:
    (خذنا الى شرف الشهادة علنا
    نسمو ليبصر نزفنا من قد عمي)ص62
    (أنت الشفيع المرتجى يا سيدي
    لغداة عمر المرتجى ان كورا)ص42
    (انتم ملاذ لنا يا آل فاطمة
    نسعى اليكم ويسعى الخائف الوجل)
    كونوا لنا خيمة كي نستظل بها
    في يوم مزغبة اذ توصد السبل)ص37
    ونقرأ أيضاً:
    (يا أيها النبأ العظيم فكن لنا
    درعا وإلا.. فالمصير جهنم
    فيك اعتصمنا من ذنوب جمة
    انت الكريم وان ربك اكرم)ص15
    ومعذرة.. فالاستشهادات كثيرة ويصعب تجاوزها؛ لما تمتلك من جمالية عالية، وارى في تجربة الشاعر عودة ضاحي الكبيرة خصوصية ترشيق المألوف، وعدم الغائه في استهلالياته الشعرية، فلنقف عند بعض استهلاليات القصائد التي تمتاز بقمة شعريتها، وهذا اسلوب من الاساليب الشعرية التي تسعى إلى أخذ زمام المبادرة، وجذب المتلقي منذ البيت الاول:
    (نور تجلى فاستفاق النوم
    فإذا الضحى ببهاء يومه مغرم)ص14
    (بجنح العشق يأخذني ولائي
    وعسر الحال لا يلغي غنائي)ص29
    فتتجلى مهمة الولائي في التعبير عن وعي أمة، بما تمتلك من ثقافة فن يعبر عن لواعجها، فكان الشاعر عودة ضاحي التميمي يعتمد على خصوبة الواقع المعاصر، فنجد توهجات القصيدة، ومثل هذه المرتكزات تحتاج الى شواهد واستشهادات قد تطول؛ لأن المجموعة غنية بحيثيات الواقع، ونحن بأمس الحاجة الى الاستشهاد بمثل هذه الاستشهدات:
    (كل يحاول ان يحوز منافعا
    كل به تتحكم الاذواق
    ولقد توزعنا طموح زائف
    فكأننا سوقاً اليه نساق)ص13
    (الفقر للشعب قد امسى يكبله
    والنائب الشهم ينعم بالملايين
    يا بائعي دمنا يكفي المزاد بنا
    للمنتهى لم يدم صبر البراكين)ص25
    يمتلك المألوف تأثيراته الانسانية والابداعية، لكن لهذا المألوف صيغ بأساليب سببت حالة من الاشباع، فما عاد الصوت المصائبي يمتلك قوته إلا بشعورية آنية، صار على الشاعر المبدع ايجاد حداثوية لا تهدم الاصيل من الاداء الفني بحجة الحداثوية، وانما يحقق دهشته الشعرية بحداثة مسالمة لوعي يرتقي بهذا الحزن الى مصاف الخشوع الروحي، يتغنى بها الطير وعطر الورد:
    (اني غبطت الندى حين انحنى فرحا
    كي يورد الورد حتى تورق القبل)ص36
    فقد اطلق الخيال المتوهج بقصائده ليرفعها عن الابتذال، ومفردة الترشيق لا تعني عندنا مفهوم التكبيل، وانما تعني خرقاً جمالياً لا يبتعد عن انشغالات المصائبي من حيث المكونات التاريخية، وانما الخروج من القواعد الدلالية ليطل بنا عبر التواصل الابداعي الى متعة تلقي، نجد الحزن موجوداً لكن بلغة اخرى:
    (حيث الحسين السبط في فلواتها
    قمرا على هام الثريا ازهرا
    قد طرز الدنيا بهيبة جرحه
    وسعى خلودا يستفز الاعصرا
    فالرمح يروي للزمان نشيده
    مذ صار للرأس المعفر منبرا)ص41
    انصهر الحزن الى شعر والى وعي يرتقي الى صفات التمييز، لبناء هيكلية النص في فضاء شعري قدم التاريخي بدلالات الحضور لا تلغي وجود المصائبي، لكنه يسعى لترشيقه بحداثوية الاحالة، ومنها دخول اجتماعيات هذا التعايش، لاستحضار عوالم بعض الشعراء العراقيين، والرواديد الحسينيين والشهداء العلماء؛ ليستنهض التراث الى قيم الحداثة فأجاد.
    أعجبني
    تعليق​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X