بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
نشأت فاطمة الزهراء (عليها السلام) في بيت النبوّة ومهبط الرسالة، فكان أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلّمها العلوم الإلهيـّة ويفيض عليها من معارفه الربّانية. وشاءت حكمة الله تعالى أن تعاني هذه الابنة الطاهرة ما كان يعانيه أبوها من أذى المشركين فيما كان يدعوهم إلى عبادة الإله الواحد. في الخامسة من عمرها فقدت أُمّها السيِّدة خديجة (رضي الله عنها)، فكانت تلوذ بأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بات سلوتها الوحيدة، فوجدت عنده كلّ ما تحتاجه من العطف والحنان والحبّ والاحترام. ووجد هو فيها قرّة عينه وسَلْوَة أحزانه فكانت في حنانها عليه واهتمامها به كالأُمّ الحنون حتى قال عنها: «فاطمة أُمُّ أبيها». وكان إذا دخلت عليه وقف لها إجلالاً وقبّلها. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «فاطمةُ بضعةٌ منّي مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله».
أمّا عندما ندخل إلى عمق شخصيّتها من الداخل، فنرى أنّها الإنسان الذي اندمج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اندماجاً قلّ نظيره بين ابنةٍ وأبيها، فقد كانت في طفولتها الأولى تتحرّك معه عندما كان يذهب إلى المسجد ليصلّي، وهي في سن يقول بعض المؤرخين إنّها الخامسة، وبعضهم إذا زادت السن كثيراً يصل بها إلى العاشرة. كانت تراقب أباها وهو في المسجد، وتراقب الناس من حوله من المشركين وهم يتربّصون به السوء، ونظرت ذات يوم، فإذا بهم يلقون (سلل جزور) ـ أمعاء الإبل ـ على ظهره، فبادرت وهي تبكي، ورفعته عن ظهره. وقد رآها تبكي ذات يوم، وقال لها: «ما يبكيك يا بنيّتي؟»، فقالت (عليها السلام): «إنّها أحسّت أنّ هؤلاء القوم من أبي جهل وغيره، يتآمرون عليه ليقتلوه»، وعبّرت عن ذلك له، فطمأنها، وكانت تتعلَّم عنده، وكانت تعطيه من عاطفتها كلَّ ما في روحها من سرّ العاطفة.
إنّ علاقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بفاطمة الزهراء (عليها السلام) امتدّت إلى المدينة عندما هاجرت ملتحقةً به، وبدأت تعيش معه المسؤوليات التي تحمّلها في حربه وسلمه ودعوته، وكان بيتها بيته، وإذا قدم من سفر، كان بيتها هو أوّل بيت يقصده ويرتاح إليه قبل أن يذهب إلى بيته الخاصّ، وعندما يخرج إلى سفر، كان بيتها آخر بيت ينطلق منه إلى سفره. وكانت تتحسَّس كلّ ما يحبّه وكلّ ما يثقله، وكان يحتضنها بروحه وعاطفته وقلبه. وكان يعرف سرَّها من خلال ما تحمله من عمق الروحانية لله، وكان يراها وهي ابنته وتلميذته، كيف تجلس مبتهلةً إلى الله سبحانه وتعالى في جوف الليل، وكان يراقب حركتها في حديثها كلّه، فكان يراها الأصدق بين المسلمين، وقد شهدت بذلك زوجة أبيها عائشة، فقالت: «ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً منها، إلّا أن يكون الذي ولدها». وقد تعلّمت ذلك من أبيها، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأصدق، وكان الصادق الأمين، وكانت الصادقة الأصدق، ومن الطبيعي أنّها كانت الأمينة بكلِّ ما للأمانة من معنى.
وكانت تعيش مع رسول الله فكره، وبذلك رأينا أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي لم تدخل إلّا مدرسة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم تتعلَّم إلّا في بيته، كانت تملك من الثقافة ما لم تجده في التراث الذي وصلنا من المسلمين في تلك المرحلة. رُوِي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالساً ذات يوم، وعنده الإمام عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: «اللّهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس عليَّ؛ فأحبب مَن أحبّهم وأبغض مَن أبغضهم، ووالِ مَن والاهم وعادِ مَن عاداهم، وأعِن مَن أعانهم، واجعلهم مُطهَّرين من كلِّ رجس، معصومين من كلِّ ذنب، وأيِّدهم بروح القدس منك
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
نشأت فاطمة الزهراء (عليها السلام) في بيت النبوّة ومهبط الرسالة، فكان أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلّمها العلوم الإلهيـّة ويفيض عليها من معارفه الربّانية. وشاءت حكمة الله تعالى أن تعاني هذه الابنة الطاهرة ما كان يعانيه أبوها من أذى المشركين فيما كان يدعوهم إلى عبادة الإله الواحد. في الخامسة من عمرها فقدت أُمّها السيِّدة خديجة (رضي الله عنها)، فكانت تلوذ بأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بات سلوتها الوحيدة، فوجدت عنده كلّ ما تحتاجه من العطف والحنان والحبّ والاحترام. ووجد هو فيها قرّة عينه وسَلْوَة أحزانه فكانت في حنانها عليه واهتمامها به كالأُمّ الحنون حتى قال عنها: «فاطمة أُمُّ أبيها». وكان إذا دخلت عليه وقف لها إجلالاً وقبّلها. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «فاطمةُ بضعةٌ منّي مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله».
أمّا عندما ندخل إلى عمق شخصيّتها من الداخل، فنرى أنّها الإنسان الذي اندمج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اندماجاً قلّ نظيره بين ابنةٍ وأبيها، فقد كانت في طفولتها الأولى تتحرّك معه عندما كان يذهب إلى المسجد ليصلّي، وهي في سن يقول بعض المؤرخين إنّها الخامسة، وبعضهم إذا زادت السن كثيراً يصل بها إلى العاشرة. كانت تراقب أباها وهو في المسجد، وتراقب الناس من حوله من المشركين وهم يتربّصون به السوء، ونظرت ذات يوم، فإذا بهم يلقون (سلل جزور) ـ أمعاء الإبل ـ على ظهره، فبادرت وهي تبكي، ورفعته عن ظهره. وقد رآها تبكي ذات يوم، وقال لها: «ما يبكيك يا بنيّتي؟»، فقالت (عليها السلام): «إنّها أحسّت أنّ هؤلاء القوم من أبي جهل وغيره، يتآمرون عليه ليقتلوه»، وعبّرت عن ذلك له، فطمأنها، وكانت تتعلَّم عنده، وكانت تعطيه من عاطفتها كلَّ ما في روحها من سرّ العاطفة.
إنّ علاقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بفاطمة الزهراء (عليها السلام) امتدّت إلى المدينة عندما هاجرت ملتحقةً به، وبدأت تعيش معه المسؤوليات التي تحمّلها في حربه وسلمه ودعوته، وكان بيتها بيته، وإذا قدم من سفر، كان بيتها هو أوّل بيت يقصده ويرتاح إليه قبل أن يذهب إلى بيته الخاصّ، وعندما يخرج إلى سفر، كان بيتها آخر بيت ينطلق منه إلى سفره. وكانت تتحسَّس كلّ ما يحبّه وكلّ ما يثقله، وكان يحتضنها بروحه وعاطفته وقلبه. وكان يعرف سرَّها من خلال ما تحمله من عمق الروحانية لله، وكان يراها وهي ابنته وتلميذته، كيف تجلس مبتهلةً إلى الله سبحانه وتعالى في جوف الليل، وكان يراقب حركتها في حديثها كلّه، فكان يراها الأصدق بين المسلمين، وقد شهدت بذلك زوجة أبيها عائشة، فقالت: «ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً منها، إلّا أن يكون الذي ولدها». وقد تعلّمت ذلك من أبيها، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأصدق، وكان الصادق الأمين، وكانت الصادقة الأصدق، ومن الطبيعي أنّها كانت الأمينة بكلِّ ما للأمانة من معنى.
وكانت تعيش مع رسول الله فكره، وبذلك رأينا أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي لم تدخل إلّا مدرسة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم تتعلَّم إلّا في بيته، كانت تملك من الثقافة ما لم تجده في التراث الذي وصلنا من المسلمين في تلك المرحلة. رُوِي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالساً ذات يوم، وعنده الإمام عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: «اللّهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس عليَّ؛ فأحبب مَن أحبّهم وأبغض مَن أبغضهم، ووالِ مَن والاهم وعادِ مَن عاداهم، وأعِن مَن أعانهم، واجعلهم مُطهَّرين من كلِّ رجس، معصومين من كلِّ ذنب، وأيِّدهم بروح القدس منك
تعليق