تويت
الإنسان في هذا الوجود على المحك مع الشيطان وتسويلاته فيحاول بكل ما اوتي لكي يغرق الانسان في معترك الذنوب ويحاول بكل وسيلة أن يغوي هذا الانسان ويزين له الذنب بل يجعله من حقه ويجعله محبوبا لديه يجعله هو المراد فما المشكلة إذا فعل مثلا هذا الذنب الذي يطلبه الجسد والنفس الأمارة بالسوء فهذا الدور الشيطاني الخبيث من خلال الوسوسة يصل الى الغاية التي يريد لقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [1].
فيحاول أن يزين للإنسان فعل المعصية وسماها الغواية يغويه فيجعل له هذا الفعل امر مباح وعليك بتلبية رغباتك التي تريدها فلا شيء يمنعك من تلبية هذه الرغبات، فيفعل الذنوب وينشغل بها وكيفية عملها وفعلها وكيف الوصول اليها، فيصرف الجهد والوقت والأموال كي يصل الى مثل هذه الامور ومنها الكبيرة ومنها الصغيرة، مما يجعل الإنسان ضعيف العمل الصالح كثير العمل القبيح ، فممكن إن كان يصلي يترك الصلاة بل لا يهتم لها فيؤديها ضعيفة سريعة لا يفهم منها شيء، وكلما توغل في الذنوب كلما ترك العبادة وترك العمل الصالح فهذا الضعف للعمل يغرق هذا الانسان ويجعله بعيد كل البعد عن الطاعة والرغبة في رضا الله سبحانه وتعالى فيعيش في طاعة الشيطان.
فبالرغم من هذا الانشغال وهذا الهم الكبير والعظيم من الممكن للإنسان العاقل الذي لديه فطرة سليمة والتي ذكرها الله عز وجل في الكتاب العزيز: ﴿.. فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ..﴾ [2].
فينتبه في لحظة ما مثلا يرى حادثة امامه قاتلة أو جارحة لغيره فينتبه فيقول: ممكن أن اكون أنا التالي، أو يرى احدا يموت، أو تصيبه مصيبة فيعيش في اعتقاد أنه قادم على مثل هذه الامور التي تؤلم وتجرح ويعيش في هم مستمر، فماذا يفعل هنا؟ وهو من الامراض النفسية التي شبيهة بالمرض الجسدي فيحتاج الى العلاج والطبيب مثل ما يذهب الى الطبيب لكي يعالج جسده عليه أن يذهب الى طبيب القلوب الذي يعالج القلب وهو رسول الله واهل بيته صلى الله عليهم أجمعين الذي قال عنه أمير المؤمنين عليه السلام: ((طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ))[3].
فيعرف ماذا يقول هذا الطبيب من خلال هذه الرواية العظيمة، عن الصادق (عليه السلام) قال: ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَثُرَتْ ذُنُوبِي وضَعُفَ عَمَلِي فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ أَكْثِرِ اَلسُّجُودَ فَإِنَّهُ يَحُطُّ اَلذُّنُوبَ كَمَا تَحُطُّ اَلرِّيحُ وَرَقَ اَلشَّجَرِ))[4].
وعندما يسجد العبد منقطعا لله عز وجل طبعا هذا الفعل له تأثيرين مادي وهو أن الإنسان لما ينزل الى السجود تفرغ لديه الشحنات الكهربائية نتيجة للحالة العصبية لوجود الهم فتزداد عنده الشحنات الكهربائية الموجودة في الجو والبيت نتيجة لوجود الشحنات فيحتاج الى التفريغ و يتم من خلال السجود على الارض لأن طبيعة الأرض تمتص هذه الشحنات الكهربائية فيرتاح الإنسان هذا، ومعنوي نفسي فالسجود يقرب العبد الى الله سبحانه وتعالى؛ وذلك لأن العبد لما يكون في حالة السجود يكون قد وطأ رأسه على الارض تذللا لله عز وجل والمفروض الانسان يعرف أن السجود هو تذلل لله عز وجل فلما يتذلل له عز وجل والذي يقول: ﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾[5].
فلما يقترب من الله ينتبه الى افعاله والى ذنوبه والاوقات التي صرفها في البحث عن الذنب وفي فعل الذنب، كما في الرواية اعلاه لما تأتي على الارض وورق الشجر قد سقط على الارض خصوصا في فصل الخريف فإن الريح تحرك هذه الاوراق من الارض بما معناه تمحو الارض من الاوراق وتحرك هذا الاوراق كذلك السجود فهو حالة من الحالات الراقية جدا في التوبة التي يبحث عنها الانسان فتوبوا الى الله من خلال السجود.
__________________________________________________ _____________
[1] سورة الحجر، الآية: 39.
[2] سورة الروم، الآية: 30.
[3] نهج البلاغة، خطبة رقم 108.
[4] أمالي الصدوق، ص 404، ح 11.
[5] سورة العلق، الآية: 19.
تعليق