بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
مظلومية السيدة الزهراء عليها السلام مظلومية عظيمة ليست مسبوقة بمثل ما جرى عليها وذلك عندما ظلمها أبو بكر وافترى بفرية عظيمة عندما انكر ارثها، فهو حق لها وهبها رسول الله صلى الله عليه واله فدك [1].
ففي الدرجة الاُولى كانت قرية فدك في يدها، واليدُ دليل الملك، ولكن جهاز الخلافة طلب منها مع ذلك دليلاً على كون فدك ملكها، خلافاً لكلّ الموازين القضائية الإسلامية ولهذا اضطرت فاطمة الزهراء عليها السَّلام إلى ان تأتي للشهادة على ذلك بشخصية ذات مكانة هامة كعليّ عليه السَّلام وامرأة تدعى اُم أيمن التي شهد لها رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأنها من نساء الجنة وبعتيق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله "رباح" حسب رواية البلاذري[2]، ولكن جهاز الخلافة لم يعر اهتماماً لشهادة هؤلاء الشهود، وحرم ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من ملكها الذي وهبه إياها والدها صلّى اللّه عليه وآله، وأذعن أبو بكر في نهاية الأمر لصحة رأي الزهراء وصحة ادعائها وشرعيّته، وكتب كتاباً يصرّح بأن فدكاً ملك خالص للزهراء وأعطاها ذلك الكتاب، ولكن رفيقه وصاحبه عمر لما صادف الزهراء في اثناء الطريق وعرف بأنها حصلت على اعتراف صريح من أبي بكر بملكيتها لفدك أخد منها ذلك الكتاب وأتى به الى أبي بكر وقال معترضاً على شهادة علي عليه السَّلام وام أيمن لها: أن علياً يجرُّ إلى نفسه واُم أيمن امرأة .
ولم يكن هم السيدة الزهراء عليها السلام فدك إنما همها هو الخلافة والتي وقفت تدافع عن ولي امرها امير المؤمنين عليه السلام بعد وفاه رسول الله صلى الله عليه واله فانكر أبو بكر والقوم كلهم ارث الزهراء عندما كذب وقال: بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يقول: ((نَحْنُ مَعَاشِرَ اَلْأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ))[3]، في حين أنّ الله تعالى يقول: ﴿يَرثُني وَيرثُ مِن آل يَعقُوبَ﴾، ﴿وَوَرثَ سليمانُ داوُد﴾ [4].
فهنا كذب وكذب القوم معه عندما أنكروا على السيدة الزهراء سلام الله عليها وهي الصديقة الطاهرة المطهرة بضعة رسول الله صلى الله عليه واله، فهنا هذا المنع لحق الزهراء سلام الله عليها ودفع الارث عنها وجعله للقوم بمجموعة بائسة من المسلمين.
مما جعل السيدة الزهراء عليها السلام تقف موقف الرفض لهذا الامر وبيان مظلوميتها، لكن اتباع الشيطان أبوا إلّا أن يقفوا بوجهها ويكذبوها، فعاشت من بعد تلك الفترة في الغصص الذي جعلها شاحبة واذهب بريقها، واصبح البيت وقد اصابته الكآبة وخيانة القوم وكان بعدها امير المؤمنين عليه السلام في تلك الايام بين امرين: بين أن يقف بوجه القوم ويحاربهم وتدب الفرقة بين المسلمين، وبين أن يصبر عليهم التزاما بوصية رسول الله صلى الله عليه واله، فالتزم بالشق الثاني والتزمت الزهراء سلام الله عليها بالدفاع عن ولي امرها.
فاعظم الله لكم الاجر بشهاده سيدتنا ومولاتنا السيدة الزهراء عليها السلام.
________________________________
[1] كانت فَدك منطقة خصبة، كثيرة الخير، قرب خيبر، وهي تبعد عن المدينة بما يقرب من (140) كيلومتراً، وكانت تعتبر بعد حصون خيبر النقطة الهامة التي يعتمد عليها يهود الحجاز، وهي من الاراضي التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولم يسيطر عليها المسلمون بالقتال فتكون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله والامام من بعده خالصة، فهو يتصرف فيها كما يشاء ويرى، فله أن يهبها، وله أن يؤجّرها، ومن جملة ماله أن يفعل فيها هو أن يهبها لأقربائه فيسدوا بها حاجتهم، ويديروا بها معيشتهم، وعلى هذا الاساس وهب رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله فدكاً لابنته الطاهرة فاطمة الزهراء، ولكن بعد وفاة النبي واستلام أبو بكر لأمر الخلافة أخذ فدك منها، وبعد أبي بكر كان البعض من خلفاء بني أمية وبني العباس يأخذها من أبناء فاطمة والبعض الآخر منهم كان يرجعها إليها كعمر بن عبد العزيز والمأمون.
[2] فتوح البلدان: ص 44.
[3] بحار الأنوار، ج29، ص358.
[4] سورة مريم، الآية 6+ سورة النمل، الآية: 16.
تعليق