بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كان لديها مواظبة واهتمام شديد بزيارة قبر ابيها صلى الله عليه واله بعد وفاته، فتقول عنده:
فَلَأَجْعَلَنَّ اَلْحُزْنَ بَعْدَكَ مُؤْنِسِي
وَلَأَجْعَلَنَّ اَلدَّمْعَ فِيكَ وِشَاحِيَا
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدٍ
أَنْ لاَ يَشَمَّ مَدَى اَلزَّمَانِ غَوَالِيَا
ولم تتركها إلّا بشهادتها سلام الله عليها، ايضا كانت تزور قبر عمها حمزة بن عبد المطلب رحمه الله فقد ورد عن عليّ بن الحسين، عن أبيه: ((أنّ فاطمة بنت النبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم كانت تزور قبر عمّها حمزة كلّ جمعة، فتصلّي وتبكي عنده)) [1]، فكان لديها برنامج للزيارة بعد وفاة ابيها خاص ودقيق ومؤقت بأوقات تعود من خلالها الذكريات الى ما كانت مع رسول الله! وكيف كان يحنو عليها! وكيف كان يحبها! وكان وكيف كان يحترمها! وكيف كان يعظمها! وكيف كان يهتم بها اهتماما شديدا!.
برنامج الزيارات من قبل السيدة الزهراء سلام الله عليها هو التوديع والتأكيد، فكانت سلام الله عليها تودع عليا والحسن والحسين وزينب والخيار من أمة الاسلام الذي التزموا بخط امير المؤمنين عليه السلام من بعد رسول الله صلى الله عليه واله، وكانت تؤكد دائما وابدا على ثوابت الاسلام وليس فقط بالقول إنما بالفعل، ويجب أن لا يغيرها أحد ويبدلها، خاصة في موضوع الوصية من قبل رسول الله صلى الله عليه واله بولاية علي من بعده في يوم غدير وفي المناسبات الاخرى، وقد نقضوا هذا العهد وهذه الوصية وهي وصية ربانية أولا وبالذات وحرفوا ذلك الامر، وايضا اجروا تحريفات حول قبر النبي صلى الله عليه واله فهي سلام الله عليها اصرت في تلك المجالس مجالس الزيارة والعزاء بالنوح والندب على ابيها صلى الله عليه واله عند قبره وفي بيته وفي مسجده وفي البقيع حتى في أُحد، فهذه المجالس قد آتت ثمارها وكانت تزور قبر ابيها باستمرار والميزة في تلك زيارة البقيع هي بكاءها وندبها لأبيها، وايضا تزور عمها حمزة رضوان الله عليه والشهداء في أُحد كل اثنين وخميس كما ورد عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((عَاشَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ بَعْدَ أَبِيهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً لَمْ تُرَ كَاشِرَةً وَلاَ ضَاحِكَةً تَأْتِي قُبُورَ اَلشُّهَدَاءِ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ اَلْإِثْنَيْنَ وَاَلْخَمِيسَ فَتَقُولُ هَاهُنَا كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ هَاهُنَا كَانَ اَلْمُشْرِكُونَ)) [2]، مثل ما عودها الرسول صلى الله عليه واله على صيام الاثنين والخميس فهي درجت والتزمت بذلك، فهما عزيزان عليها، لتأسيس الرسول صلى الله عليه واله هذا الفعل وطبعا هذين اليومين لهما الأثر الكبير واللذين كما ورد في الروايات تعرض اعمال العباد على رسول الله صلى الله عليه واله وفيهما تفتح ابواب الجنة كما ذكر العلامة الحلي[3] .
فهي بهذا الفعل وبهذا الالتزام كأنها تقول صلوات الله عليها إنّ هذه الدماء الطاهرة التي سقطت في أُحد واغلاها دماء بني هاشم التي سقطت في أُحد وبدر من قبل، وجهود المسلمين الاوائل متواصلة في هذا الفتح الاسلامي وبناء الدولة الإسلامية وكان اهتمام الرسول صلى الله عليه واله بهذا الامر، وقد صادرت قريش هذا الموضوع بل استحلت حرق بيوتنا وبدأت بحرق بيتي والاعتداء عليَّ فكأنها تقول هذا هو أبي المؤسس لهذه الامة والذي يشهد على أعمالها وهذا حمزه عمي الذي ناصر أبي ودافع عنه وهو شاهد هنا من هذا الموقع من قبره شاهد على هذه الامة وذاك عليٌّ زوجي وزير أبي ووصيه والذي قام الاسلام على اكتافه فهو يتجرع الغصص من ابي بكر وعمر وقريش ويجبرونه على أن يبايعهم وإلّا يقتلوه وايضا ذاك ابن عمي جعفر الطيار الذي استشهد في مؤتة دفاعا عن الاسلام.
________________________________________
[1] عوالم العلوم، ج 11، ص 268.
[2] الكافي، ج 3، ص 228.
[3]منتهى المطلب للعلامة الحلي، ج 2، ص 614.
تعليق