بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
عندما نقلب صفحات التاريخ المؤلم لحياة السيدة الزهراء سلام الله عليها خصوصا بعد حادثه الدار وكسر ضلعها واسقاط جنينها، فكانت متألمة ناحلة ذابلة شاحبة قد اعتصرها الألم وهي تخفيه، فمضت تلك الايام وجاء وقت الفراق حيث أنّها كانت في غرفتها.
دعونا نتصور تلك اللحظات في البيت العلوي كيف كان امير المؤمنين عليه السلام يرى ألم فاطمة عليها السلام واعتزالها القوم وشكايتها مما مرت به، وكيف بالحسن والحسين وزينب عليهم السلام يرون هذه الآلام عند أمهم ولا يقدرون على صنع شيء، فجاءت لحظات الفراق وهي ممددة على ذلك الفراش وتودع هذه الحياة بتلك الآلام التي مرت عليها، وعندها أسماء بنت عُميس وقد اشتكت لأسماء ما بها من نحول وذهاب لحمها، فأرادت منها بتلك العبارات المختلجة أن تشير عليها بشيء لأنها محتارة فإنّ المسلمين في ذلك الوقت كانوا عندما يموت الإنسان يضعونه على محمل من سعف النخيل ويغطى الميت بغطاء كأن يكون عباءته أو ما شابه، والزهراء لم ترد للناس أن ترى كيف اصبحت كالهيكل العظمي ولا تريد للناس ان تنظر حتى الى محملها، فأشتكت الى أسماء مثل هذا الامر؛ فقالت لها أسماء عندما كنا في الحبشة رأينا أنّ الناس يصنعون شيئا وهو يسمى بالنعش فأصنع لكِ نعشا وأنت تعطيني رأيك فيه، فدعت أسماء بسرير وجاءت بجرائد للنخل وشدتها على قوائم السرير وجللت هذا السرير بثوب فقالت لها هكذا رأيتهم يصنعون فقالت السيدة الزهراء عليها السلام اصنعي لي مثل ما كانوا يصنعون واستريني سترك الله من النار.
وهنا ذلك الوداع الذي حصل من قبل السيدة الزهراء عليها السلام وبعد أن فارقت الحيا جاء الحسنان وحاولا ان يكلما أمهما ولم تتكلم معهما لأنها فارقت الحياة، واقع مؤلم شديد الألم مثل ما تتحدث عنه هذه الرواية:
ذَكَرَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ:
((..قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَتْ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَقَّتْ أَسْمَاءُ جَيْبَهَا وَخَرَجَتْ فَتَلَقَّاهَا اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ فَقَالاَ أَيْنَ أُمُّنَا فَسَكَتَتْ فَدَخَلاَ اَلْبَيْتَ فَإِذَا هِيَ مُمْتَدَّةٌ فَحَرَّكَهَا اَلْحُسَيْنُ فَإِذَا هِيَ مَيِّتَةٌ فَقَالَ: يَا أَخَاهْ آجَرَكَ اَللَّهُ فِي اَلْوَالِدَةِ وَخَرَجَا يُنَادِيَانِ يَا مُحَمَّدَاهْ يَا أَحْمَدَاهْ..
أَوْصَتْ وَهِيَ تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ..
يَا عَلِيُّ أَنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ زَوَّجَنِيَ اَللَّهُ مِنْكَ لِأَكُونَ لَكَ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ أَنْتَ أَوْلَى بِي مِنْ غَيْرِي حَنِّطْنِي وَغَسِّلْنِي وَكَفِّنِّي بِاللَّيْلِ وَصَلِّ عَلَيَّ وَاِدْفِنِّي بِاللَّيْلِ وَلاَ تُعْلِمْ أَحَداً وَأَسْتَوْدِعُكَ اَللَّهَ وَأَقْرَأُ عَلَى وُلْدِيَ اَلسَّلاَمَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ ..
فَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَنَادَى هَذِهِ بِنْتُ نَبِيِّكَ فَاطِمَةُ أَخْرَجْتَهَا مِنَ اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلنُّورِ فَأَضَاءَتِ اَلْأَرْضُ مِيلاً فِي مِيلٍ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَدْفِنُوهَا نُودُوا مِنْ بُقْعَةٍ مِنَ اَلْبَقِيعِ إِلَيَّ إِلَيَّ فَقَدْ رُفِعَ تُرْبَتُهَا مِنِّي فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ بِقَبْرٍ مَحْفُورٍ فَحَمَلُوا اَلسَّرِيرَ إِلَيْهَا فَدَفَنُوهَا فَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى شَفِيرِ اَلْقَبْرِ فَقَالَ يَا أَرْضُ اِسْتَوْدَعْتُكِ وَدِيعَتِي هَذِهِ بِنْتُ رَسُولِ اَللَّهِ..))،بحار الأنوار، ج 43، ص: 214 .
هكذا يا موالي كان وداع الزهراء عليها السلام وقد حضر وداعها والصلاة عليها فقط سبعة من الذين ثبتوا مع أمير المؤمنين عليه السلام وهم أبو ذر وسلمان والمقداد وعمار وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وفي رواية الامام هو يقول: كنت إمامهم وا أسفاه على ما جرى على السيدة الزهراء عليها السلام.
ويقال أنّ الأمير في تلك الليلة بعد دفنها صنع ما يقارب الاربعين قبر أو أكثر من ذلك لكي لا يعلم أين هو والى الآن لم يعلم.
لكن قول الرسول صلى الله عليه واله ((مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ اَلْجَنَّةِ))، من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص:568. يعتقد أنّ السيدة الزهراء مدفونة هناك. فتصوروا ذلك الحال أنّ السيدة الزهراء تودع هذه الدنيا والمسلمين ليسوا حاضرين في تشييعها ووداعها فكيف كان الوضع المؤلم الذي مر به البيت العلوي في تلك الساعات وفي تلك اللحظات.
اعظم الله لكم الأجر بشهادة مولاتنا السيدة الزهراء عليها السلام
تعليق