اللهم صل على محمد وآل محمد
من بين الأعمال العبادية المختلفة تمتاز الصلاة بخصوصية معيّنة بحيث يُعبِّر عنها النبي الكريم (ص) وأمير المؤمنين (ع) بـ "عمود الدين".
ويُستنبط من هذا التعبير النبوي والعلوي أنّ الصلاة، وفقاً لثقافة الوحي الإلهي، هي عمود الدين.
ولمّا كان كلام الله عزّ وجلّ منسجماً ومتناسقاً من أوّله إلى آخره، وقد عبّر عن صيانة عمود الدين والمحافظة عليه وصحته وسلامته بـ "الإقامة"، فإنّ أغلب آيات القرآن نزلت في قالب الإقامة لا في صورة التلاوة والقراءة ({أَقِيمُوا الصَّلَاةَ})
وذلك لأنّ العمود غير قابل للتلاوة والقراءة بل هو ممّا يُقام، فالذي يكتفي بتلاوة الصلاة فهو -في الواقع- يقرأ وصفة بناء العمود، لا أنّه يُقيم ذلك العمود، وقال الرسول الأكرم (ص) أيضاً: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بُعداً"
فالصلاة التي تكون "عمود الدين" والتي تُقام ولا تكون مجرّد ألفاظ تتلى، هي التي تستطيع إطفاء نار الذنوب، فهناك مَلَكٌ يُنادي من قبل الله عندما يحضر وقت كلّ صلاة: "أيّها الناس! قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفؤوها بصلاتكم"
فحيث إنّ الصلاة هي كوثرٌ ونبعٌ يتفجّر في مدخل منزل المصلّي فهو يغتسل منه خمس مرّات في اليوم والليلة، فإمّا أنّه لا يتدنّس بالذنوب أو أنّه إذا تدنّس فإنّه يتطهر منها بسرعة...
إنّ التعبير بـ {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} بدلاً من "صلّوا" قد يكون فيه إشارة إلى إقامة وإحياء الصلاة في المجتمع والإتيان بحقّ الصلاة عن طريق التقيّد بشروطها الظاهريّة والباطنيّة لا سيما حضور القلب وخشوعه ممّا يُمثّل روح الصلاة...
-------------
المصدر: كتاب "تسنيم في تفسير القرآن" للشيخ جوادي آملي
تعليق