نعم , انها فاطمة وما ادراك ما فاطمة ؟!!
لعل سائل يقول : لماذا هذه العلاقة مع فاطمة الزهراء ؟ لماذا هذا الجنون في حب فاطمة الزهراء ؟ لماذا هذا العزاء والبكاء ؟
نقول : لان فاطمة ذابت في حب الخالق المعبود فذاب الخلق والعباد فيها . ولأنها ضحت في سبيل ربها وعقيدتها بحياتها وهي خير نساء الكون والوجود . نعم , هي شمس الوجود , وزهراء الكون , وهدية الخالق تعالى الى حبيبه المصطفى صلى الله عليه واله .
فماذا نقول فيها والكلمات تخجل من وصفها , والحروف تتبعثر كلما اردنا بيان فضلها ومقاماتها , والمعاني تخرس كلما حاولت استيعاب شخصها وشخصيتها , كأنها خلقت كما تريد في كل كمالاتها , ولذا فهي فوق ما نتصور او نتعقل .
وصدق الشاعر حينما يقول في شانها :
خجلا من نور بهجتها * تتوارى الشمس في الأفق
وحياء من شمائلها * يتغطى الغصن في الورق
أن السيدة الصديقة كانت الذروة في كل شيء.. في العصمة، والعبادة، والطاعة لله ولرسوله ولولية، وكانت البنت النموذجية، والزوجة النموذجية، والأم النموذجية، والعابدة النموذجية، والمضحية النموذجية، وكانت - ولا زالت - معدن الرحمة والرأفة والعطاء وجميع ما يتصوره الإنسان في الإنسان الكامل.
انها شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، المغروسة في الحرم من كرم، فشمخت أغصانها، وسمت أفنانها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها، فأظلت الورى، وأحاطت بما في الثرى.
انها نسمة من أصل زكي وفرع سمي و نمي : ﴿ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
وهي في البداية نقطة الوحدة، وفي النهاية كوثر الكثرة، فصدرت منها المعارف والحكم; لأنها أم الكتاب، وعلمها ربها من العلوم ما لم تعلم، وإنها الجنة التي (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) والنحلة التي اتخذت لها بيوتا من الشجر ومما يعرشون، فعم الورى نفعها، وجعلها « في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ » ، فهي النعمة التامة، والرحمة العامة، وعيبة المعرفة، ووعاء المشيئة، بنت النبوة، وعصمة المروة، الصحيفة المتلوة، والمرأة المجلوة، دليل الهداية، وزميل الولاية.
نور السماوات السبع، وزين الفواطم التسعة، الكريمة الجليلة، والسماء الظليلة، والعين الغزيرة، والروضة المطيرة، والأمانة المعروضة، والمودة المفروضة، والساعة المستجابة، والبضاعة المرجوة، والطاهرة المطهرة، والممتحنة الصابرة، والليلة المباركة، والقدر التي خير من ألف شهر، باب الإيمان، ووسيلة الرضوان، أم الكتاب، وفصل الخطاب، صدف الفخار، وغرة شمس النهار، صاحب القبة الحمراء في حضيرة القدس، وتفاحة الخلد، والمصباح المنير في مشكاة الوجود، والزجاجة المضيئة في عالمي الغيب والشهود، وليدة الإسلام، والمعصومة من الآثام، قرار القلب، وقدوة الرب، وشرف الأم، والشريفة من الأب، خاصة الرسول، والحصان البتول، بضعة المصطفى، وزوجة المرتضى، ولن تشذ عن رسول الله لحمته; لأنها شجنته ومهجته وروحه وحقيقته ونفسه وكريمته، عين الحياة، وسفينة النجاة، وذريعة الهداة، وشفيعة العصاة، خامسة أصحاب الكساء، زهرة الزهراء بين الشمس والقمر، التي برها خير العمل، والأعمال منه تقبل، أمة الله الزكية، وآنية الله النقية، ونفس الله القائمة في حقيقة العلوية، أم القرى الإمكانية، والقوة القاهرة في قوى الإنسانية، سماء الكواكب الدرية من الأئمة المهدية، والرجال الإلهية، ثمال الشيعة الإثنا عشرية، ورجاء الفرقة الإمامية ، المكية المدنية، والحجازية التهامية، والهاشمية القرشية، قرة العين، وإحدى المخلفتين، أم السبطين، وأكبر حجج الله على الخافقين، ريحانة سدرة المنتهى، وكلمة التقوى، والعروة الوثقى، وستر الله المرخى، والسيدة العظمى، ومريم الكبرى، والصلاة الوسطى , والإنسية الحوراء، التي بمعرفتها دارت القرون الأولى، وكيف أحصي ثناءها، وإن فضائلها لا تحصى، وفواضلها لا تقضى، البتول العذراء، والحرة البيضاء، أم أبيها وسيدة شيعتها وبنيها، ملكة الأنبياء، الصديقة فاطمة الزهراء.
فسلام عليها يوم ولدت حوراء انسية , ويوم استشهدت دفاعا عن الاسلام والولاية , ويوم تبعث حية راضية مرضية .
--------------------
السيد فاضل الموسوي الجابري
النجف الاشرف 12 جمادي الاول 1445هـ
تعليق