بسم الله الرحمن الرحيم
الاسراء والمعراج / 3
ثمّ مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيّب ولحم خبيث، يأكلون اللحم الخبيث ويدعون الطيّب، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال وهم من أمّتك يا محمّد، ثمّ رأيت ملكاً من الملائكة جعل الله أمره عجباً، نصف جسده من النار والنصف الآخر ثلج، فلا النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار، وهو ينادي بصوت رفيع ويقول: سبحان الذي كفّ حرّ هذه النار فلا تذيب الثلج، وكفّ برد هذا الثلج فلا يطفئ حرّ هذه النار، يا مؤلف بين الثلج والنار ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين.الاسراء والمعراج / 3
فقلت: من هذا يا جبرائيل؟ فقال: هذا ملك وكّله الله بأكناف السماء وأطراف الأرضين، وهو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق، ورأيت ملكين يناديان في السماء أحدهما يقول: (اللهمّ أعط كلّ منفق خلفاً) والآخر يقول: (اللهمّ أعط كلّ ممسك تلفاً)، ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل يقرض اللحم من جنوبهم، ويلقى في أفواههم، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء الهمّازون اللمّازون.
ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤوسهم بالصخر، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء، ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم، وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً، إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً. ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ، وإذا هم بسبيل آل فرعون: يعرضون على النار غدوّاً وعشيّاً، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟
ثمّ مضيت فإذا أنا بنسوان معلّقات بثُديّهن، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهنّ أولاد غيرهم، ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( اشتدّ غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطّلع على عوراتهم، وأكل خزائنهم ) .
ثمّ مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل، خلقهم الله كيف شاء، ليس شيء من أطباق أجسادهم إلاّ وهو يسبّح الله ويحمده من كلّ ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله، فسألت جبرائيل عنهم، فقال: كما ترى خلقوا، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلّمه قطّ ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتهم خوفاً من الله وخشوعاً، فسلّمت عليهم فردّوا عليّ إيماءً برؤوسهم لا ينظرون إليّ من الخشوع، فقال لهم جبرائيل: هذا محمّد نبيّ الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولاً ونبيّاً، وهو خاتم النبيّين وسيّدهم، أفلا تكلّمونه؟ فلمّا سمعوا ذلك من جبرائيل أقبلوا عليّ بالسلام وأكرموني وبشّروني بالخبر لي ولأمّتي.
ترقبوا الباقي في الحلقات القادمة انشاء الله .
تعليق