تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
أخرج الشيخان بسنديهما عن عبد الرحمن بن هرمزقال سمعت أبا عن رسول الله
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
( قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون ) (1)
أقول وهذا الحديث أخرجه مسلم بعدة أسانيد وألفاظ متقاربة فيها أختلاف في تحديد عدد النساء اللواتي طاف سليمان عليهن حيث ذكرفي رواية أنهن سبعون وفي أخرى أنهن تسعون (2)
ومثل هذا الأختلاف في عدد النساء ورد أيضاً
في الروايات المختلفة لهذا الحديث في البخاري ،
فلنستمع لما قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري
في هذا الشأن وطريقته في الجمع بين الروايات المختلفة ، قال :
{ فَمُحَصَّل الرِّوَايَات سِتُّونَ وَسَبْعُونَ وَتِسْعُونَ وَتِسْع وَتِسْعُونَ وَمِائَة ، وَالْجَمْع بَيْنهَا أَنَّ السِّتِّينَ كُنَّ حَرَائِر وَمَا زَادَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ سِرَارِي أَوْ بِالْعَكْسِ ، وَأَمَّا السَّبْعُونَ فَلِلْمُبَالَغَةِ ، وَأَمَّا التِّسْعُونَ وَالْمِائَة فَكُنَّ دُون الْمِائَة وَفَوْق التِّسْعِينَ فَمَنْ قَالَ تِسْعُونَ أَلْغَى الْكَسْر وَمِنْ قَالَ مِائَة جَبَرَهُ ..} (3)
ومع هذا التناقض الفاضح وترقيع ابن حجر
يبقى الإشكال في متن هذا الحديث غير مقتصر على الاضطراب في عدد النساء ، بل فيه إشكالات أهم بكثير : منها : كيف يذكر نبي عظيم من أنبياء الله تعالى وهو سليمان بضرورة الاستثناء بإن شاء الله فيرفض أن يقولها ؟! ،
ومن الغرائب ما ورد في أحد طرق الحديث (4) من أن سليمان ـ بعد أن ذكره صاحبه ـ لم يقل ونسى ، هذا ، في حين أن النسيان قد يقع عند عدم التذكير ، من الإنسان العادي وليس النبي المعصوم ، أما إذا ذكر الإنسان بقول الشيء، ومع ذلك لم يقله ، فهذا لا يسمى نسياناً !
والإشكال الأخر : كيف لإنسان بشر أن يطوف على مائة امرأة فيجامعهن كلهن في ليلة واحدة !
أي في عدة ساعات !
وهل يليق هذا بنبي من أنبياء الله ؟!
والإشكال الثالث : إذا كان سليمان قد ترك قول إن شاء الله عامداً في تلك الليلة ، فلم يجامع بعد ذلك أحداً من نسائه المائة في الليالي التالية :
فكيف لم تحمل أي منهن ؟ أم أنه توقف عن الجماع المدة تسعة أشهر حتى يرى نتيجة جماعاته في تلك الليلة ؟؟؟؟ !!!!
الحمد لله على نعمت الولاية ونعمت العقل
ــــــــــــ
(1) اللفظ للبخاري في صحيحه : 56 ـ كتاب الجهاد والسير / 23 ـ باب طلب الولد للجهاد .
(2) صحيح مسلم : 27 ـ كتاب الأيمان / (5) باب الاستثنا حديث 22 ـ 25
(3) فتح الباري : ج 8 / ص 281 ، ذيل شرح الحديث في : 60 باب كتاب االأنبياء / الباب رقم 40
(4) صحيح البخاري : 67 ـ كتاب النكاح / 120 ـ باب قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي .