بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
العلاقة ما بين الوالد وولده علاقة مقدسة وترتيبها يأتي بالمرتبة الثانية بعد الطاعة لله عز وجل والتي هي الهدف الاولى والأسمى عند الانسان؛ لما يريد أن يتعرف على خالقه وبارئه فهنا الانسان عندما يهتم بطاعة الله عز وجل فيلتزم بالتوجيه القرآني من خلال الآية الشريفة التي تقول: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾[1].
فمن خلال هذا التوجيه الإلهي نجد أنّ الطاعة لله عز وجل يأتي من بعدها الاحسان الى الوالدين والاحسان له شعب كثيرة ومتعددة واهمها هي الاستماع لما يرشد به الوالدين ابنائهم باعتبار أنّهم اصحاب تجربة في هذه الحياة الدنيا وهي مثقلة بالاختبارات والامتحانات والابتلاءات فيريد الابوين أن يجنبا اولادهما الوقوع بالأخطاء التي وقعا فيها بعد أن يحثا الاولاد على الاهتمام بالطاعة فيأتي الدور الى مسالة مهمة هي الاختلاط بالمجتمع.
كما ورد عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) قَالَ: ((لَمَّا اِحْتُضِرَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) جَمَعَ بَنِيهِ حَسَناً وحُسَيْناً (عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ) واِبْنَ اَلْحَنَفِيَّةِ واَلْأَصَاغِرَ مِنْ وُلْدِهِ فَوَصَّاهُمْ وكَانَ فِي آخِرِ وَصِيَّتِهِ يَا بَنِيَّ عَاشِرُوا اَلنَّاسَ عِشْرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ وإِنْ فُقِدْتُمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ اَلْخَبَرَ))[2].
وليعلم الأبناء أنّ الحياة الاجتماعيّة في الإسلام تقوم على بناء الأُلفة والوحدة والشعور بالطرف الآخر.
فالمؤمن أخو المؤمن لا فرق بينهما لونا وتكوينا وعرقا وانتماءً.
والعلاقة بين المؤمنين في الإسلام هي علاقة تحيا من خلال هدف إيجاد بناء محكم من الاتّحاد والأخوّة بين الناس.
وهو مبدأ تربوي أساسيّ من المفترض أن يُنشأ عليها الأبناء؛ وذلك لأنّه يؤسّس ويرسم مسار علاقاتهم مع الآخرين في قادم حياتهم على مستوى الكيف والنوع.
وبما أنهم النواة للمجتمع الذي تتخرج منه الأجيال والمجتمعات اللاحقة لترسم معالمها الفكرية والسلوكية، فالواجب من قبل الآباء الاهتمام الشديد بالمبادئ والأصول الحاكمة على علاقة الأبناء بالناس من حولهم وبالخصوص المؤمنين منهم.
وقد ذكرت روايات أهل البيت عليهم السلام هذه المبادئ بشكل مفصّل ودقيق نحاول أن نذكر بعضها لتكون منطلقاً سليماً لبناء ثقافة صحيحة في كيفية تعامل الأبناء مع غيرهم من الناس فمنها:
1- لقاء الناس بوجه لطيف وطلق تعلوه الابتسامة:
عن الإمام الباقر عليه السلام قال: ((تَبَسُّمُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِ أَخِيهِ حَسَنَةٌ ، وَصَرْفُ الْقَذَى عَنْهُ حَسَنَةٌ ، وَمَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ))[3].
2- محبّة الأبناء لإفراد المجتمع ما يحبّون لأنفسهم: سأل الإمام الصادق عليه السلام ما حَقُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ؟؟ فقال: ((لَهُ سَبعَةُ حُقوقٍ واجباتٍ -إلى أن قال- أَيْسَرُ حَقٍّ مِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ..))[4].
3- التربية على روحية إفشاء السلام بين الناس: عن رسول الله صلى الله عليه واله: ((وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُنْبِتُ ذَلِكَ أَفْشُوا اَلسَّلاَمَ بَيْنَكُمْ))[5].
4- القول الحسن للآخرين، لأن معاشرة المؤمنين تقوم على هذا الأساس: قال الله تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [6].
5- السعي في قضاء حوائج المؤمنين: عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: ((إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً فِي اَلْأَرْضِ يَسْعَوْنَ فِي حَوَائِجِ اَلنَّاسِ هُمُ اَلْآمِنُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ))[7].
ولكن في المقابل على الأهل أن يحرصوا من خلال الوصية الهادفة للأبناء المفعمة بالأخلاق الإسلامية الحميدة والصفات الحسنة بتضمينها المسائل السلبيّة على ألا تكون ثقافة الأبناء مبنيّة على إهانة المؤمنين، أو أذيّتهم، أو السخرية والاستهزاء بالآخرين؛ لأن فيها من مضاعفات سلبيّة جدّاً على التربية الاجتماعيّة السليمة والصحيحة للأبناء.
__________________________________________________ __
[1] سورة الإسراء، الآية: 23.
[2] مستدرك الوسائل، ج 8، ص 316.
[3] الكافي، ج2، ص188.
[4] وسائل الشيعة، ج12، ص205.
[5] مستدرك الوسائل، ج8، ص362.
[6] سورة الإسراء، الآية: 53.
[7] الكافي، ج2، ص197.