تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
كثيرا ما نتحدث مع أنفسنا ومع الاخرين عن موضوع مهم في هذه الحياة ألا وهو موضوع الرزق، فالرزق هو من أهم ما يفكر به العبد بوجوده الدنيوي، ونلاحظ أنّ الله سبحانه وتعالى ذكر آيات كثيرة بخصوص الرزق وكيف أنّه سبحانه وتعالى خلق هذا الكون وفيه مخلوقات عديدة وكل يأكل من رزقه فالله سبحانه وتعالى جعل الرزق وفيرا وكثيرا ووصفه بالنعم خصوصا أنّه عز وجل قال: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[1]. فإحصاء هذه النعم غير متيسر للإنسان، لكن صدر التحفيز الالهي لكي يبحث ويعرف هذا الرزق الذي هو كثير فيقول عز وجل في آية اخرى: ﴿هُوَالَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾[2].
فالرزق وفير وكثير ما عليك الا أنْ تكون في هذا الوجود مطيعا لله عز وجل والامور ميسرة لك.
والرزق له قسمين: قسم تحصل عليه بلا طلب، وقسم اخر تتحصل عليه من خلال الطلب، فطبعا هذا الذي بلا طلب امثاله كثيرة كالصحة والابوين والعمر أو الهدية وغيرها من الارزاق التي يتحصل عليها الانسان من دون طلب ايضا بهذا النوع هناك إمكانيات متعددة في متناول يد الانسان وهو قادر على ان يتحصل عليها ما عليه إلا أن يسعى فبحسب الولاية التكوينية لله بهذا الوجود أنّه قائم على جعل الطلب والسعي شرطا للحصول على الرزق لقوله تعالى: ﴿..فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[3]، فالسعي من خلال الانتشار شرط للحصول على هذا الرزق، والخطوة الاولى المطلوبة من الانسان عندما يكون بالغا عارفا مقدرا لما هو عليه بهذا الوجود لكي تكون حياته ميسرة عليه ان يسعى لطلب الرزق.
طبعا هذه الإرادة التكوينية تشمل جميع الكائنات الحية بالإضافة الى الانسان التي منحها القدرة على الطلب؛ فالحيوانات رزقها موجود في الطبيعة ما عليها الا أنْ تسعى لأكل هذا الرزق، لكن هناك كائنات حية الله سبحانه وتعالى لم يعطيها القدرة على طلب الرزق مثلا الاشجار والنباتات فهذه يكون رزقها بيد الله تعالى فترزق حسب المشيئة الإلهية ووفق نظام الاسباب لقوله تعالى: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾[4]، فهذا جعل إلهي بهذا الكون، ونجد الروايات الشريفة تتحدث عن مثل هذا فورد عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): ((إِنَّ اَلرِّزْقَ يَنْزِلُ مِنَ اَلسَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ عَلَى عَدَدِ قَطْرِ اَلْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُدِّرَ لَهَا وَلَكِنْ لِلَّهِ فُضُولٌ فَاسْأَلُوا اَللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ))[5]، فهذه الرواية تبيّن لنا أنّ الرزق ينزل من السماء الى الارض بعدد قطر المطر الذي لا يمكن للإنسان أن يحصيه وهذه دلالة على تعذر الاحصاء للرزق النازل للعباد من قبل الله عز وجل لكل نفس لها رزق فلا بد من أنْ تأخذ هذه النفس رزقها، لكن بحسب القانون الالهي، ففي مقدور الانسان أنْ يأخذه بالحلال وبمقدوره اذا بحث عن الحرام يأخذه بالحرام، فهو مَنْ قَسمَه لكن الطلب اختلف عند الانسان ولهذا السبب سبحانه وتعالى يحاسبه على مثل هذا الطلب ويعاتبه لأنّه مقسوم له؛ فلما ذهبت الى الحرام ولم تنتظر أو تبحث عن الحلال، فعلى الانسان أن ينتبه لمثل هذه الامور ويتمسك بالتوجيهات الإلهية عن طريق اوليائه كرواية الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): ((مَنْ طَلَبَ اَلرِّزْقَ فِي اَلدُّنْيَا اِسْتِعْفَافاً عَنِ اَلنَّاسِ وَتَوْسِيعاً عَلَى أَهْلِهِ وَتَعَطُّفاً عَلَى جَارِهِ لَقِيَ اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ مِثْلُ اَلْقَمَرِ لَيْلَةَ اَلْبَدْرِ))[6].
فهنا على الانسان أن ينتبه لمثل هذه الآيات والروايات ويبحث عن الحلال من الرزق لأنّه أمر مباح ممدوح وطاعة لله عز وجل في نفس الوقت.
__________________________________________________
[1] سورة النحل، الآية: 18.
[2] سورة الملك، الآية: 15.
[3] سورة الجمعة، الآية: 10.
[4] سورة الكهف، الآية: 84.
[5] وسائل الشيعة، ج 17، ص 53.
[6] الكافي، ج 5، ص:78 ، ح 5.
تعليق