بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
عملية الأكل مهمة لجسم الإنسان من جهة احتياج البدن للغذاء الذي يجهز الجسم بحاجاته؛ من خلال أصناف متعددة من الأغذية والتي تحوي على العناصر الضرورية لديمومة أجهزة البدن بأكملها، وبما أنّ الخالق يعلم ما ينفع لمخلوقه وما يضره، شاء عز وجل أن يرشد مخلوقه الإنسان الى آداب في الأكل تكون نافعة له ومستوفية لتيسير اموره الجسدية والحياتية، وهذه من النعم العظيمة على بني الإنسان في مسير حياته اليومية، فمنهم من ينتبه لهذا ويشكر الله سبحانه وتعالى عليها فيكون تناول الطعام والأكل عبادة لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾[1]، ومنهم من ينتبه ويعلم لكن شكره قليل لقوله تعالى: ﴿.. وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[2]، أو لا يشكر لقول الإمامِ الحسنِ عليه السلام: ((اللُّؤمُ أن لا تَشكُرَ النِّعمَةَ))[3] ، ومنهم لا ينتبه فلا يشكر فقد ورد عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى قَوْمٍ بِالْمَوَاهِبِ فَلَمْ يَشْكُرُوا فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ وَبَالاً وَاِبْتَلَى قَوْماً بِالْمَصَائِبِ فَصَبَرُوا فَصَارَتْ عَلَيْهِمْ نِعْمَةً))[4].والنتيجة أنّهم محرومون من العبادة.
ومن آداب الأكل:-
1- فقد ندب المسلم لأن يكون له نية حتى في النوم والأكل عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ قَالَ: ((يَا أَبَا ذَرٍّ لِيَكُنْ لَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ نِيَّةٌ حَتَّى فِي اَلنَّوْمِ واَلْأَكْلِ))[5]. بهذه النية تحصل على الثواب والأجر
2- فكرهت الأحاديث أن تكون آثار الاطعمة ـ وروائح بعضها ـ غير المحبذة سابقة في الحضور لصاحبها.
3- تجنب ما يزري بالشخصية، كالأكل في السوق قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: ((اَلْأَكْلُ فِي اَلسُّوقِ دَنَاءَةٌ))[6].
4- الوضوء قبل الطعام فقد روي عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكَثَّرَ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ عِنْدَ حُضُورِ اَلطَّعَامِ وبَعْدَهُ فَإِنَّهُ مَنْ غَسَلَ يَدَهُ عِنْدَ اَلطَّعَامِ وبَعْدَهُ عَاشَ مَا عَاشَ فِي سَعَةٍ وعُوفِيَ مِنْ بَلْوًى فِي جَسَدِهِ))[7].
5- التسمية: فقد سُئِلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: هَلْ يَأْكُلُ اَلشَّيْطَانُ مَعَ اَلْإِنْسَانِ فَقَالَ: ((نَعَمْ كُلُّ مَائِدَةٍ لَمْ يُذْكَرْ بِسْمِ اَللَّهِ عَلَيْهَا يَأْكُلُ اَلشَّيْطَانُ مَعَهُمْ ويَرْفَعُ اَللَّهُ اَلْبَرَكَةَ عَنْهَا ونَهَى عَنْ أَكْلٍ لَمْ يُذْكَرْ بِسْمِ اَللَّهِ كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ اَلْأَنْعَامِ ولا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اَللّٰهِ عَلَيْهِ))[8].
4- ان يأكل مما يليه، ولا يقوم بحركات ـ في أكله ـ يثير اشمئزاز الجالسين معه (كالتجشؤ).
6- إجادة المضغ والتي تعني تقليل العبء الواقع على المعدة في هضم الطعام ذلك لأنه يأتي مطحونا وشبه مهضوم بعصارات الفم.
7- الاعتدال في الأكل: فقد ورد عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ: ((لاَ تُمِيتُوا اَلْقُلُوبَ بِكَثْرَةِ اَلطَّعَامِ وَاَلشَّرَابِ فَإِنَّ اَلْقُلُوبَ تَمُوتُ كَالزَّرْعِ إِذَا أَكْثَرَ عَلَيْهِ اَلْمَاءُ))[9].
8- تخليل الأسنان لإخراج بقايا الطعام من بين الأسنان، فقد روى عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: ((تَخَلَّلُوا عَلَى أَثْرِ اَلطَّعَامِ فَإِنَّهُ مَصَحَّةٌ لِلْفَمِ واَلنَّوَاجِذِ ويَجْلِبُ اَلرِّزْقَ عَلَى اَلْعَبْدِ))[10].
وقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ((فِي اَلْمَائِدَةِ اِثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْرِفَهَا أَرْبَعٌ مِنْهَا فَرْضٌ وَأَرْبَعٌ مِنْهَا سُنَّةٌ وَأَرْبَعٌ مِنْهَا تَأْدِيبٌ فَأَمَّا اَلْفَرْضُ فَالْمَعْرِفَةُ وَاَلرِّضَا وَاَلتَّسْمِيَةُ وَاَلشُّكْرُ وَأَمَّا اَلسُّنَّةُ فَالْوُضُوءُ قَبْلَ اَلطَّعَامِ وَاَلْجُلُوسُ عَلَى اَلْجَانِبِ اَلْأَيْسَرِ وَاَلْأَكْلُ بِثَلاَثِ أَصَابِعَ وَلَعْقُ اَلْأَصَابِعِ وَأَمَّا اَلتَّأْدِيبُ فَالْأَكْلُ مِمَّا يَلِيهِ وَتَصْغِيرُ اَللُّقْمَةِ وَاَلْمَضْغُ اَلشَّدِيدُ وَقِلَّةُ اَلنَّظَرِ فِي وُجُوهِ اَلنَّاسِ))[11].
__________________________________________________ ______
[1] سورة لقمان، الآية: 12.
[2] سورة سبأ، الآية: 13.
[3] تحف العقول، ص: 233 .
[4] تهذيب الأحكام، ج 6، ص 377.
[5] وسائل الشيعة، ج 1، ص 48.
[6] مكارم الأخلاق، ج 1، ص 149.
[7] وسائل الشيعة، ج16، ص 268.
[8] جامع الأخبار ص49.
[9] مستدرك الوسائل، ج16، ص 209.
[10] مكارم الأخلاق، ج 1، ص 149.
[11] إقبال الأعمال، ج 1، ص 112.
تعليق