بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
الآية الشريفة التي تقول: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ..﴾[سورة التوبة، الآية: 36].
هذه الآية تتحدث عن جملة خلق السماوات والارض والمناسب الواضح والاكثر لهذا المعنى كتاب الخلق وعالم الوجود عندما يقول في كتاب الله منذ ذلك اليوم الذي خلق الله عز وجل به السماوات والارض استقرت المجموعة الشمسية بهذا النظام الخاص وحدثت السنين والاشهر.
فبحسب الإرادة الإلهية التكوينية السنة عبارة عن دوران الارض حول الشمس دورة كاملة، والشهر دوران القمر حول الارض دوره كامله وحقيقة هذا الامر أنّه تقويم طبيعي وهو تقويم قيّم ولا يمكن أنْ يتغير إلا بإرادة إلهية، وهو يمنح الحياة للناس جميعا بنظام طبيعي على وجه الدقة يبين لهم ايامهم وشهورهم وسننيهم، طبعا هذا التنظيم الدقيق بهذا التقويم نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى على البشر.
وعليه كان العرب يوقتون بالقمر قبل الاسلام والشهر القمري والمدة التي من خلالها تكون هناك دورة كاملة للقمر حول الارض وتقاس عادة من مولده الى مولده التالي احيانا يكون 30 يوما واخرى يكون 29 يوما، وهذا المولد يبدأ بوقوع القمر بين الارض والشمس في خط مستقيم.
يقول السيد محمد حسين الطبطبائي في تفسيره: (فقد كان الإِنسان يشاهد تحول السنين ومرورها بمضي الصيف والشتاء والربيع والخريف وتكررها بالعود ثم العود ثم تنبهوا لانقسامها إلى أقسام هي أقصر منها مدة حسب ما ساقهم إليه مشاهدة اختلاف اشكال القمر من الهلال إلى الهلال، وينطبق على ما يقرب من ثلاثين يوماً وتنقسم بذلك السنة إلى اثني عشر شهراً) [تفسير الميزان، ج 9، ص149] واعطى الاعراب قبل الاسلام اسماء خاصة للشهور غير هذه التي نستخدمها الآن واستخدموا ثلاث سلاسل منها قبل ان يستقروا على الاسماء المعروفة بها الآن والتي هي قبل البعثة ب 200 عام يعني سلسلة من الاسماء بدلوها الى سلسلة اخرى وثالثا بدلوها الى سلسلة أخيرة، وجاءت الاسماء الأخيرة نتيجة لما تأثر به العرب في هذه المسميات للشهور، فنحن بصدد ذكر شهر جمادى وقادمون على شهر جمادى الأخرة وهناك خطا شائع عند الكثير من العرب في كتابة شهر جمادى فيكتبونه جمادى الثانية وهذا ليس بصحيح والصحيح أن يقال جمادى الآخرة ولا يقال جمادى الثانية لأنّه عندما تقول ثانية هذا يوحي الى أنّ هناك ثالثة ورابعة وهكذا سيكون اكثر من جمادى.
وسبب هذه التسمية بحسب القراءة التاريخية أنّ المياه كانت تتجمد في ذلك الوقت بسبب البرودة الشديدة ويبدو عند بداية هذه التسمية كان المناخ في فصل الشتاء وكان البرد زمهريرا؛ لأن الجزيرة العربية عبارة عن صحراء قاحلة وكانت الناس تموت من الزمهرير في الشتاء وهذا ليس بغريب لأنّه في سنة 226 للهجرة قتل عدد كبير من العرب نتيجة للزمهرير الذي حدث في ذلك الوقت.
قبل ذلك أطلق قوم ثمود على جمادى اسم هوبر فيما أطلق عليه العرب ورنة والجمع ورنات اي أكثر من التدهن والتنعم، فهذه اسماء ومسميات كانت معروفة قبل.
ويقال ايضا أنّ اول من سمى هذه الاشهر كعب بن مرة الجد الخامس لرسول الله صلى الله عليه واله.
وهذه التسمية تعتبر حديثة بالنسبة للتسميات القديمة جعل العرب فيها خمسة أشهر تدل اسماؤها على الفصول فمثلا برواية الأزدي كان يسمى جمادى الاولى بحنْتَم، وحنين، ورُنّى وسماح، أما جمادى الآخرة فكانت تسمى هَوبر، زباء، وأمْنح.
وقال الشعراء فيهما القول الكثير نذكر منهما بيتين.
ليلةً هاجت جـمـاديةً*********ذات صرِّ جربياء النَّسام
للشاعر الطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ الطائي شاعر شيعي ومن أصحاب الإمام علي (عليه السلام)
في ليلةٍ مِن جُمادَى ذَاتِ أَندِيةٍ**********لا يُبصر الكلبُ من ظلمائها الطُنُبا.
للشاعر مُرّة بن مَحْكان السعدي (ت. 690 م).
تعليق