بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قواعد الحياة السعيدة:
إن كلمة السعادة عنوان مثير!.. عادةً عناوين بعض المجلات، وبعض الأفلام، وبعض الندوات؛ يختارون كلمة السعادة، حتى في باقي اللغات الأجنبية، إذا أرادوا أن يستقطبوا الجمهور، يستعملون هذهِ اللفظة كثيراً؛ لأن الكل يبحث عن هذهِ السعادة المفقودة.. قلَّ ما يوجد إنسان سعيد بالمعنى الواقعي على وجه الأرض، قد يقول قائل: ما هذا الذي نراه في بلاد الغرب، الناس يسرحون ويمرحون؟.. لا، هؤلاء قوم متلذذون، فالتلذذ شيء والسعادة شيء آخر.. والدليل على ذلك أن بين التلذذين يعيش حالة من حالات الخدر وكراهة النفس، نعم تنتهي اللذة يرجع إلى بيتهِ وهو كئيب حزين.. بعض المؤمنين عندما يرجع من بلاد بعيدة فيها تسلية، يقول: يا ليتني لم أذهب!.. لأنه في النهاية رجعتُ إلى منزلي، لأشم هذا الغبار، وأعيش بهذهِ الحرارة وانتهى الأمر.. هذا تلذذ.. أما السعادة، فهي أمر ما وراء التلذذ.
إن رب العالمين جعل أدوات التلذذ أدوات حسية، هنالك قنوات لاكتشاف أو لجذب التلذذ: العين ترى المناظر الجميلة تتلذذ، الأنف يشم، يستذوق الطعام باللسان.. إذن، إن كل هذهِ المظاهر التلذذية، تجري على هذهِ المنافذ الخارجية.. أما السعادة أمر آخر ما وراء التلذذ.. إذن، ما هو تعريف السعادة؟
إن هنالك ثلاثة تعاريف للسعادة: التعريف الأول: إن البعض يرى أن السعادة هي في أن يحقق الإنسان كل أمانيه في هذهِ الحياة.. وكما هو معروف: فإن وراء كل خيبة أمل، انتكاسة باطنية.. كلما كثرت الانتكاسات الباطنية، الإنسان يصبح مريضاً نفسياً.. فالذي عندهُ آمال وطموحات كبيرة في الحياة ولا يحققها، هذا إنسان يبتلى بالمرض النفسي أخيراً.. أما الإنسان البسيط الذي لهُ طموحات بسيطة، هذا الإنسان لا يصاب بخيبة أمل كبيرة، لأنهُ ليس لهُ طموح كبير.. ولهذا نحنُ في حياتنا اليوم نسمع عن الانهيارات العصبية وغيره، أما قديما فلم يكن هناك ما يعرف بمستشفيات الطب النفسي، هذهِ الأيام هنالك إحصائيات تقول: إن الكثيرين مبتلون بالمرض النفسي، لكنهم لا يراجعون المصحات؛ خوفا على الوجاهة الاجتماعية.. ولهذا بعضهم يتسلل سراً إلى بعض الصيدليات، ويطلب بعض الأدوية المنومة والمخدرة، والجالبة لحالات دفع التوتر العصبي.. وذلك لأن الطموح، والأماني، والآمال كثيرة جداً في حياتنا هذه الأيام.. أحدنا لا يكاد يحقق نصف طموحه، والنصف الآخر يتحول إلى خيبة أمل.. وكل خيبة أمل، مقدمة للانتكاسة الباطنية.
التعريف الثاني: إن قوما يرون بأن السعادة هي عبارة عن التلذذ المستمر، ولهذا ترى بعض الأغنياء والمترفين يبرمج حياتهُ: يوم صيد، ويوم قنص، ويوم سفر، ويوم ليلة حمراء، ويوم طعام هنيء، وهكذا.. المهم لا يترك في أيام حياتهِ ساعة ليست فيها لذة، من يقدر على هذا؟.. حتى الملوك وأبناء الملوك، لا يمكنهم أن يصبغوا حياتهم كلها بصبغة التلذذ؛ لأنه لو فرضنا جدلاً هذا الإنسان لهُ في كُلِّ ساعة لذة، ولكن بعدَّ تقدم العمر فإن أدوات التلذذ عندهُ تتهاوى.. هذهِ الشهوة: شهوة الطعام، وشهوة النساء، كل هذهِ الشهوات في طريقها إلى الأفول.. وعليه، فإن معنى ذلك أن هذا الإنسان سوف يفقد أدوات التلذذ، بعد فترة من مضي العمر عليه.
التعريف الثالث: إن السعادة على ما نفهمهُ نحنُ بنظرة واقعية، أن يكون للإنسان هدف ومحور حقيقي، وهو يسعى تجاه هذا المحور.. إنسان لهُ هدف، وهذا الهدف هدف مقدس، وليس هدفاً حيوانياً.. هدفه يتناسب مع فطرتهِ، ومع عقلهِ، وفي كل يوم يخطو خطوة إلى الأمام.. مثلا: إنسان هدفهُ أن يبني قصراً، أو منزلا كي يصل إلى الفتاة الفلانية، لأن والدها اشترط عليه أن يمتلك شقة.. هذا الإنسان عندما يشتري سيارة فيها طابوق مثلاً، ويبدأ ببناء هذا المنزل، حقيقةً يعيش السعادة؛ لأنهُ جعل في بالهِ أن السعادة هيَّ هذهِ.. هذهِ الطابوقة البسيطة تقدمهُ خطوة إلى تلك السعادة المنشودة.. المؤمن هكذا، المؤمن هدفهُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}، {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}.. هذا هو الهدف، عندئذٍ ركعة من صلاة الليل، تحقق لهُ هذا الهدف.. ودينار يُعطيها لفقير؛ يحقق هذا الهدف.
إن المؤمن يبحث عن الأعمال الشاقة نسبياً؛ لأنهُ كُلما تقدمَّ في الطاعة خطوة، رأى بأن هذهِ لبنة في ذلك الصرح العظيم.. رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في السماء في رحله المعراج ملائكة يبنون قصراً لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ثم رآهم وهو نازل قد توقفوا عن البناء فسأل: لماذا توقفوا؟.. قيل له: إنهم يبنون القصر لرجل يذكر الله، فلما توقف عن الذكر توقفوا عن البناء في انتظار أن يعاود الذكر ليعاودوا البناء).. كلما قال الإنسان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. فإن أعماله تتحول إلى لبنات من ذهب وفضة، ويبنى ذلك البناء.. فالمؤمن في حركتهِ التصاعدية التكاملية، هو:
أولاً: لهُ محور واحد في حياته.. وأمير المؤمنين (ع) يصف هذا المحور بقوله: (قد خلع سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم إلاّ هماً واحداً انفرد به)؛ أي لهُ هم واحد في الحياة، كل الهموم أمامهُ صغيرة، (عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم).. إذن، أول خصوصية للمؤمن أن لهُ محورا يسعى إليه، منذُ أن كُلف وهو يسعى نحو هذا المحور.
ثانياً: كلما أنجزَ مهمةً: صلى فريضةً بخشوع، أو أقام نافلة، أو دفعَ صدقةً، أو ذهب إلى بيت الله عز وجل؛ يعيش حالة النشاط المستمر، لعلمهِ أن هذهِ الحركة تحقق لهُ تلك الأهداف المنشودة
اللهم صل على محمد وآل محمد
قواعد الحياة السعيدة:
إن كلمة السعادة عنوان مثير!.. عادةً عناوين بعض المجلات، وبعض الأفلام، وبعض الندوات؛ يختارون كلمة السعادة، حتى في باقي اللغات الأجنبية، إذا أرادوا أن يستقطبوا الجمهور، يستعملون هذهِ اللفظة كثيراً؛ لأن الكل يبحث عن هذهِ السعادة المفقودة.. قلَّ ما يوجد إنسان سعيد بالمعنى الواقعي على وجه الأرض، قد يقول قائل: ما هذا الذي نراه في بلاد الغرب، الناس يسرحون ويمرحون؟.. لا، هؤلاء قوم متلذذون، فالتلذذ شيء والسعادة شيء آخر.. والدليل على ذلك أن بين التلذذين يعيش حالة من حالات الخدر وكراهة النفس، نعم تنتهي اللذة يرجع إلى بيتهِ وهو كئيب حزين.. بعض المؤمنين عندما يرجع من بلاد بعيدة فيها تسلية، يقول: يا ليتني لم أذهب!.. لأنه في النهاية رجعتُ إلى منزلي، لأشم هذا الغبار، وأعيش بهذهِ الحرارة وانتهى الأمر.. هذا تلذذ.. أما السعادة، فهي أمر ما وراء التلذذ.
إن رب العالمين جعل أدوات التلذذ أدوات حسية، هنالك قنوات لاكتشاف أو لجذب التلذذ: العين ترى المناظر الجميلة تتلذذ، الأنف يشم، يستذوق الطعام باللسان.. إذن، إن كل هذهِ المظاهر التلذذية، تجري على هذهِ المنافذ الخارجية.. أما السعادة أمر آخر ما وراء التلذذ.. إذن، ما هو تعريف السعادة؟
إن هنالك ثلاثة تعاريف للسعادة: التعريف الأول: إن البعض يرى أن السعادة هي في أن يحقق الإنسان كل أمانيه في هذهِ الحياة.. وكما هو معروف: فإن وراء كل خيبة أمل، انتكاسة باطنية.. كلما كثرت الانتكاسات الباطنية، الإنسان يصبح مريضاً نفسياً.. فالذي عندهُ آمال وطموحات كبيرة في الحياة ولا يحققها، هذا إنسان يبتلى بالمرض النفسي أخيراً.. أما الإنسان البسيط الذي لهُ طموحات بسيطة، هذا الإنسان لا يصاب بخيبة أمل كبيرة، لأنهُ ليس لهُ طموح كبير.. ولهذا نحنُ في حياتنا اليوم نسمع عن الانهيارات العصبية وغيره، أما قديما فلم يكن هناك ما يعرف بمستشفيات الطب النفسي، هذهِ الأيام هنالك إحصائيات تقول: إن الكثيرين مبتلون بالمرض النفسي، لكنهم لا يراجعون المصحات؛ خوفا على الوجاهة الاجتماعية.. ولهذا بعضهم يتسلل سراً إلى بعض الصيدليات، ويطلب بعض الأدوية المنومة والمخدرة، والجالبة لحالات دفع التوتر العصبي.. وذلك لأن الطموح، والأماني، والآمال كثيرة جداً في حياتنا هذه الأيام.. أحدنا لا يكاد يحقق نصف طموحه، والنصف الآخر يتحول إلى خيبة أمل.. وكل خيبة أمل، مقدمة للانتكاسة الباطنية.
التعريف الثاني: إن قوما يرون بأن السعادة هي عبارة عن التلذذ المستمر، ولهذا ترى بعض الأغنياء والمترفين يبرمج حياتهُ: يوم صيد، ويوم قنص، ويوم سفر، ويوم ليلة حمراء، ويوم طعام هنيء، وهكذا.. المهم لا يترك في أيام حياتهِ ساعة ليست فيها لذة، من يقدر على هذا؟.. حتى الملوك وأبناء الملوك، لا يمكنهم أن يصبغوا حياتهم كلها بصبغة التلذذ؛ لأنه لو فرضنا جدلاً هذا الإنسان لهُ في كُلِّ ساعة لذة، ولكن بعدَّ تقدم العمر فإن أدوات التلذذ عندهُ تتهاوى.. هذهِ الشهوة: شهوة الطعام، وشهوة النساء، كل هذهِ الشهوات في طريقها إلى الأفول.. وعليه، فإن معنى ذلك أن هذا الإنسان سوف يفقد أدوات التلذذ، بعد فترة من مضي العمر عليه.
التعريف الثالث: إن السعادة على ما نفهمهُ نحنُ بنظرة واقعية، أن يكون للإنسان هدف ومحور حقيقي، وهو يسعى تجاه هذا المحور.. إنسان لهُ هدف، وهذا الهدف هدف مقدس، وليس هدفاً حيوانياً.. هدفه يتناسب مع فطرتهِ، ومع عقلهِ، وفي كل يوم يخطو خطوة إلى الأمام.. مثلا: إنسان هدفهُ أن يبني قصراً، أو منزلا كي يصل إلى الفتاة الفلانية، لأن والدها اشترط عليه أن يمتلك شقة.. هذا الإنسان عندما يشتري سيارة فيها طابوق مثلاً، ويبدأ ببناء هذا المنزل، حقيقةً يعيش السعادة؛ لأنهُ جعل في بالهِ أن السعادة هيَّ هذهِ.. هذهِ الطابوقة البسيطة تقدمهُ خطوة إلى تلك السعادة المنشودة.. المؤمن هكذا، المؤمن هدفهُ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}، {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}، {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}.. هذا هو الهدف، عندئذٍ ركعة من صلاة الليل، تحقق لهُ هذا الهدف.. ودينار يُعطيها لفقير؛ يحقق هذا الهدف.
إن المؤمن يبحث عن الأعمال الشاقة نسبياً؛ لأنهُ كُلما تقدمَّ في الطاعة خطوة، رأى بأن هذهِ لبنة في ذلك الصرح العظيم.. رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في السماء في رحله المعراج ملائكة يبنون قصراً لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ثم رآهم وهو نازل قد توقفوا عن البناء فسأل: لماذا توقفوا؟.. قيل له: إنهم يبنون القصر لرجل يذكر الله، فلما توقف عن الذكر توقفوا عن البناء في انتظار أن يعاود الذكر ليعاودوا البناء).. كلما قال الإنسان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. فإن أعماله تتحول إلى لبنات من ذهب وفضة، ويبنى ذلك البناء.. فالمؤمن في حركتهِ التصاعدية التكاملية، هو:
أولاً: لهُ محور واحد في حياته.. وأمير المؤمنين (ع) يصف هذا المحور بقوله: (قد خلع سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم إلاّ هماً واحداً انفرد به)؛ أي لهُ هم واحد في الحياة، كل الهموم أمامهُ صغيرة، (عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم).. إذن، أول خصوصية للمؤمن أن لهُ محورا يسعى إليه، منذُ أن كُلف وهو يسعى نحو هذا المحور.
ثانياً: كلما أنجزَ مهمةً: صلى فريضةً بخشوع، أو أقام نافلة، أو دفعَ صدقةً، أو ذهب إلى بيت الله عز وجل؛ يعيش حالة النشاط المستمر، لعلمهِ أن هذهِ الحركة تحقق لهُ تلك الأهداف المنشودة