بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
المدينة المنورة هي يثرب التي شرفت بهجرة رسول الله صلى الله عليه واله اليها وتحولت من واحة يسكنها الاوس والخزرج واليهود وكانت معبرا لقوافل قريش الى الشام، الى عاصمة رسول الله صلى الله عليه واله.
فعندما يذهب الحاج أو المعتمر الى المدينة وهي المنورة بوجوده صلى الله عليه واله سواء كان حيا أو ميتا، فالذاهب الى هناك يستشعر أنّ الرسول صلى الله عليه واله كان يصلي هنا في المسجد النبوي ويلقي بتوجيهاته ويبين التشريعات في هذا المسجد العظيم، وقد يكون في هذه البقعة خارج المسجد التي أنت تمشي فيها، فتستشعر تلك اللحظات بوجوده صلى الله عليه واله وكيف كان المسلمون يتعاملون معهم فيستبشرون عندما يرونه ويفرحون عندما يتحدثون معه وعندما يشتري من الباعة في السوق، وهكذا فشعاع بركته صلى الله عليه واله طاغٍ على تلك الاماكن الشريفة، فيكون الانسان على يقين بأنّ اقدام الرسول قد وطأة هذه المواضع جميعها فيبحث هذا الزائر عن القداسة والطهارة ويتحسسها إن كان ذو بصيرة وذو تعلق بالله وبحبيبه الرسول الاكرم صلى الله عليه واله.
بعد وفاته صلى الله عليه واله انقلب الامر واصبحت المؤامرات والدسائس هي الطاغية على تلك المدينة بالرغم من وجود امير المؤمنين والسيدة الزهراء والحسنان سلام الله عليهم، لكن الانقلاب هو الذي سيطر على تلك الاوضاع وبعد وفاة الرسول ب 95 يوما تحديدا في الثالث من جمادى الاولى كانت شهاد السيدة الزهراء عليها السلام وهي نتيجة لظلم الاول والثاني وظلم القوم لها؛ لأنهم فعلاً انقلبوا على رسول الله وعلى ما قال ووصى به، وانقلبوا على خليفته وولي الله من بعده علي بن ابي طالب عليه السلام، فكان همها وشعارها وعملها هو بيان هذه المظلومية وايضا تذكير المسلمين ببيعة الغدير، لكنهم انقلبوا واسفاه على مثل هذا.
فنجد أنّ شهادتها عليها السلام والوصية التي وصت بها امير المؤمنين عليه السلام بأنْ تدفن سرا ولا تسمح لأحد أن يعرف قبرها، وقد جعل عليه السلام شواخص كالقبر بما يقارب الاربعين قبرا.
فبعد ذلك العمر الذي بلغ 18 سنه و85 يوما غسلها الأمير عليه السلام وما حضر تلك الشعائر إلّا الحسن والحسين والسيدة زينب عليهم السلام وفضة الجارية واسماء بنت عميس فأخرجها الى البقيع في الليل وما علم بها إلّا هؤلاء ولا حضر وفاتها الا هؤلاء ولا صلى عليها أحد من سائر الناس غير هؤلاء فدفنها بالروضة وعمي موضع قبرها القبر.
وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبرا، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها، ولا تعرفوا قبرها.
وصل الامر الى امير المؤمنين فجاء مغضبا وقد احمرت عيناه وانتفخت اوداجه ولبس القباء الاصفر الذي يدسه في كل الحروب ومتوكئ على سيفه ذو الفقار فورد البقيع، ووصل الى الناس النذير ينذرهم وقال لهم: هذا علي بن ابي طالب قد اقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر.
طبعا الذي يتصدى دائما البغيض الذي يكره امير المؤمنين وهو عمر ومن معه قالوا له: ما لك يا ابا الحسن والله لننبش قبرها ولنصلين عليها، فضرب بيده الى جوامع ثوبه فهزه وضرب به الارض وقال له: يا ابن السوداء أمّا حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم وأمّا قبر فاطمة فالذي نفس على بيده لأن رمت واصحابك شيئا من ذلك لأسقين الارض من دمائكم فإن شئت فاعرض يا عمر.
بعد ذلك جاء اليه ابا بكر وقال له: يا ابا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلّا خليت عنه فإنّا غير فاعلين شيئا تكرهه، فخلى عنه وتفرق الناس ولم يعودوا الى ذلك.
فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيَّة.