اللهم صل على محمد وآل محمد
كان سليمان عليه السلام إذا قعد على كرسيه جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان فتظل الكرسي والبساط بجميع من عليه من الشمس ،
فغاب عنه الهدهد من بين الطير فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان ، فرفع رأسه ، وقال كما حكى الله :{ مالي لا أرى الهدهد } إلى قوله :{ بسلطان مبين }
أي بحجة قوية ، فلم يمكث إلا قليلا إذ جاء الهدهد فقال له سليمان : أين كنت ؟
قال :{ أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين }
أي بخبر صحيح{ إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ }
و هذا مما لفظه عام ومعناه خاص ، لانها لم تؤت أشياء كثيرة
ثم قال :{وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله }
إلى قوله :{ فهم لايهتدون }
ثم قال الهدهد :
{ ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات } أي المطر وفي{ الارض }
النبات
ثم قال سليمان :
{ سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين }
إلى قوله :{ ماذا يرجعون }
فقال الهدهد :إنها في عرش عظيم أي سرير ،
فقال سليمان :
ألق الكتاب على قبتها ، فجاء الهدهد فألقى الكتاب في حجرها فارتاعت من ذلك و جمعت جنودها وقالت لهم كما حكى الله :{ يا أيها الملا إني ألقي إلي كتاب كريم }أي مختوم
{ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين }
أي لاتتكبروا علي ،
ثم قالت :{ يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون }
قالوا لها كما حكى الله :{ نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد * والامر إليك فانظري ماذا تأمرين }
فقالت لهم :{إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة }
فقال الله عزوجل : { وكذلك يفعلون }
ثم قالت :
إن كان هذا نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنابه ، فإن الله لا يغلب ، ولكن سأبعث إليه بهدية
فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها و علمت أنه لايقدر علينا ، فبعثت إليه حقا فيه جوهرة عظيمة ، وقالت للرسول : قل له : يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار ،
فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان عليه السلام بعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها وأخرج الخيط من الجانب الآخر وقال سليمان لرسولها :
{ ما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون * ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها }
أي لا طاقة
{ ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون }
فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك وبقوة سليمان فعلمت أنه لامحيص لها ، فارتحلت وخرجت نحو سليمان ،
فلما أخبر الله سليمان بإقبالها نحوه قال للجن والشياطين :
{ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت }
من عفاريت الجن :
{ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين }
قال سليمان : أريد أسرع من ذلك ، فقال آصف ابن برخيا :
{ أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك }
فدعا الله باسمه الاعظم فخرج السرير من تحت كرسي سليمان بن داود عليه السلام فقال سليمان : { نكروا لها عرشها } أي غيروه { ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لايهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو }
و كان سليمان قد أمر أن يتخذ لها بيت من قوارير ووضعه على الماء ، ثم قيل لها : { ادخلي الصرح }
فظنت أنه ماء فرفعت ثوبها وأبدت ساقيها ، فقيل لها :
{ إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين }
فتزوجها سليمان وهي بلقيس بنت الشرح الجبيرية .( 1)
--------------------------------
(1) في نسخة: الشراحيل، وفي أخرى: الشرجيل. وفي العرائس: بنت البشرخ وهو الهذهاذ وفي المحبر والطبري: بنت اليشرح، وفي الكامل، ابنة أن يشرح وهو الهدهاد، ثم ذكروا نسبها وفيه اختلاف يطول ذكره.
البحار ج14 ص110
تعليق