بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
بحسب الإرادة الإلهية العظيمة لما الله سبحانه وتعالى خلق الانسان خلقه من ذكر وانثى بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[1].
فهنا لما تكون الإرادة الإلهية بهذا المستوى على أنّ قانون التكاثر هو الذي يجب أنْ يكون للإنسان بهذا الوجود كي يستمر النسل الإنساني ويؤدي دوره بحسب ما يختار، فهذا الوجود الانساني مرتبط بموضوع الذكر والانثى، وأهمية اختيار الانثى من قبل الذكر لكي تكون زوجة له في هذه الحياة فقد ورد عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ اَلْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((مَنْ تَزَوَّجَ أَحْرَزَ نِصْفَ دِينِهِ))[2].
فالزواج هو اكمال للدين لكن الاختيار مهم بهذا الموضوع وايضا الانسان بحسب التكوين الإلهي يحب أن يكون لديه أولاد، لكن الله سبحانه وتعالى ميّز الذكر عن الانثى كما قالت أم مريم عليهما السلام في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[3]، باعتبار أنّ الانثى لا تقدر على العمل الذي كان يجري في المعبد هذا من وجهة نظر السيدة أم مريم، والانسان بحسب نظره ايضا لما يختار بصفات تؤهل هذه المرأة أنْ تكون زوجة شريكة له في حياته وأم لأولاده تحمل وتلد وتهتم وتراعي وتنظر بعينها وقلبها الى اولادها كي يكونوا نافعين في هذا المجتمع، فرغبة الرجل بأن تكون امرأته لها دور في التربية، ولهذا السبب فإنّ امير المؤمنين عليه السلام لما اراد أن يتزوج من بعد السيدة الزهراء سلام الله عليها بحسب ما ذكره المؤرخون:
فالأقربُ أنَّ أوّلَ زوجةٍ للإمامِ بعدَ الصدّيقةِ هيَ أمامةُ بنتُ زينب، تزوّجَها بعدَ أيّامٍ يسيرةٍ مِن شهادةِ الصدّيقةِ تطبيقاً لوصيّتها، ثمَّ بعدَها تزوّجَ بالسيّدةِ أمِّ البنين (عليها السلام).
وذكروا أنَّ أميرَ المؤمنين (عليهِ السلام) قالَ لأخيه عقيل: ((انظُر إلى امرأةٍ قد ولدَتها الفحولةُ منَ العرب، لأتزوّجَها، فتلدَ لي غُلاماً فارساً))[4]، فأشارَ له على أمِّ البنين الكلابيّة، وكلامُ الإمامِ يدلُّ على أنّه يطلبُ امرأةً بالغةً راشدةً مؤهّلةً للزواجِ والإنجابِ.
والسؤال هنا ما المقصود من طلب الامير هذا وما المقصود بالفحولة فهذا ما يجب أنْ نعرفه؟
والجواب: من الناحية اللغوية كلمة الفحولة مشتقة من الفحل، وهو الذكر من كل حيوان، الذي يتمتع بالقوة، إن الفحولة في معناها ومبناها قوة، سلطة، سيطرة، وبالرجوع إلى لسان ابن منظور، نجده يربط الفحولة بالذكورة: الذكر خلاف الأنثى، ويوم مذكر يوم شديد، ورجل ذكر إذا كان قويا شجاعا أبيا، ومطر ذكر: شديد وابل، وقول ذكر متين، بل إن الذكورة تمتد إلى الشعر فيوصف بالقوة والفحولة.. فحول الشعراء..
ويوجد ربط بين المعاني المادية والمعنوية، فالذكورة في كل شيء هي متانته، صلابته وإباؤه.
فهذه المرأة ارادها الأمير عليه السلام في هذه المواصفات كي تلد له غلاما فارسا وهو العباس عليه السلام مع اخوته الثلاثة كي يكونوا مع الحسين عليه السلام، والعباس عليه السلام يكون قائدا لجيش الحسين وحاملا لرايته وضاربا لأروع امثلة الشجاعة والايثار والدفاع والالتزام بخط الولاية المتمثل بالحسين عليه السلام فكان من أكمل الأمثلة واروعها في الرجولة والشجاعة والالتزام وهذا هو الذي أراده امير المؤمنين منها بالإضافة كونها زوجة له عفيفة طاهرة نجيبة مضحية.
أعظم الله لكم الاجر بذكرى وفاه السيدة الفاضلة ام البنين عليها السلام.
_______________________________
[1] سورة الحجرات، الآية: 13.
[2] الكافي، ج 5، ص 328.
[3] سورة آل عمران، الآية: 36.
[4] عُمدةِ الطالب، ص: 357.
تعليق