إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أين هي الهدفية وأين هو الكمال إذا كان الله لا يستجيب لنا دعواتِنا؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أين هي الهدفية وأين هو الكمال إذا كان الله لا يستجيب لنا دعواتِنا؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    الله خلقنا وقال لنا في كتابه: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾، وقال لنا: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾، لماذا نحن ندعو فلا يستجاب لنا؟! نتوسل ونتضرع ونبكي وندعو ليلاً ونهارًا ولكن لا يستجاب لنا دعاؤنا؟! إذن أين هي الهدفية وأين هو الكمال إذا كان الله لا يستجيب لنا دعواتِنا؟! أين الهدفية في هذا الكون إذا لم تكن هناك إجابةٌ للدعاء؟!

    الجواب: الله أمرنا بدعائه؛ فإن الحبيب يحب أن يناجيه محبوبه، والله يحبنا، والحبيب يحب أن يسمع صوت محبوبه، وأن يرى شخص محبوبه، وأن يتناجى ويتناغى مع محبوبه، فلأن الله يحبنا لذلك يحب أن يسمع صوتنا وتضرعنا ويحب أن يرانا ماثلين بين يديه نتضرع ونتوسل إليه، لكن هناك موانع متعددة تمنع من استجابة الدعاء، ومن هذه الموانع:

    المانع الأول: الإصرار على المعصية.
    أنا مصر على عقوق الوالدين ومع ذلك أدعو ربي! مصر على غيبة المؤمنين ومع ذلك أدعو ربي! مصر على علاقة غير مشروعة ومع ذلك أدعو ربي! مصر على استماع الأغاني ومع ذلك أدعو ربي! مع أن عليًا يقول في دعاء كميل: ”اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء“، فهناك ذنوب تحبس الدعاء، وهناك ذنوب تجعل الأبواب موصدة، وهناك ذنوب تقف حواجب شديدة بين الدعوة وبين الإجابة، وأنّى للإنسان أن يصر على استجابة الدعاء وهو مصر على مزاولة الذنوب؟!

    ولذلك ورد عن الإمام الصادق : ”إذا أردتَ أن تجاب دعوتك فقف بين يدي الله واعترف بجميع ذنوبك كلها، وأقر لله بها، واستغفر الله منها، وتب إليه، وتندم وتحسّر وتأسّف، ثم ادعُ ربك بالحاجة التي تريد قضاءها، فإن الله يقضي حاجتك“.

    المانع الثاني: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    أنا أرى زوجتي لا تتحجب حجابًا إسلاميًا، ولكنني لا أقول لها شيئًا؛ لأنني أخاف أن تزعل مني! وأرى من صديقي بعض الأعمال والمعاصي، إلا أنني أخشى من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر لئلا تتأثر صداقتنا! أرى إخواني يرتكبون بعض القبائح فأستحي أن أقول لهم شيئًا! وهكذا أترك مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياءً وخوفًا وخشيةً، والقرآن ينادينا: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، وعن الرسول الأعظم : ”لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر، أو يسلطن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم“.

    إذا ترك المجتمع مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سُلِّط عليه الأشرار، ودعاء الأخيار حينئذ لا أثر له، فهي عقوبة جماعية، كما قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾، فترك الأمر بالمعروف يجر إلى عدم استجابة الدعاء.

    المانع الثالث: الكفران بالنعم.
    نحن - بحمد الله - شعوب تملك ثراء وأموالاً وبحبوبةً من العيش، حيث ننام على الوسادة الناعمة، ونفترش وسائل الراحة، ونرغد في هناء من العيش، فإذا طلع النهار علينا فكرنا في كيفية إشباع بطوننا وملء جيوبنا وكيفية التمتع باللذائذ وإشباع الشهوات، فكل واحد منا بمجرد أن يجلس نهارًا فإن أول ما يخطر على ذهنه: ما هو الغذاء اللذيذ الذي سآكله اليوم؟ وما هي المتعة التي سأتمتع بها هذا اليوم؟ وما هو الراتب الذي سأحصل عليه هذا اليوم؟ وغير ذلك من مظاهر تفكيرنا الشهوي المادي الترفي، فنحن نعيش في هالةٍ من الترف لا حد ولا أمد لها. القرآن الكريم يحذّرنا من هذا الترف ومن هذا الإغراق في استعمال النعم من دون رعاية ولا حدود، حيث يقول: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، وهذه سنة كونية يحذّرنا منها القرآن الكريم.

    عاصم بن زياد - وهو أحد أصحاب الإمام علي - بنى له بيتًا في زماننا، فدعا الإمام عليًا إلى زيارة بيته، فلما أتى الإمام علي رأى بيتًا وعالمًا من الزخارف، وعلي بعيد عن كل هذا العالم بالكلية، فقال له: يا عاصم، ما تصنع بهذه الدار الواسعة؟ فاعتذر بعذر، ثم قال الإمام: يا عاصم، إنك تستطيع أن تصل بها الآخرة، فقال: كيف يا سيدي؟ قال: ”تقري الضيف، وتصل الرحم، وتخرج الحقوقَ من مخارجها، فإذا أنت فعلتَ ذلك فقد وصلت بها الآخرة“.

    لنسأل أنفسنا: هل نحن نخرج الحقوق أم أننا نجمع الثروات ونكدّسها من دون إخراج للحقوق الشرعية؟! الإمام الباقر يخاطب أبا بصير: يا أبا بصير، ما أيسر ما يدخل به العبد النارَ؟ قال: سيدي، لا أدري، قال: من أكل من مال اليتيم درهمًا، قال: من هو اليتيم سيدي؟ قال: نحن اليتيم يا أبا بصير. وورد في رواية أخرى: ”من أكل شيئًا من حقنا فكأنما أكل من لحمنا“. من لا يخرج الخمس ولا يخرج الحقوق الشرعية فإن الإمام يعبّر عنه بهذا التعبير.

    إذن عندما يقول شخص: لماذا لا يستجاب دعاؤنا؟! نقول: أنى يستجاب ونحن مصرون على الذنوب والمعاصي، ومتخلون عن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومتلاعبون بالنعم والثروات؟! نعم، قد يدعو الإنسان ولكن الله يؤخر إجابة الدعاء لمصلحة الإنسان؛ لأنه لو استجاب دعاءه في نفس الوقت لكان ذلك ضررًا ومفسدةً له، ولذلك يؤخر الله إجابة الدعاء إلى الظرف الصالح للإنسان.​

  • #2
    ياالله احسنتم النشر الموفق

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X