تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
الظلم فعل قبيح وحرام وهو مناف للعقل ولا يناسب الانسان الذي اعطاه الله عز وجل نعمة العقل والتفكير والتمييز بين الافعال لاختيار انسبها وأفضلها وترك أسوءها وأقبحها فهو مختار من هذه الجهة، فقال امیر المؤمنين علیه السلام في خطبة له: ((إِنَّ اَلْقُبْحَ فِي اَلظُّلْمِ بِقَدْرِ اَلْحُسْنِ فِي اَلْعَدْلِ))[1].
وعندما يتسلط السلطان او الحاكم او ما يمثل مسؤولية ما من الوظيفة الى الحاكم على الناس، فكل انسان لديه مسؤولية بحسب وظيفته فأيضا عليه أنْ يختار العدل كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾[2].
فالحكم بالعدل هو ما يناسب حالة الاختيار ونعمة الاختيار المعطاة للإنسان من قبل الله عز وجل، فلما يكون هذا الشخص ظالما وليس عادلا وتعاطى بالجور مع الناس وايضا يفعل المحرمات من قتل وسلب ونهب وتشريد وشرب للخمر وسماع للغناء والمنكرات الكثيرة يفعلها وهو يرى في نفسه أنّه المسلط على رقاب الناس وله الحق في ذلك، فهنا الذي يفعل مثل هذه الافعال وينكث العهود لأنّه عندما يتسنم المسؤولية فهناك عهد بينه وبين الله عز وجل أنْ يحكم بالعدل فهذا العهد لما ينكث ويخالف سن’ الرسول صلى الله عليه واله وكما قال في روايات عديدة عن هذا الامر.
فيفعل الأفاعيل الباطلة المنكرة التي يتأذى بها الذين هم دونه والذين يقودهم، فهنا ما دور هؤلاء الناس في قبال هذا الظلم فطبعا أولاً يجب عليهم ان يقفون بوجه هذا الظالم بمحاولة التغيير لما يأمر به من الظلم ومقارعة هذا الامر، فكما قال الله تعالى: ﴿..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾[3]، إنّ الانسان يعمل بالعدل حتى لو كان هناك ظلما من السلطان أو مَنْ المسؤول من خلال فعله وقوله، فلما يقارع ويرفض حكمه ويرفض ادارته ومسؤوليته من الذين هم تحت مسؤوليته فاذا تغيّر فبها ونعمت، وإن لم يتغير فيرفضون الانصياع له تماما حتى يتغير أمّا اذا رضي المأمور بأمر وبفعل الآمر أو المحكوم بفعل الحاكم؛ فهنا كما قال الرسول في هذه الرواية: عندما خَطَبَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَصْحَابَهُ وَأَصْحَابَ اَلْحُرِّ: فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ؛ إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ رَأَى سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلاًّ لِحُرَمِ اَللَّهِ؛ نَاكِثاً لِعَهْدِ اَللَّهِ؛ مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ؛ يَعْمَلُ فِي عِبَادِ اَللَّهِ بِالْإِثْمِ وَ اَلْعُدْوَانِ فَلَمْ يُغَيَّرْ عَلَيْهِ بِفِعْلٍ وَلاَ قَوْلٍ، كَانَ حَقّاً عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مُدْخَلَهُ))[4].
وورد عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ: ((مَنْ عَذَرَ ظَالِماً بِظُلْمِهِ سَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ يَظْلِمُهُ فَإِنْ دَعَا لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ ولَمْ يَأْجُرْهُ اَللَّهُ عَلَى ظُلاَمَتِهِ))[5].
فالله يتوعد الذي يرضى به فعل الظالم يتوعده بأنْ يدخله مدخله يعني بما معناه أنّه يحشر معه ويعذب معه في النار ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾[6]، والإمام الحسين عليه السلام وقف بوجه الطاغية يزيد تأكيداً لقول رسول الله صلى الله عليه وآله، وتحفيزاً لنا برفض الظلم والانصياع لأوامر الظلمة.
فمن يختار أنْ يكون من المعذبين ومن يختار أنْ يكون من الناجين، فعليكم برفض الظلم وفعل العدل لكي يقبل الله منكم هذه الافعال.
______________________________
[1] عيون الحكم والمواعظ، ج 1، ص 150.
[2] سورة النساء، الآية: 58.
[3] سورة الرعد، الآية: 11.
[4] وقعة الطف، ج 1، ص 172.
[5] الكافي، ج 2، ص 334.
[6] سورة هود، الآية: 113.
تعليق