إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اني رسولُ رسولِ الله ( صلى الله عليه و آله )

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اني رسولُ رسولِ الله ( صلى الله عليه و آله )

    عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ [1] ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ [2] ( عليه السَّلام ) إِذِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ .
    فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمَ .
    فَرَحَّبَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) ، وَ أَدْنَاهُ ، وَ سَاءَلَهُ .
    فَقَالَ الرَّجُلُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي خَطَبْتُ إِلَى مَوْلَاكَ فُلَانِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ابْنَتَهُ فُلَانَةَ ، فَرَدَّنِي وَ رَغِبَ عَنِّي ، وَ ازْدَرَأَنِي لِدَمَامَتِي وَ حَاجَتِي وَ غُرْبَتِي ، وَ قَدْ دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ غَضَاضَةٌ هَجْمَةٌ غُضَّ لَهَا قَلْبِي ، تَمَنَّيْتُ عِنْدَهَا الْمَوْتَ !
    فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) : " اذْهَبْ فَأَنْتَ رَسُولِي إِلَيْهِ ، وَ قُلْ لَهُ ، يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) : زَوِّجْ مُنْجِحَ بْنَ رَبَاحٍ مَوْلَايَ ابْنَتَكَ فُلَانَةَ ، وَ لَا تَرُدَّهُ " .
    قَالَ أَبُو حَمْزَةَ : فَوَثَبَ الرَّجُلُ فَرِحاً مُسْرِعاً بِرِسَالَةِ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) .
    فَلَمَّا أَنْ تَوَارَى الرَّجُلُ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) : " إِنَّ رَجُلًا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهُ جُوَيْبِرٌ ، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) مُنْتَجِعاً لِلْإِسْلَامِ ، فَأَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَ كَانَ رَجُلًا قَصِيراً دَمِيماً مُحْتَاجاً عَارِياً ، وَ كَانَ مِنْ قِبَاحِ السُّودَانِ ، فَضَمَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) لِحَالِ غُرْبَتِهِ وَ عَرَاهُ ، وَ كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ طَعَامَهُ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ ـ بِالصَّاعِ الْأَوَّلِ ـ وَ كَسَاهُ شَمْلَتَيْنِ [3] ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَلْزَمَ الْمَسْجِدَ ، وَ يَرْقُدَ فِيهِ بِاللَّيْلِ .
    فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى كَثُرَ الْغُرَبَاءُ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ بِالْمَدِينَةِ ، وَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ .
    فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أَنْ طَهِّرْ مَسْجِدَكَ ، وَ أَخْرِجْ مِنَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَرْقُدُ فِيهِ بِاللَّيْلِ ، وَ مُرْ بِسَدِّ أَبْوَابِ مَنْ كَانَ لَهُ فِي مَسْجِدِكَ بَابٌ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) ، وَ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ ( عليها السلام ) ، وَ لَا يَمُرَّنَّ فِيهِ جُنُبٌ ، وَ لَا يَرْقُدْ فِيهِ غَرِيبٌ .
    قَالَ : فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) بِسَدِّ أَبْوَابِهِمْ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) ، وَ أَقَرَّ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ ( عليها السلام ) عَلَى حَالِهِ .
    قَالَ : ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ لِلْمُسْلِمِينَ سَقِيفَةٌ ، فَعُمِلَتْ لَهُمْ ، وَ هِيَ الصُّفَّةُ .
    ثُمَّ أَمَرَ الْغُرَبَاءَ وَ الْمَسَاكِينَ أَنْ يَظَلُّوا فِيهَا نَهَارَهُمْ وَ لَيْلَهُمْ ، فَنَزَلُوهَا وَ اجْتَمَعُوا فِيهَا ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَتَعَاهَدُهُمْ بِالْبُرِّ وَ التَّمْرِ وَ الشَّعِيرِ وَ الزَّبِيبِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ ، وَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَعَاهَدُونَهُمْ ، وَ يَرِقُّونَ عَلَيْهِمْ لِرِقَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، وَ يَصْرِفُونَ صَدَقَاتِهِمْ إِلَيْهِمْ .
    فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) نَظَرَ إِلَى جُوَيْبِرٍ ذَاتَ يَوْمٍ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ لَهُ ، وَ رِقَّةٍ عَلَيْهِ .
    فَقَالَ لَهُ : يَا جُوَيْبِرُ ، لَوْ تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً فَعَفَفْتَ بِهَا فَرْجَكَ ، وَ أَعَانَتْكَ عَلَى دُنْيَاكَ وَ آخِرَتِكَ ؟
    فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَنْ يَرْغَبُ فِيَّ ، فَوَ اللَّهِ مَا مِنْ حَسَبٍ وَ لَا نَسَبٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا جَمَالٍ ، فَأَيَّةُ امْرَأَةٍ تَرْغَبُ فِيَّ !
    فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : يَا جُوَيْبِرُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ بِالْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَرِيفاً ، وَ شَرَّفَ بِالْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَضِيعاً ، وَ أَعَزَّ بِالْإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذَلِيلًا ، وَ أَذْهَبَ بِالْإِسْلَامِ مَا كَانَ مِنْ نَخْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَ تَفَاخُرِهَا بِعَشَائِرِهَا وَ بَاسِقِ أَنْسَابِهَا ، فَالنَّاسُ الْيَوْمَ كُلُّهُمْ أَبْيَضُهُمْ وَ أَسْوَدُهُمْ وَ قُرَشِيُّهُمْ وَ عَرَبِيُّهُمْ وَ عَجَمِيُّهُمْ مِنْ آدَمَ ، وَ إِنَّ آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ طِينٍ ، وَ إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ وَ أَتْقَاهُمْ ، وَ مَا أَعْلَمُ يَا جُوَيْبِرُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَضْلًا إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْكَ وَ أَطْوَعَ .
    ثُمَّ قَالَ لَهُ : انْطَلِقْ يَا جُوَيْبِرُ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ بَنِي بَيَاضَةَ حَسَباً فِيهِمْ ، فَقُلْ لَهُ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ ، وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ .
    قَالَ : فَانْطَلَقَ جُوَيْبِرٌ بِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ ، وَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ عِنْدَهُ ، فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُعْلِمَ ، فَأَذِنَ لَهُ .
    فَدَخَلَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ فِي حَاجَةٍ لِي ، فَأَبُوحُ بِهَا ، أَمْ أُسِرُّهَا إِلَيْكَ ؟
    فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : بَلْ بُحْ بِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ شَرَفٌ لِي وَ فَخْرٌ .
    فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَقُولُ لَكَ : زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ !
    فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : أَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَكَ إِلَيَّ بِهَذَا ؟!
    فَقَالَ لَهُ : نَعَمْ ، مَا كُنْتُ لِأَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) .
    فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : إِنَّا لَا نُزَوِّجُ فَتَيَاتِنَا إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْصَرِفْ يَا جُوَيْبِرُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) فَأُخْبِرَهُ بِعُذْرِي .
    فَانْصَرَفَ جُوَيْبِرٌ وَ هُوَ يَقُولُ : وَ اللَّهِ مَا بِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ ، وَ لَا بِهَذَا ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه و آله ) .
    فَسَمِعَتْ مَقَالَتَهُ الذَّلْفَاءُ بِنْتُ زِيَادٍ وَ هِيَ فِي خِدْرِهَا .
    فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا ادْخُلْ إِلَيَّ ، فَدَخَلَ إِلَيْهَا .
    فَقَالَتْ لَهُ : مَا هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْكَ تُحَاوِرُ بِهِ جُوَيْبِراً ؟!
    فَقَالَ لَهَا : ذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) أَرْسَلَهُ ، وَ قَالَ يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ !
    فَقَالَتْ لَهُ : وَ اللَّهِ مَا كَانَ جُوَيْبِرٌ لِيَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) بِحَضْرَتِهِ ، فَابْعَثِ الْآنَ رَسُولًا يَرُدُّ عَلَيْكَ جُوَيْبِراً .
    فَبَعَثَ زِيَادٌ رَسُولًا فَلَحِقَ جُوَيْبِراً .
    فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ : يَا جُوَيْبِرُ مَرْحَباً بِكَ ، اطْمَئِنَّ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ .
    ثُمَّ انْطَلَقَ زِيَادٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ لَهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّ جُوَيْبِراً أَتَانِي بِرِسَالَتِكَ ، وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ ، فَلَمْ أَلِنْ لَهُ بِالْقَوْلِ ، وَ رَأَيْتُ لِقَاءَكَ ، وَ نَحْنُ لَا نَتَزَوَّجُ إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ .
    فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : يَا زِيَادُ ، جُوَيْبِرٌ مُؤْمِنٌ ، وَ الْمُؤْمِنُ كُفْوٌ لِلْمُؤْمِنَةِ ، وَ الْمُسْلِمُ كُفْوٌ لِلْمُسْلِمَةِ ، فَزَوِّجْهُ يَا زِيَادُ وَ لَا تَرْغَبْ عَنْهُ .
    قَالَ : فَرَجَعَ زِيَادٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ .
    فَقَالَ لَهَا مَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) .
    فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) كَفَرْتَ ، فَزَوِّجْ جُوَيْبِراً .
    فَخَرَجَ زِيَادٌ ، فَأَخَذَ بِيَدِ جُوَيْبِرٍ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى قَوْمِهِ ، فَزَوَّجَهُ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، وَ ضَمِنَ صَدَاقَهُ .
    قَالَ : فَجَهَّزَهَا زِيَادٌ وَ هَيَّئُوهَا .
    ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَى جُوَيْبِرٍ ، فَقَالُوا لَهُ : أَ لَكَ مَنْزِلٌ فَنَسُوقَهَا إِلَيْكَ ؟
    فَقَالَ : وَ اللَّهِ مَا لِي مِنْ مَنْزِلٍ .
    قَالَ : فَهَيَّئُوهَا ، وَ هَيَّئُوا لَهَا مَنْزِلًا ، وَ هَيَّئُوا فِيهِ فِرَاشاً وَ مَتَاعاً ، وَ كَسَوْا جُوَيْبِراً ثَوْبَيْنِ ، وَ أُدْخِلَتِ الذَّلْفَاءُ فِي بَيْتِهَا ، وَ أُدْخِلَ جُوَيْبِرٌ عَلَيْهَا مُعَتِّماً [4] .
    فَلَمَّا رَآهَا نَظَرَ إِلَى بَيْتٍ وَ مَتَاعٍ وَ رِيحٍ طَيِّبَةٍ ، قَامَ إِلَى زَاوِيَةِ الْبَيْتِ ، فَلَمْ يَزَلْ تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَ سَاجِداً حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ .
    فَلَمَّا سَمِعَ النِّدَاءَ خَرَجَ وَ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَتَوَضَّأَتْ ، وَ صَلَّتِ الصُّبْحَ .
    فَسُئِلَتْ : هَلْ مَسَّكِ ؟
    فَقَالَتْ : مَا زَالَ تَالِياً لِلْقُرْآنِ وَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً حَتَّى سَمِعَ النِّدَاءَ فَخَرَجَ .
    فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَ أَخْفَوْا ذَلِكَ مِنْ زِيَادٍ .
    فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبُوهَا .
    فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، فَقَالَ لَهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَرْتَنِي بِتَزْوِيجِ جُوَيْبِرٍ ، وَ لَا وَ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِحِنَا ، وَ لَكِنْ طَاعَتُكَ أَوْجَبَتْ عَلَيَّ تَزْوِيجَهُ .
    فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه و آله ) : فَمَا الَّذِي أَنْكَرْتُمْ مِنْهُ .
    قَالَ : إِنَّا هَيَّأْنَا لَهُ بَيْتاً وَ مَتَاعاً ، وَ أُدْخِلَتِ ابْنَتِيَ الْبَيْتَ ، وَ أُدْخِلَ مَعَهَا مُعَتِّماً ، فَمَا كَلَّمَهَا ، وَ لَا نَظَرَ إِلَيْهَا ، وَ لَا دَنَا مِنْهَا ، بَلْ قَامَ إِلَى زَاوِيَةِ الْبَيْتِ ، فَلَمْ يَزَلْ تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَ سَاجِداً حَتَّى سَمِعَ النِّدَاءَ ، فَخَرَجَ ، ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ ، وَ لَمْ يَدْنُ مِنْهَا ، وَ لَمْ يُكَلِّمْهَا إِلَى أَنْ جِئْتُكَ ، وَ مَا نَرَاهُ يُرِيدُ النِّسَاءَ ، فَانْظُرْ فِي أَمْرِنَا .
    فَانْصَرَفَ زِيَادٌ ، وَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى جُوَيْبِرٍ .
    فَقَالَ لَهُ : أَ مَا تَقْرَبُ النِّسَاءَ ؟
    فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ : أَ وَ مَا أَنَا بِفَحْلٍ ! بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَشَبِقٌ نَهِمٌ إِلَى النِّسَاءِ .
    فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : قَدْ خُبِّرْتُ بِخِلَافِ مَا وَصَفْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، قَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّهُمْ هَيَّئُوا لَكَ بَيْتاً وَ فِرَاشاً وَ مَتَاعاً ، وَ أُدْخِلَتْ عَلَيْكَ فَتَاةٌ حَسْنَاءُ عَطِرَةٌ ، وَ أَتَيْتَ مُعَتِّماً ، فَلَمْ تَنْظُرْ إِلَيْهَا ، وَ لَمْ تُكَلِّمْهَا ، وَ لَمْ تَدْنُ مِنْهَا ، فَمَا دَهَاكَ إِذَنْ ؟!
    فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، دَخَلْتُ بَيْتاً وَاسِعاً ، وَ رَأَيْتُ فِرَاشاً وَ مَتَاعاً وَ فَتَاةً حَسْنَاءَ عَطِرَةً ، وَ ذَكَرْتُ حَالِيَ الَّتِي كُنْتُ عَلَيْهَا وَ غُرْبَتِي وَ حَاجَتِي وَ وَضِيعَتِي وَ كِسْوَتِي مَعَ الْغُرَبَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ أَوْلَانِي اللَّهُ ذَلِكَ أَنْ أَشْكُرَهُ عَلَى مَا أَعْطَانِي وَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ‏ بِحَقِيقَةِ الشُّكْرِ ، فَنَهَضْتُ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ ، فَلَمْ أَزَلْ فِي صَلَاتِي تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَ سَاجِداً أَشْكُرُ اللَّهَ حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ ، فَخَرَجْتُ .
    فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ أَنْ أَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ ، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيَهَا ، وَ رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي جَنْبِ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ يَسِيراً ، وَ لَكِنِّي سَأُرْضِيهَا وَ أُرْضِيهِمُ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
    فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) إِلَى زِيَادٍ فَأَتَاهُ ، فَأَعْلَمَهُ مَا قَالَ جُوَيْبِرٌ ، فَطَابَتْ أَنْفُسُهُمْ .
    قَالَ : وَ وَفَى لَهَا جُوَيْبِرٌ بِمَا قَالَ .
    ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) خَرَجَ فِي غَزْوَةٍ لَهُ وَ مَعَهُ جُوَيْبِرٌ ، فَاسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقُ [5] مِنْهَا بَعْدَ جُوَيْبِرٍ " [6] .
    [1] أبو حمزة الثُمالي : هو ثابت بن دينار ، أبي صفية ، عربي أزدي كوفي ، عاصر الامام علي بن الحسين السجاد زين العابدين ، و الامام محمد بن علي الباقر ، و الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليهم السلام ) و روى عنهم ، و يُعدُّ من ثُقات الرواة ، قال فيه الامام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) : أبو حمزة في زمانه كلقمان في زمانه ، لمزيد من التفصيل راجع : رجال الكشي : 201 ، رجال العلامة الحلي : 29 ، رجال البرقي : 8 .
    [2] أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
    [3] الشَّملة : كساء يشتمل به الرجل ، ( مجمع البحرين : 5 / 404 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران ) .
    [4] أعتم : دخل في العُتمة ، و عُتمة الليل : ظلام أوله عند سقوط نور الشفق ، ( مجمع البحرين : 6 / 110 ) .
    [5] أي أكثر إنفاقاً في سبيل الله من الذَّلْفَاء زوجة جويبر ، و الأيم : من لا زوج له من الرجال و النساء .
    [6] الكافي : 5 / 339 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
    sigpic

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حفظكم الله وسددكم وأنار دربكم بنور الإيمان
    شكرا لجهودكم وعطاؤكم الوفير

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عطر الولايه مشاهدة المشاركة
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      حفظكم الله وسددكم وأنار دربكم بنور الإيمان
      شكرا لجهودكم وعطاؤكم الوفير
      الاخت الموالية القديرة
      عطر الولاية
      اشكركم الشكر الجزيل
      sigpic

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X