بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الاجتماع بين الناس بين الاحباب بين الاصدقاء أمر ممدوح وفعل حسن، يدلل على الألفة والمحبة ويؤدي الى تحصيل المعلومات من الاخرين وزيادة العلم لدى الذي يجتمع، وربما يشارك في الاحاديث وأنّ العلوم مختلفة ومتعددة، وكل انسان يحمل ما لا يحمله الآخر، أو أنّ الاخر لديه مثل هذه المعلومات لكنها ناقصة، أو في حد معين فيرتقي الى حدود أعلى ويزداد علمه ومعلوماته من هذه الجهة، بالإضافة الى أنّ الاجتماع يولد المحبة والألفة بين الناس وهذا واضح في اجتماع الأسرة وتلاقيهم والتعبير عن محبة بعضهم الى البعض الاخر، وهذا ينتقل الى المجتمع وينتقل الى الاقارب والأحباب والاصدقاء وما شابه، فقد ورد عن اَلصَّدُوقُ فِي كِتَابِ اَلْإِخْوَانِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: ((اِجْتَمِعُوا وَتَذَاكَرُوا تَحُفَّ بِكُمُ اَلْمَلاَئِكَةُ رَحِمَ اَللَّهُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَنَا))[1]. اللهم صل على محمد وآل محمد
وافضل مواضيع الاجتماع هو موضوع التذكر، والتعريف بالخالق، ووجود الخالق كيف نتعرف على الخالق، وهكذا مثل هذه الأمور: العبادة وكيفية تحصيل الخشوع في هذه العبادة وافضل العبادة، وايضا من أهم المصاديق هو التذاكر في العلوم كأن يكون عند طلبة الحوزة أو عند طلبة الدروس الأكاديمية، فمِنَ اَلْحِكْمَةِ اَلْقَدِيمَةِ: ((قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: يَا بُنَيَّ اِخْتَرِ اَلْمَجَالِسَ عَلَى عَيْنِكَ فَإِنْ رَأَيْتَ قَوْماً يَذْكُرُونَ اَللَّهَ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ فَإِنْ تَكُنْ عَالِماً نَفَعَكَ عِلْمُكَ وَإِنْ تَكُنْ جَاهِلاً عَلَّمُوكَ وَلَعَلَّ اَللَّهَ أَنْ يُظِلَّهُمْ بِرَحْمَتِهِ فَتَعُمَّكَ مَعَهُمْ وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً لاَ يَذْكُرُونَ اَللَّهَ فَلاَ تَجْلِسْ مَعَهُمْ فَإِنْ تَكُنْ عَالِماً لَمْ يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ وَإِنْ كُنْتَ جَاهِلاً يَزِيدُوكَ جَهْلاً وَلَعَلَّ اَللَّهَ أَنْ يُظِلَّهُمْ بِعُقُوبَةٍ فَتَعُمَّكَ مَعَهُمْ))[2].
فيجتمع الاثنان والثلاثة والأربعة ويتذاكرون في العلم الذي اخذوه، ويراجعون ما سمعوه من الاستاذ ويحققون في الامور كي ترسخ المعلومة، ويكون المخزون العلمي قد ازداد من خلال هذا التذاكر، هنا في حال التذاكر سواء كان بالعبادة أو بذكر الله عز وجل لقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾[3]، أو حتى بذكر العلوم فقد ورد عَنْ مُعَتِّبٍ مَوْلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِدَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ(يَا دَاوُدُ ، أَبْلِغْ مَوَالِيَّ عَنِّي اَلسَّلاَمَ، وَأَنِّي أَقُولُ: رَحِمَ اَللَّهُ عَبْداً اِجْتَمَعَ مَعَ آخَرَ فَتَذَاكَرَا أَمْرَنَا، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا مَلَكٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُمَا، وَمَا اِجْتَمَعَ اِثْنَانِ عَلَى ذِكْرِنَا إِلاَّ بَاهَى اَللَّهُ (تَعَالَى) بِهِمَا اَلْمَلاَئِكَةَ، فَإِذَا اِجْتَمَعْتُمْ فَاشْتَغِلُوا بِالذِّكْرِ، فَإِنَّ فِي اِجْتِمَاعِكُمْ وَمُذَاكَرَتِكُمْ إِحْيَاؤُنَا، وَخَيْرُ اَلنَّاسِ مِنْ بَعْدِنَا مَنْ ذَاكَرَ بِأَمْرِنَا وَدَعَا إِلَى ذِكْرِنَا))[4]. فهنا الملائكة تحف بمثل هؤلاء وتعتبر هؤلاء سائرون في طريق الرضا الالهي، وفي طريق تحصيل الكمال الموصل الى الله سبحانه وتعالى، وهذا امر مهم وجيد وافضل الذكر بعد ذلك هو احياء امر اهل البيت عليهم السلام، بذكر علومهم وذكر عبادتهم وذكر محبتهم والاستفادة من سيرة حياتهم وما جرى عليهم من ظلم، فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلاَمُ): ((مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا وَبَكَى لِمَا اُرْتُكِبَ مِنَّا كَانَ مَعَنَا فِي دَرَجَتِنَا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَمَنْ ذُكِّرَ بِمُصَابِنَا فَبَكَى وَأَبْكَى لَمْ تَبْكِ عَيْنُهُ يَوْمَ تَبْكِي اَلْعُيُونُ وَمَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيَا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ اَلْقُلُوبُ))[5]. وما جابه فيه الظلم والظلمة، فإحياء امر اهل البيت عليهم السلام ايضا هذا فعل ممدوح ومفضل ومقرب الى الله سبحانه وتعالى خصوصا أنّه يقول عز وجل في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[6]، وهم الوسيلة الى الله هم الطرق الى الله فإحياء امرهم من افضل الطرق للوصول الى الله سبحانه وتعالى.
_____________________________________
[1] وسائل الشيعة، ج 12، ص 22.
[2] منية المريد، ج 1، ص 119.
[3] سورة الأحزاب، الآية: 41.
[4] الأمالي للطوسي، ج 1، ص 224.
[5] الأمالي للصدوق، ج 1، ص 73.
[6] سورة المائدة، الآية: 35.
تعليق