بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلنَّوْفَلِيِّ عَنِ اَلسَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((اَلصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَاَلْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَصِلَةُ اَلْإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ وَصِلَةُ اَلرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ))[1].
توجد مجموعة من القيم التي يحتاج اليها المجتمع الاسلامي كي يكون مجتمعا مثاليا يتناسب مع الإرادة الإلهية بالعيش المشترك للمسلمين، تحت ظل الشريعة المقدسة التي سنّها الباري عز وجل لما في الخير لهم، ويعمل هذا المجتمع بجهد واحد للوصول الى الله تعالى بعمل خالص له، هذه القيم قد حددها الاسلام ووضحها وبيّنها كي تلتزم الافراد بها وترتبط مع بعضها البعض الاخر على اساس هذه القيم، ومن اهمها هي قيمة الاقتراض ولمّا كان المجتمع يتكافل بسد الحاجات فيما بينهم، فهناك من المجتمع من تكون حاجته ملحة ولا يقدر على الحصول عليها، فلمّا يأتي المسلم الاخر والذي لديه امكانية مادية فيقرض هذا المحتاج فيكون قد تحصل على ثمانية عشر حسنة، وبهذا العمل التطوعي يكون قد اسعفه وحماه من الوقوع في الحرج مع الاخرين، وقد يكون ايضا الحرج يقع في بيته مع عائلته نتيجة للاحتياج فيسهل عليه هذا الامر من خلال الدفع الميسر وهذا الموضوع اهمية قصوى بيّنها الاسلام وهي.
أولاً: أنّ القرض عقد يتضمّن تمليك المال للغير مضموناً عليه.
ثانياً: القرض يسهم في وضع لبنة جديدة في صرح البناء التكافلي الإسلامي.
ثالثاً: يوفر للأفراد الذين يمرّون بضائقة مالية ما يسعفهم من مال لتسيير شؤونهم وكسر حلقة الضيق التي تحاصرهم وتضيّق الخناق عليهم.
وأكد الباري عز وجل في كتابه العزيز على هذه الأهمية.
كما في قوله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً...﴾[2]، وقال عزّ وجل في آية أخرى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾[3].
فالقرض هو النافذة المفتوحة أمام من ضاقت به السُبل، وهو الفضاء المتسع لمن أراد الثواب، عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: ((وَمَنْ أَقْرَضَ مَلْهُوفاً فَأَحْسَنَ طَلِبَتَهُ اِسْتَأْنَفَ اَلْعَمَلَ وَأَعْطَاهُ اَللَّهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَلْفَ قِنْطَارٍ مِنَ اَلْجَنَّةِ))[4].
وقد ورد في الشريعة التأكيد على جزيل الثواب لمن يقرض المعسرين من جانب، ومن جانب آخر نجد حثاً على إنظار المعسرين بعد إقراضهم، فهنا ترغيب آخر للمقرض بأن عليه أن يُنظر المعسر الذي أقرضه، وأن يمهله حتى تمكنه الظروف من تسديد دينه، وفي هذا الإمهال ـ أيضاً ـ ثوابٌ جزيل.
عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْحَسَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَلْمِنْبَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَحَمِدَ اَللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى أَنْبِيَائِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ لِيُبَلِّغِ اَلشَّاهِدُ مِنْكُمُ اَلْغَائِبَ أَلاَ وَمَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً كَانَ لَهُ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ بِمِثْلِ مَالِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ))[5].
ومن جهة التحذير أو الإنذار الذي يسير في خطّ متوازٍ مع الترغيب، حذّرت الشريعة من نذر الشؤم لكل من يحجم عن إسعاف إخوانه مع قدرته على ذلك، وفي معرض التحذير، فقد ورد عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((وَمَنِ اِحْتَاجَ إِلَيْهِ أَخُوهُ اَلْمُسْلِمُ فِي قَرْضٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ اَلْجَنَّةِ))[6].
[1] الكافي، ج 4، ص: 10.
[2] سورة البقرة، الآية: 245.
[3] سورة الحديد، الآية: 11.
[4] وسائل الشيعة، ج 16، ص: 343.
[5] الكافي، ج 4 الآية: 35، ح 4.
[6] مكارم الأخلاق، ج 1، ص 424.
تعليق