نموذج من أخلاق الرّسول
بالرغم من أنّ الإنتصارات التي تمّت على يد الرّسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت برعاية الله سبحانه وإمداده، إلاّ أنّ ذلك كان اقتراناً بعوامل عديدة أيضاً، ولعلّ أحد أهمّ هذه العوامل هو: سمو الأخلاق عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاذبيته الشخصية، إنّ أخلاقيته (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت من العلو والصفات الإنسانية السامية لدرجة أنّ ألدّ أعدائه كان يقع تحت تأثيرها كما أنّ مكارم الأخلاق التي أودعت فيه كانت تجذب وتشدّ المحبّين والمريدين إليه بصورة عجيبة.
وإذا ما ذهبنا إلى القول بأنّ السمو الأخلاقي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان معجزة أخلاقية، فإنّنا لا نبالغ في ذلك، كما سنوضّح لذلك نموذجاً من هذا الإعجاز الأخلاقي .. ففي فتح مكّة وعندما إستسلم المشركون أمام الإرادة الإسلامية، ورغم كلّ حربهم للإسلام والمسلمين وشخص الرّسول الكريم بالذات، وبعد تماديهم اللئيم وكلّ ممارساتهم الإجرامية ضدّ الدعوة الإلهية .. بعد كلّ هذا الذي فعلوه، فإنّ رسول الإنسانية أصدر أمراً بالعفو العامّ عنهم جميعاً، وغضّ الطرف عن جميع الجرائم التي صدرت منهم، وكان هذا مفاجأة للمقرّبين والبعيدين، الأصدقاء والأعداء، وكان سبباً في دخولهم في دين الله أفواجاً، بمصداق قوله تعالى: ( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً).
لقد وردت في كتب التّفسير والتاريخ قصص كثيرة حول حسن خُلُق الرّسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) في عفوه وتجاوزه وعطفه ورأفته، وتضحيته وإيثاره وتقواه ... بحيث أنّ ذكرها جميعاً يخرجنا عن البحث التّفسيري .. إلاّ أنّنا سنكتفي بما يلي:
وجاء في حديث عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال: سألت أبي أمير المؤمنين عن رسول الله كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البِشر، سهل الخُلُق، ليّن الجانب، ليس بفظّ، ولا غليظ ولا صخّاب، ولا فحّاش، ولاعيّاب، ولا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيّس منه ولا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره، ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلّم إلاّ في ما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كإنّما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يتنازعون عنده الحديث ...»
نعم لو لم تكن هذه الأخلاق الكريمة وهذه الملكات الفاضلة، لما أمكن تطويع تلك الطباع الخشنة والقلوب القاسية، ولما أمكن تليين اُولئك القوم الذين كان يلفّهم الجهل والتخلّف والعناد، ويحدث فيهم إنعطافاً هائلا لقبول الإسلام .. ولتفرّق الجميع من حوله بمصداق قوله تعالى:
( لانفضّوا من حولك).
وكم كان رائعاً لو أحيينا والتزمنا بهذه الأخلاق الإسلامية القدوة، وكان كلّ منّا يحمل قبساً من إشعاع خلق وأخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين الذين جسدوا أخلاقه وكانوا حملة للقرآن الكريم وجسدوا تعاليمه 000
************************************************** *************
تفسيرالميزان
تفسيرالامثل
تفسيرمن هدي القرآن
تعليق