المصورة اعلاه هي مشهد دقيق للقبة الداخلية لمرقد امير المؤمنين عليه السلام وقوامها خليط من الزخارف النباتية دائرية الشكل نفذت بتقنية التجميع والتطعيم ، وقد جاء بها الفنان المصمم والمنفذ على شكل زخرفة من القاشاني المعرق تحتل فضاء القبة الداخلية للظريح الشريف، وتتألف من مفردات كأسية منفذة بالتناوب حول محيط القبة على أرضية زرقاء تنتج عنها الأشكال نفسها على وفق تنظيم لوني أبلق مع انتشار قلوب وأزهار صغيرة وعقد رابطة مع أغصان حلزونية متقاطعة وصولا الى نجمة ذات رؤوس كأسية ثلاثية، وتنتشر الأزهار البيضاء المتباينة مع لون الأرضية الزرقاء بمهاد التكوينات الزخرفية، وقوامها أزهار بسيطة مفصصة وأخرى متراكبة ذات مقطع جانبي،
يتبين للمشاهد المتأمل لهذا التكوين الفني الرائع ان جدران القبة قد ازدانت بزخارف كأسية منها ما كانت كاملة القوام ومنها ما كانت مقسومة وذات حشوات داخلية مميزة، وقد زخرفت الكأسية الكاملة مركز القبة بتكوين دائرة حول المركز، كما زينت القبة بتكوين فني ظاهر كحزام يلتف حول قطرها بتكرار متناوب يتوسط كل شكلين فضاء سالب يأخذ الشكل نفسه وبلون متباين عنهما يسمى هذا النوع من التباين بالأبلق ، بينما توزعت باقي العناصر الكأسية المقسومة ثنائية الفلق على الأغصان العريضة.
وتقوم الزخرفة العامة للقبة على الإنشاء الغصني المتحرك بشكل حلزوني أو بشكل خط ما يسمى بخط هوجارت الحلزوني القوام مكونا بقية التكوينات الزخرفية ، ويتميز بكونه غصناً عريضاً ومصمتاً وملتفاً ومتراكباً يتخلله عقد رابطة وقلوب زخرفية وأوراق كأسية مقسومة ، في نفس الوقت وتم توظيف قلوب بصور متنوعة ، وهي أما تكون إشعاعية متراكبة تتوسطها قلوب زخرفية جناحية ذات تناظر ثنائي ومنتشرة بشكل إشعاعي تغطي الفضاء وهي تشبه الى حد ما هيأة عناصر كأسية أحادية الفلق وتم حشوها بقلوب صغيرة مصمتة وأخرى استخدمت لحشو العناصر الكأسية وهي إشعاعية مفردة لها حلقة رابطة وتنتهي بخط هوجارت خط الجمال ، ونفذت التكوينات الزخرفية من القاشاني المزجج المعرق بتقنية التجميع على القوالب.
تم تنظيم التكوين بشبكة محورية إشعاعية من المركز مع دوائر مخفية نظمت بطريقة التكرار المتزايد ابتداء من المركز إلى المحيط والمتناقص من المحيط إلى المركز ، وهو أجمل أنواع الإيقاع الذي يمنح التكوين حيوية وحركة باتجاهين متضادين ، وقد ساهمت الخطوط المنحنية التي هيمنت على التكوين المزيد من الحركة والتماسك مما فعل جماليات التنوع، أما الشكل فقد تميز ببعده عن محاكاة الطبيعة والنزوع إلى التجريد.. مع تنوع العنصر الواحد للوحدات الزخرفية ضمن المساحة الكلية للقبة ، والذي أبعد التكوين عن الملل من جراء تكرار الوحدة نفسها في كل مرة ، وأثرى من التنوع وزيادة الجذب البصري نحو جماليات تنوع الوحدات، أما الملمس فقد تجانس من جراء التقاربات اللونية لخامة واحدة وقد ساد الاتجاه المحوري المتنوع والمنتظم .
اما عن التكوين اللوني للاشكال في هذه التحفة المعمارية الزخرفية، فقد تم تلوين الأرضية بلون أزرق بينما لونت الوحدات والمفردات بالألوان متباينة معها كالفيروزي والأبيض والذهبي ، أما عند وصولنا الى المركز فنجد ألواناً أقرب الى التضاد منها الى التباين من جراء استخدام لون زيتوني غامق قريب الى السواد على أرضية بيضاء عالية النصوع من حيث القيمة الضوئية ،مما زاد من غنى الأشكال وتنوع الألوان، ورافق التكرار المتناقص والمتزايد التغيير بالحجوم ضمن الوحدة الزخرفية الواحدة، فضلاً عن هيمنة العناصر الكأسية الثلاثية الفلق الموسومة باللون الأبيض على التكوينات المتمركزة حول مركز القبة بشكل دائرة مخفية ، ونجد من خلال ذلك تحقق الوحدة من خلال سيادة لون الأرضية الزرقاء وبقية المعالجات اللونية المتباينة والمتضادة ضمن تكوين موحد ومتماسك مع استخدام نظام تكراري موحد يشمل التكوين بأسره.
المرفقات
: سامر قحطان القيسي
تعليق