بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما اول ما خـلـق الـلـه
عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمد بن عطية قال:اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما اول ما خـلـق الـلـه
جاء رجل إلى أبي جعفر الصادق (عليه السلام) من أهل الشام من علمائهم فقال: يا أبا جعفر جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ما ذاك؟ قال: فإني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه فإن بعض من سألته قال: القدر وقال بعضهم: القلم وقال بعضهم: الروح فقال أبو جعفر (عليه السلام):
ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ غيره، وكان عزيزا، ولا أحد كان: قبل عزه وذلك قوله: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون (1) " وكان الخالق قبل المخلوق ولو كان أول ما خلق من خلقه الشئ من الشئ إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شئ ليس هو يتقدمه ولكنه كان إذ لا شئ غيره وخلق الشئ الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شئ إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماء ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور (2) فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع (3) ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة، ثم طواها (4) فوضعها فوق الماء ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماءا صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب وذلك قوله سبحانه :
" والسماء بناها * رفع سمكها فسويها * و أغطش ليلها واخرج ضحيها (5) " قال: ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب، ثم طواهافوضعها فوق الأرض ثم نسب الخليقتين فرفع السماء فذلك قوله عز ذكره.
" والأرض بعد ذلك دحيها " يقول: بسطها، فقال له الشامي:: يا أبا جعفر قول الله تعالى:
" أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما (6) " فقال له أبو جعفر (عليه السلام):
فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتين ملتصقتين ففتقت إحداهما من الأخرى؟
فقال: نعم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): استغفر ربك فإن قول الله عز وجل: " كانتا رتقا " يقول:
كانت السماء رتقا لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب فما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة فتق السماء بالمطر والأرض بنبات الحب، فقال الشامي أشهد أنك من ولد الأنبياء وأن علمك علمهم(7).
(١) الصافات: ١٨٠.
(٢) ثار يثور ثورا: هاج ومنه ثارت الفتنة بينهم. وثارت الدخان أو الغبار: ارتفع.
(٣) الصدع: الشق. وفي بعض النسخ [نقب] مكان " ثقب " وكذا ما يأتي.
(٤) طواها أي جمعها.
(٥) النازعات: ٢٧ إلى 29. وفيها " أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها ".
(6) الأنبياء: ٢٩.
(7)الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٩٥