اللهم صل على محمد وآل محمد
رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "صِيانَةُ الْمَرْأَةِ أَنْعَمُ لِحالِها وَأَدْوَمُ لِجمالِها"
أولى الإسلام عناية فائقة بالمرأة، وأظهر حرصاً شديداً عليها، ورفع مكانتها إلى مصاف أن تكون قدوة لسواها من النساء والرجال، وتكلم عنها باحترام فائق، ويكفي للاطلاع على ذلك أن نراجع ما جاء فيها في القرآن الكريم وفي الروايات الشريفة.
وأوصى بالاهتمام بها والدفاع عن كرامتها وعزَّتها، والمحافظة عليها وصيانتها من كل ما يؤذيها ويجلب إليها الضرر والفساد، لا لأنها كائن ضعيف يحتاج إلى حماية، ولا لأنها أقلَّ شأنا من الرجل كما يتوَهَّم البعض، أو يُرَوِّج الأغبياء أو الحاقدون على الإسلام، بل لأنها كائن مُسْتَهدَف يرميها الرجال بسهامهم، ويغتالوها بنظراتهم، ويتعاملون معها ككائن يلبي رغباتهم الجنسية. وهذا أمر لا يمكن لأي عاقل أن ينكره ولئن كان في الإمكان جَحده فيما سلف من القرون فلا سبيل إلا إلى الاعتراف به في قرننا هذا ونصف القرن الماضي حيث بات العُرِيٌّ هو السِّمة البارزة لهما، وباتت المرأة سُلعة تباع وتُشرى في أوكار الخلاعة والمُجون، وصارت هي الوسيلة الأهم لجذب الرجل الزبون من خلال ما تقوم به من دعاية للسِّلع والمنتجات، حتى يكاد المُشاهد لا يعثر على رجل يُسَوِّق لسلعة أو مُنتَج، بل نساء شبه عاريات، ناهيك عن عالم (الفَنِّ) فلا تُخْتار إلا النساء الجميلات المتبرجات لتأدية أدوار تمثيلية، وكذلك في عالم الغِناء تجد جسَد المرأة هو الذي يُغَنِّي ليُطرِبَ العيون لا الآذان. والمرأة المِسكينة تتوهَّم أنها تقدم فَناً يجب أن تنال الثناء عليه من شرائح المجتمع وهي لا تقدم إلا جسدها.
والرجال فُحول طوامح كما يصفهم الإمام أمير المؤمنين (ع) يلاطفون المرأة الأجنبية عنهم بمعسول الكلام، ويصنعون من الإطراء الكاذب شبكة لاصطيادها حتى إذا ما وقعت في براثنهم، وقضوا منها وَطَرَهم، أداروا الظهر لها، وصَمّوا أذانهم عن استغاثتها، وأوصدوا قلوبهم عن التأثر بحالها، ومَضَوا يبحثون عن فريسة أخرى.
هل ما أقوله من نسج الخيال؟ لا والله، إنه الحقيقة التي لا تقبل التشكيك، وما نشاهده وما نعرفه عمّا يحدث كل يوم يشهد لهذه الحقيقة التي لا تقبل الإنكار، ولا تقبل التأويل ولا القول بأن المجتمعات التي اعتادت على أن تتعرَّى فيها المرأة وتتبرَّج ليس فيها ما تقولون، فالواقع يؤكد أن المرأة هناك وإن اكتسبت بعض الحقوق والمكانة ولكنها لم تزل مَطمَعاً للرجل ووسيلة في يده ويد شركاته، ولم يزل التَّحَرُّش الجنسي بها على أشُدِّه، وهذا ما تُثبته الإحصاءات الصادرة في تلك البلاد ومن مؤسسات رسمية وليس مجرد ادّعاء.
ما تقدم يوجِب على المرأة نفسها وعلى أبيها وأخيها وزوجها ومن يهتم لأمرها ويغار عليها، أن يصونها ويحميها ويحفظها عما يعيبها، ويُشينها، ويهتكها، وينال من عزَّتها، وشرفها، وكرامتها، ويقيها مِمّا تتعرض له من اعتداء، وتحرُّشٍ، واغتصاب، ويحفظ عِفَّتها، وحياءها، لتكون إنساناً عزيزاً يعامله الآخرون كإنسان كامل الإنسانية مُكَرَّم الشخصية، ولا يعاملها كأنثى تثير غرائزه وشَهواته، ولا تقتصر صيانتها على سَترِ ما يجب ستره من مفاتنها، بل يتعداه إلى توفير بيئة صالحة لها، وعدم تواجدها في الأمكنة التي تتعرَّض فيها للتحرش والعدوان.
ذلك لا يعني أن تغلق عليها باب منزلها وتقعُد حبيسة فيه، ولا تشارك في صناعة الحياة الاجتماعية، فذلك واحد من حقوقها بل من واجباتها لأنها نصف المجتمع، وهناك أعمال ووظائف لا يمكن أن يؤديها الرجال بدلا عنها، ولكن تخرج متحصِّنة بعِفَّتها وحيائها والتزامها، حريصة على حشمتها وكرامتها وإنسانيتها. فبهذا تدرأ عنها سهام الشياطين الطامحة للنيل منها، ولا ينال من جمالها قُطّاع الطرق ولصوص النظر والنزوات، لأن التي تكون مشاعاً أمام الجميع سينال منها الجميع كالوردة التي تكون في متناول الجميع يصبح جمالها مألوفاً والمألوف يصبح عادياً، أما التي تصون نفسها وتحافظ على عِفَّتها وخصوصيتها فذلك أنعم لحالها وأدوم لجمالها.
تعليق