بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
جاء رجلٌ إلى رسول الله (ص) فقال: أوصِني. فقال رسول الله (ص):
"لا تَغْضَبْ"، ثم أعاد عليه، فقال: "لا تغضب"، ثمّ قال: "ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ إنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب"[1].
خَلَقَ اللهُ الإنسانَ، وجعل فيه حالات نفسية متعدِّدة.. مثلَ حالة الحُبِّ الكراهية، والخوف، والغَضَب، وغيرها.. فكلُّ إنسانٍ يُحِسُّ بوجود هذه الحالات، وآثارها في نفسه، فهو يُحبُّ ويكرهُ، ويخاف ويغضب... إلخ، ولكلِّ حالةٍ من هذه الحالات النفسية فوائد ومنافع للإنسان، إذا استعملها استعمالاً صحيحاً، ولكنّها تتحوّل إلى خطر وضرر إذا استعملها استعمالاً خاطئاً، وعندئذٍ يضرُّ نفسه، ويضرُّ الآخرين بهذا الاستعمال غير الصحيح.
فمثلاً جعل الله سبحانه الخوف في نفس الإنسان، لحماية النفس من الأخطار والمهالك، والإبتعاد عن الشرور والجرائم. فالخوف في هذه الحال صفةٌ حسنةٌ، تبعد الإنسان عن الشَّر والفساد.
فالمؤمن يخاف الله، ويخاف ذنوبه، ويخاف من فعل الشر والجريمة.. وبذا يكون إنساناً صالحاً ومستقيماً، مبتعداً عن ارتكاب أي ذنب. ولكن هناك فرق بين الخوف والجبن.. فلا يصح أن يكون المؤمن جباناً يُسيطر عليه الجبن، فلا يَرُدُّ الإعتداء، ولا يجابه الظلم والشر والفساد.. فيكون ذليلاً، خاضعاً للإهانة والاعتداء.
والغضب حالةٌ نفسيةٌ، موجودةٌ في نفس الإنسان، لها هدف نافعٌ للإنسان، إذا استعمله الإنسان استعمالاً صحيحاً.
فالإنسان يجب أن يغضب، إذا رأى منكراً، أو عدواناً على الحقِّ، أو فساداً في المجتمع.. يجب أن يغضب للحق، ولله وحده، ويدافع عن الخير والمعروف.. ولكن الغضب يتحول إلى شر وحماقةٍ، وضررٍ على النفس والناس الآخرين.. إذا كان الإنسان يغضب لأتفه الأسباب، ولا يسيطر على نفسه، ولا يملك غضبه وإرادته، دفعه هذا الغضب، وتلك الحماقة، إلى الإعتداء على الآخرين، وارتكاب الجرائم، ومعصية الله.
لذلك ينهى رسول الله (ص) الإنسان عن الغضب، ويعتبر الإنسان الذي يسيطر على نفسه، عندما يواجه شيئاً يغضبه، أو يثيره، هو الإنسان القوي بإرادته وعقله وحكمته، وهو أقوى من الإنسان المصارع، الذي يصرع الناس، ويتغلب عليهم بقوة العضلات؛ لأنّه يصرع قوة الشر والعدوان في نفسه.
إنّ الإنسان الذي يسيطر على نفسه عندما يغضب، ويمنع نفسه عن أذى الآخرين، أو الاعتداء عليهم، أو معاقبتهم، أو الرد عليهم، إنما هو إنسانٌ قوي الإرادة، ذو خلقٍ إنساني عظيم، يدفع المشاكل والأذى عن نفسه، وعن الآخرين، وينشر روح الحب والعفو والتسامح بين الناس.
إنّ الله يحب الإنسان الذي يمنع غيظه، ويعفو عن الناس الذين يؤذونه، فلا ينتقم منهم، ولا يعاقبهم.
إنّ الله سبحانه عفوٌ غفورٌ.. يعفو، ويغفر للعباد، ويسامحهم، وهو كذلك يحبُّ من عباده، أن يعفو بعضهم عن بعض، ويسامحه، ولا ينتقم منه، أو يعاقبه.
فإذا أساء إنسانٌ، أو أخطأ بحق شخص آخر.. فمن خلق الإسلام، أن يعفو هذا الشخص، ويترك العقوبة.. لأنّ الله عفوٌ يحب العافين عن الناس.
الخلاصة:
1- الغضب حالةٌ نفسية، وهي السبب في أكثر الشرور وأعمال العدوان.
2- إنّ الإنسان الذي لا يملك غضبه، لا يملك عقله.. وعندما يغلب الغضب الإنسان، يفعل أفعالاً تضرّه وتضر الآخرين، وتسبِّب له الندامة.
3- الإنسان المؤمن، يجب أن يكون قوي الإرادة، لا يغضب لكل شيءٍ، ولكنه يغضب للحقِّ، ويدافع عنه، ويغضب إذا رأى المنكر والفساد، ويصلحه.
4- المؤمن يعفو عن الناس ويسامحهم؛ لأنّ الله يحب العافين عن الناس، ويجازيهم يوم القيامة جزاء حسناً.
-------------
[1]- الحرّاني، تُحف العقول عن آل الرّسول، ص33، ط5
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
جاء رجلٌ إلى رسول الله (ص) فقال: أوصِني. فقال رسول الله (ص):
"لا تَغْضَبْ"، ثم أعاد عليه، فقال: "لا تغضب"، ثمّ قال: "ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ إنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب"[1].
خَلَقَ اللهُ الإنسانَ، وجعل فيه حالات نفسية متعدِّدة.. مثلَ حالة الحُبِّ الكراهية، والخوف، والغَضَب، وغيرها.. فكلُّ إنسانٍ يُحِسُّ بوجود هذه الحالات، وآثارها في نفسه، فهو يُحبُّ ويكرهُ، ويخاف ويغضب... إلخ، ولكلِّ حالةٍ من هذه الحالات النفسية فوائد ومنافع للإنسان، إذا استعملها استعمالاً صحيحاً، ولكنّها تتحوّل إلى خطر وضرر إذا استعملها استعمالاً خاطئاً، وعندئذٍ يضرُّ نفسه، ويضرُّ الآخرين بهذا الاستعمال غير الصحيح.
فمثلاً جعل الله سبحانه الخوف في نفس الإنسان، لحماية النفس من الأخطار والمهالك، والإبتعاد عن الشرور والجرائم. فالخوف في هذه الحال صفةٌ حسنةٌ، تبعد الإنسان عن الشَّر والفساد.
فالمؤمن يخاف الله، ويخاف ذنوبه، ويخاف من فعل الشر والجريمة.. وبذا يكون إنساناً صالحاً ومستقيماً، مبتعداً عن ارتكاب أي ذنب. ولكن هناك فرق بين الخوف والجبن.. فلا يصح أن يكون المؤمن جباناً يُسيطر عليه الجبن، فلا يَرُدُّ الإعتداء، ولا يجابه الظلم والشر والفساد.. فيكون ذليلاً، خاضعاً للإهانة والاعتداء.
والغضب حالةٌ نفسيةٌ، موجودةٌ في نفس الإنسان، لها هدف نافعٌ للإنسان، إذا استعمله الإنسان استعمالاً صحيحاً.
فالإنسان يجب أن يغضب، إذا رأى منكراً، أو عدواناً على الحقِّ، أو فساداً في المجتمع.. يجب أن يغضب للحق، ولله وحده، ويدافع عن الخير والمعروف.. ولكن الغضب يتحول إلى شر وحماقةٍ، وضررٍ على النفس والناس الآخرين.. إذا كان الإنسان يغضب لأتفه الأسباب، ولا يسيطر على نفسه، ولا يملك غضبه وإرادته، دفعه هذا الغضب، وتلك الحماقة، إلى الإعتداء على الآخرين، وارتكاب الجرائم، ومعصية الله.
لذلك ينهى رسول الله (ص) الإنسان عن الغضب، ويعتبر الإنسان الذي يسيطر على نفسه، عندما يواجه شيئاً يغضبه، أو يثيره، هو الإنسان القوي بإرادته وعقله وحكمته، وهو أقوى من الإنسان المصارع، الذي يصرع الناس، ويتغلب عليهم بقوة العضلات؛ لأنّه يصرع قوة الشر والعدوان في نفسه.
إنّ الإنسان الذي يسيطر على نفسه عندما يغضب، ويمنع نفسه عن أذى الآخرين، أو الاعتداء عليهم، أو معاقبتهم، أو الرد عليهم، إنما هو إنسانٌ قوي الإرادة، ذو خلقٍ إنساني عظيم، يدفع المشاكل والأذى عن نفسه، وعن الآخرين، وينشر روح الحب والعفو والتسامح بين الناس.
إنّ الله يحب الإنسان الذي يمنع غيظه، ويعفو عن الناس الذين يؤذونه، فلا ينتقم منهم، ولا يعاقبهم.
إنّ الله سبحانه عفوٌ غفورٌ.. يعفو، ويغفر للعباد، ويسامحهم، وهو كذلك يحبُّ من عباده، أن يعفو بعضهم عن بعض، ويسامحه، ولا ينتقم منه، أو يعاقبه.
فإذا أساء إنسانٌ، أو أخطأ بحق شخص آخر.. فمن خلق الإسلام، أن يعفو هذا الشخص، ويترك العقوبة.. لأنّ الله عفوٌ يحب العافين عن الناس.
الخلاصة:
1- الغضب حالةٌ نفسية، وهي السبب في أكثر الشرور وأعمال العدوان.
2- إنّ الإنسان الذي لا يملك غضبه، لا يملك عقله.. وعندما يغلب الغضب الإنسان، يفعل أفعالاً تضرّه وتضر الآخرين، وتسبِّب له الندامة.
3- الإنسان المؤمن، يجب أن يكون قوي الإرادة، لا يغضب لكل شيءٍ، ولكنه يغضب للحقِّ، ويدافع عنه، ويغضب إذا رأى المنكر والفساد، ويصلحه.
4- المؤمن يعفو عن الناس ويسامحهم؛ لأنّ الله يحب العافين عن الناس، ويجازيهم يوم القيامة جزاء حسناً.
-------------
[1]- الحرّاني، تُحف العقول عن آل الرّسول، ص33، ط5