بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك يا رسول الله وعلى اهل بيتك الطيبين الطاهرين.
السلام عليك يا رسول الله وعلى اهل بيتك الطيبين الطاهرين.
ما ان برح رسولنا الكريم مناسبة الا وذكر بالقران وباهل بيته لكي تكون الامة على وعي واطلاع وتمهيدا للمستقبل ومنها هذا الحديث :
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) :
" من سره أن يحيا حياتي ، و يموت مماتي ، و يسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه ، و ليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ، و رزقوا فهمي و علمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي " .
و هذا الحديث هو كما نرى من الأحاديث الصريحة التي لا تقبل التأويل و لا تترك للمسلم أي اختيار بل تقطع عليه كل حجة ، و إذا لم يوال عليا و يقتد بأهل البيت عترة الرسول فهو محروم من شفاعة جدهم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .
و تجدر الإشارة هنا بأنه خلال البحث الذي قمت به شككت في البدء في صحة هذا الحديث و استعظمته لما فيه من تهديد و وعيد لمن كان على خلاف مع علي و أهل البيت و خصوصا أن هذا الحديث لا يقبل التأويل ، و خفت الوطأة عندما قرأت في كتاب الإصابة لابن حجر العسقلاني بعدما أخرج الحديث قوله : " قلت في أسناده يحيى بن يعلى المحاربي و هو واه " و أزال ابن حجر بهذا القول بعض الإشكال الذي علق بذهني إذ تصورت أن يحيى بن يعلى المحاربي هو واضع الحديث و هو ليس بثقة ، و لكن الله سبحانه و تعالى أراد أن يوقفني على الحقيقة بكاملها ، و قرأت يوما كتاب " مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان " .
و أوقفني هذا الكتاب على جلية الحال إذ تبين أن يحيى بن يعلى المحاربي هو من الثقات الذين اعتمدهم الشيخان مسلم و البخاري ، و تتبعت بنفسي فوجدت البخاري يخرج له أحاديث في باب غزوة الحديبية من جزئه الثالث في صفحة عدد 31 ، كما أخرج له مسلم في صحيحه في باب الحدود من جزئه الخامس في صفحة عدد 119 و الذهبي نفسه - على تشدده -
أرسل توثيقة إرسال المسلمات و قد عده أئمة الجرح و التعديل من الثقات و احتج به الشيخان فلماذا هذا الدس و التزوير و تقليب الحقائق و الطعن في رجل ثقة احتج به أهل الصحاح ؟ أ لأنه ذكر الحقيقة الناصعة في وجوب الإقتداء بأهل البيت فكان جزاؤه من ابن حجر التوهين و التضعيف ، و قد فات ابن حجر أن من ورائه علماء جهابذة يحاسبونه على كل صغيرة و كبيرة و يكشفون تعصبه و جهله لأنهم يستضيئون بنور النبوة و يهتدون بهدى أهل البيت .
و عرفت بعد ذلك أن ببعض علمائنا يحاولون جهدهم تغطية الحقيقة لئلا ينكشف أمر الصحابة و الخلفاء الذين كانوا أمراءهم و قدوتهم فتجدهم مرة يتأولون الأحاديث الصحيحة الثابتة و يحملونها غير معانيها ، مثال ذلك تأويلهم لمعنى المولى بدل الأولى إلى معنى المحب و الناصر في حديث " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " ،
فعلماء أهل السنة يقولون بصحة الحديث و لكن يجب تأويله إلى معنى المحب و الناصر و ذلك لتصحيح خلافة أبي بكر و عمر و عثمان و إلا لوجب أن يكون علي كرم الله وجهه أولى منهم جميعا ، و هذا فيه ما فيه من تفسيق أكثر الصحابة الذين بايعوا أبا بكر و هو منكر من القول ، هذا قول علماء أهل السنة و الجماعة كما صرح لي به كثير من علمائنا في تونس ! و لما قلت لهم أن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قبلَ الحديث و خلال الخطبة سألهم ( ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى عند ذلك قال " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " ) ،
أجاب البعض بأن هذا من زيادات الشيعة ، و عندما سألتهم : أيعقل أن يجمع رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم مائة ألف من الحجيج في حر الهجير و يحبسهم في الشمس المحرقة ليقول لهم بأن عليا محب و ناصر المسلمين ؟ أ هذا معقول ؟ ؟ فسكتوا و لم يجيبوا .
و مرة يكذبون الأحاديث التي تناقض مذهبهم و إن وردت في صحاحهم و أسانيدهم ، مثال ذلك حديث " الخلفاء من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش و في رواية كلهم من بني هاشم " و قد أخرج الحديث كل من البخاري و مسلم و كل صحاح أهل السنة و الجماعة ، و مع ذلك فهم يكذبون أن يكون هؤلاء هم الأئمة الإثنا عشر من أهل البيت الذين تقول بإمامتهم و ولائهم الشيعة الإمامية الإثنا عشرية ،
و هم يعدون الخلفاء الراشدين الأربعة و منهم من يلحق بهم الخليفة عمر بن عبد العزيز فيصح العدد خمسة و يتوقفون عند ذلك لأنهم ، و الحق معهم لا يعدون معاوية و ابنه يزيد و لا مروان بن الحكم و أولاده من الخلفاء الراشدين ، و يبقى العدد ( إثنا عشر ) بالنسبة إليهم لغزا ليس له حل اللهم إلا إذا قالوا بقول الإمامية ! .
و مرة يحذفون من الحديث نصفه أو ثلثيه ليبدلوه بـ ( كذا و كذا ) ! ! و مثال ذلك حديث " إن هذا أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا " قاله و هو آخذ برقبة علي و قد أخرج هذا الحديث كل من الطبري في تاريخه و ابن الأثير في كامله و كذلك كنز العمال و مسند الإمام أحمد و صاحب السيرة الحلبية و ابن عساكر و لكن الذي طبع كتاب تفسير الطبري ج 19 ص 121 لم يترك الحديث كاملا كما نطق به رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم بل حذف منه كل معانيه و أبدلها بقوله " إن هذا أخي و كذا و كذا ! ! " .
و غفل عن أن الطبري أخرج الحديث كاملا في تاريخه ج 2 ص 319 - 321 ، إنها الأمانة العلمية ، و لعل هذا العالم لم تمكنه الحيل من تكذيب الحديث و رأى أن فيه نصا صريحا على خلافة علي بعد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم فعمد إلى تغطية هذه النصوص و تبديلها بكذا و كذا و ظن هذا المسكين بأنه سوف يحجب نور الشمس عندما يغمض هو عينيه ، أو أنه سوف يقنع القراء و المثقفين بقوله : كذا و كذا ، كلا إنها كلمة هو قائلها ! ! .
و مرة يشككون في الرواة الثقاة لأنهم حدثوا بما لا تهوى أنفسهم ، مثال ذلك طعنهم في يحيى بن يعلى المحاربي و هو من الثقاة الذين احتج بهم البخاري و مسلم في الصحاح و لكن ابن حجر العسقلاني طعن به و وصفه بأنه واه ، لا إلا أنه روى حديث الموالاة الذي أمر فيه رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أصحابه بأن يوالوا من بعده عليا و أهل البيت ،
و هذا الحديث لا يروق لابن حجر و أمثاله الذين يحاولون جهدهم طمس الحقائق التي أنفق معاوية بن أبي سفيان كل ما يملك من الذهب و الفضة في سبيل طمسها فلم يفلح ، فكيف يمكن لابن حجر أن يطمسها بطعنه في الرواة الثقاة ، و قد كان لمعاوية زيادة على المال ، الحول و الطول و السلطة و الجاه و مع ذلك فشل فشلا ذريعا و طواه الزمان في خبر كان بينما بقي نور الإمام علي يشع على مر الأيام ، فكيف يتسنى لابن حجر و أضرابه أن يشككوا في حقيقة أهل البيت بمجرد الطعن في الرواة الأمناء الثقاة ؟ ؟ فهيهات هيهات أن ينطفئ نور الله بالأفواه ! . .
و مرة يخرجون الحديث في الطبعة الأولى و يحذفونه في الطبعات الأخرى بدون أي إشارة إلى مبرر الحذف رغم أن المطلعين يدركون سبب ذلك ! ! مثال ذلك ما فعله محمد حسين هيكل في كتابه " حياة محمد " في الطبعة الأولى ص 104 قال :
عندما نزل قوله سبحانه ( و أنذر عشيرتك الأقربين ) ثم أورد القصة كما ذكرها المؤرخون و في أخرها قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) " إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم .. ! ! " و لكنه حذفها في الطبعة الثانية و ما بعدها من الطبعات بدون إشارة و لا تعليق يشيران من قريب أو من بعيد لسبب حذفه هذه الفقرة من حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و إن كان الشيخ محمد جواد مغنية - و العهدة عليه - نقل في كتابه " الشيعة في الميزان " هذه الحادثة و قال أن محمد حسين هيكل حذف هذه الفقرة مقابل آلاف الجنيهات ، و بما أن هيكل لم يكذب الخبر و لم يعلل حذفه للفقرة المذكورة ، فقد تبين صدق الشيخ محمد جواد مغنية ، و إطلاعه الواسع على مجريات الأمور ! .
على أننا نقول لهؤلاء و أمثالهم الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا : إتقوا الله و قولوا قولا سديدا و تذكروا قوله سبحانه و تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ 8، و قوله سبحانه و تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ 9 .
فهل لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله و يعترفوا بالحق عسى أن يتوب الله عليهم ، قبل فوات الأوان ؟ ؟ ؟ .
و قد تحقق لدي كل هذا بعد البحث و التمحيص و عندي أدلة قاطعة على ما أقول ، فليتهم إذ يحاولون عبثا كل هذه المحاولات لتبرير أعمال الصحابة الذين انقلبوا على الأعقاب ، فجاءت أقوالهم متناقضة بعضها مع بعض و متناقضة مع التاريخ .
ليتهم اتبعوا الحق و لو كان مُرا إذا لأراحوا و استراحوا ، و لكانوا سببا في جمع شمل هذه الأمة المتمزقة و المتناحرة لا لشيء إلا لتأييد أقوالهم أو تفنيدها .
و إذا كان بعض الصحابة الأولين غير ثقاة في نقل الأحاديث النبوية الشريفة فيبطلون منها ما لا يتماشى و أهواءهم و خصوصا إذا كانت هذه الأحاديث من الوصايا التي أوصى بها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) عند وفاته ، فقد أخرج البخاري و مسلم أن رسول الله أوصى عند موته بثلاث :
- أخرجوا المشركين من جزيرة العرب .
- أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم . . ثم يقول الراوي :
و نسيت الثالثة .
فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة و هم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة ؟ كلا و لكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها و عدم ذكرها ، إنها مهزلة أخرى من مهازل هؤلاء الصحابة ، و لان الوصية الأولى لرسول الله كانت - بلا شك - استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي .
مع أن الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح رغم كتمانها و عدم ذكرها فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا كما أخرج مسلم أيضا في صحيحه في كتاب الوصية أنه ذكر عند عائشة أن النبي أوصى إلى علي ، أنظر كيف يظهر الله نوره و لو ستره الظالمون .
أعود فأقول إذا كان هؤلاء الصحابة غير ثقاة في نقل وصايا رسول الله فلا لوم بعد ذلك على التابعين و تابعي التابعين .
و إذا كانت عائشة أم المؤمنين لا تطيق ذكر اسم علي و لا تطيب لها نفسا بخير كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته و البخاري في صحيحه ( باب مرض النبي و وفاته ) و إذا كانت تسجد لله شكرا عندما سمعت بموته ، فكيف يرجى منها ذكر الوصية لعلي و هي من عرفت لدى الخاص و العام بعدائها و بغضها لعلي و أولاده و لأهل بيت المصطفى .
فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم 10..
--------------------------------------------
مركز الاشعاع الاسلامي
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) :
" من سره أن يحيا حياتي ، و يموت مماتي ، و يسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه ، و ليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ، و رزقوا فهمي و علمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي " .
و هذا الحديث هو كما نرى من الأحاديث الصريحة التي لا تقبل التأويل و لا تترك للمسلم أي اختيار بل تقطع عليه كل حجة ، و إذا لم يوال عليا و يقتد بأهل البيت عترة الرسول فهو محروم من شفاعة جدهم رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .
و تجدر الإشارة هنا بأنه خلال البحث الذي قمت به شككت في البدء في صحة هذا الحديث و استعظمته لما فيه من تهديد و وعيد لمن كان على خلاف مع علي و أهل البيت و خصوصا أن هذا الحديث لا يقبل التأويل ، و خفت الوطأة عندما قرأت في كتاب الإصابة لابن حجر العسقلاني بعدما أخرج الحديث قوله : " قلت في أسناده يحيى بن يعلى المحاربي و هو واه " و أزال ابن حجر بهذا القول بعض الإشكال الذي علق بذهني إذ تصورت أن يحيى بن يعلى المحاربي هو واضع الحديث و هو ليس بثقة ، و لكن الله سبحانه و تعالى أراد أن يوقفني على الحقيقة بكاملها ، و قرأت يوما كتاب " مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان " .
و أوقفني هذا الكتاب على جلية الحال إذ تبين أن يحيى بن يعلى المحاربي هو من الثقات الذين اعتمدهم الشيخان مسلم و البخاري ، و تتبعت بنفسي فوجدت البخاري يخرج له أحاديث في باب غزوة الحديبية من جزئه الثالث في صفحة عدد 31 ، كما أخرج له مسلم في صحيحه في باب الحدود من جزئه الخامس في صفحة عدد 119 و الذهبي نفسه - على تشدده -
أرسل توثيقة إرسال المسلمات و قد عده أئمة الجرح و التعديل من الثقات و احتج به الشيخان فلماذا هذا الدس و التزوير و تقليب الحقائق و الطعن في رجل ثقة احتج به أهل الصحاح ؟ أ لأنه ذكر الحقيقة الناصعة في وجوب الإقتداء بأهل البيت فكان جزاؤه من ابن حجر التوهين و التضعيف ، و قد فات ابن حجر أن من ورائه علماء جهابذة يحاسبونه على كل صغيرة و كبيرة و يكشفون تعصبه و جهله لأنهم يستضيئون بنور النبوة و يهتدون بهدى أهل البيت .
و عرفت بعد ذلك أن ببعض علمائنا يحاولون جهدهم تغطية الحقيقة لئلا ينكشف أمر الصحابة و الخلفاء الذين كانوا أمراءهم و قدوتهم فتجدهم مرة يتأولون الأحاديث الصحيحة الثابتة و يحملونها غير معانيها ، مثال ذلك تأويلهم لمعنى المولى بدل الأولى إلى معنى المحب و الناصر في حديث " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " ،
فعلماء أهل السنة يقولون بصحة الحديث و لكن يجب تأويله إلى معنى المحب و الناصر و ذلك لتصحيح خلافة أبي بكر و عمر و عثمان و إلا لوجب أن يكون علي كرم الله وجهه أولى منهم جميعا ، و هذا فيه ما فيه من تفسيق أكثر الصحابة الذين بايعوا أبا بكر و هو منكر من القول ، هذا قول علماء أهل السنة و الجماعة كما صرح لي به كثير من علمائنا في تونس ! و لما قلت لهم أن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قبلَ الحديث و خلال الخطبة سألهم ( ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى عند ذلك قال " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " ) ،
أجاب البعض بأن هذا من زيادات الشيعة ، و عندما سألتهم : أيعقل أن يجمع رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم مائة ألف من الحجيج في حر الهجير و يحبسهم في الشمس المحرقة ليقول لهم بأن عليا محب و ناصر المسلمين ؟ أ هذا معقول ؟ ؟ فسكتوا و لم يجيبوا .
و مرة يكذبون الأحاديث التي تناقض مذهبهم و إن وردت في صحاحهم و أسانيدهم ، مثال ذلك حديث " الخلفاء من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش و في رواية كلهم من بني هاشم " و قد أخرج الحديث كل من البخاري و مسلم و كل صحاح أهل السنة و الجماعة ، و مع ذلك فهم يكذبون أن يكون هؤلاء هم الأئمة الإثنا عشر من أهل البيت الذين تقول بإمامتهم و ولائهم الشيعة الإمامية الإثنا عشرية ،
و هم يعدون الخلفاء الراشدين الأربعة و منهم من يلحق بهم الخليفة عمر بن عبد العزيز فيصح العدد خمسة و يتوقفون عند ذلك لأنهم ، و الحق معهم لا يعدون معاوية و ابنه يزيد و لا مروان بن الحكم و أولاده من الخلفاء الراشدين ، و يبقى العدد ( إثنا عشر ) بالنسبة إليهم لغزا ليس له حل اللهم إلا إذا قالوا بقول الإمامية ! .
و مرة يحذفون من الحديث نصفه أو ثلثيه ليبدلوه بـ ( كذا و كذا ) ! ! و مثال ذلك حديث " إن هذا أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا " قاله و هو آخذ برقبة علي و قد أخرج هذا الحديث كل من الطبري في تاريخه و ابن الأثير في كامله و كذلك كنز العمال و مسند الإمام أحمد و صاحب السيرة الحلبية و ابن عساكر و لكن الذي طبع كتاب تفسير الطبري ج 19 ص 121 لم يترك الحديث كاملا كما نطق به رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم بل حذف منه كل معانيه و أبدلها بقوله " إن هذا أخي و كذا و كذا ! ! " .
و غفل عن أن الطبري أخرج الحديث كاملا في تاريخه ج 2 ص 319 - 321 ، إنها الأمانة العلمية ، و لعل هذا العالم لم تمكنه الحيل من تكذيب الحديث و رأى أن فيه نصا صريحا على خلافة علي بعد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و سلم فعمد إلى تغطية هذه النصوص و تبديلها بكذا و كذا و ظن هذا المسكين بأنه سوف يحجب نور الشمس عندما يغمض هو عينيه ، أو أنه سوف يقنع القراء و المثقفين بقوله : كذا و كذا ، كلا إنها كلمة هو قائلها ! ! .
و مرة يشككون في الرواة الثقاة لأنهم حدثوا بما لا تهوى أنفسهم ، مثال ذلك طعنهم في يحيى بن يعلى المحاربي و هو من الثقاة الذين احتج بهم البخاري و مسلم في الصحاح و لكن ابن حجر العسقلاني طعن به و وصفه بأنه واه ، لا إلا أنه روى حديث الموالاة الذي أمر فيه رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أصحابه بأن يوالوا من بعده عليا و أهل البيت ،
و هذا الحديث لا يروق لابن حجر و أمثاله الذين يحاولون جهدهم طمس الحقائق التي أنفق معاوية بن أبي سفيان كل ما يملك من الذهب و الفضة في سبيل طمسها فلم يفلح ، فكيف يمكن لابن حجر أن يطمسها بطعنه في الرواة الثقاة ، و قد كان لمعاوية زيادة على المال ، الحول و الطول و السلطة و الجاه و مع ذلك فشل فشلا ذريعا و طواه الزمان في خبر كان بينما بقي نور الإمام علي يشع على مر الأيام ، فكيف يتسنى لابن حجر و أضرابه أن يشككوا في حقيقة أهل البيت بمجرد الطعن في الرواة الأمناء الثقاة ؟ ؟ فهيهات هيهات أن ينطفئ نور الله بالأفواه ! . .
و مرة يخرجون الحديث في الطبعة الأولى و يحذفونه في الطبعات الأخرى بدون أي إشارة إلى مبرر الحذف رغم أن المطلعين يدركون سبب ذلك ! ! مثال ذلك ما فعله محمد حسين هيكل في كتابه " حياة محمد " في الطبعة الأولى ص 104 قال :
عندما نزل قوله سبحانه ( و أنذر عشيرتك الأقربين ) ثم أورد القصة كما ذكرها المؤرخون و في أخرها قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) " إن هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم .. ! ! " و لكنه حذفها في الطبعة الثانية و ما بعدها من الطبعات بدون إشارة و لا تعليق يشيران من قريب أو من بعيد لسبب حذفه هذه الفقرة من حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و إن كان الشيخ محمد جواد مغنية - و العهدة عليه - نقل في كتابه " الشيعة في الميزان " هذه الحادثة و قال أن محمد حسين هيكل حذف هذه الفقرة مقابل آلاف الجنيهات ، و بما أن هيكل لم يكذب الخبر و لم يعلل حذفه للفقرة المذكورة ، فقد تبين صدق الشيخ محمد جواد مغنية ، و إطلاعه الواسع على مجريات الأمور ! .
على أننا نقول لهؤلاء و أمثالهم الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا : إتقوا الله و قولوا قولا سديدا و تذكروا قوله سبحانه و تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ 8، و قوله سبحانه و تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ 9 .
فهل لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله و يعترفوا بالحق عسى أن يتوب الله عليهم ، قبل فوات الأوان ؟ ؟ ؟ .
و قد تحقق لدي كل هذا بعد البحث و التمحيص و عندي أدلة قاطعة على ما أقول ، فليتهم إذ يحاولون عبثا كل هذه المحاولات لتبرير أعمال الصحابة الذين انقلبوا على الأعقاب ، فجاءت أقوالهم متناقضة بعضها مع بعض و متناقضة مع التاريخ .
ليتهم اتبعوا الحق و لو كان مُرا إذا لأراحوا و استراحوا ، و لكانوا سببا في جمع شمل هذه الأمة المتمزقة و المتناحرة لا لشيء إلا لتأييد أقوالهم أو تفنيدها .
و إذا كان بعض الصحابة الأولين غير ثقاة في نقل الأحاديث النبوية الشريفة فيبطلون منها ما لا يتماشى و أهواءهم و خصوصا إذا كانت هذه الأحاديث من الوصايا التي أوصى بها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) عند وفاته ، فقد أخرج البخاري و مسلم أن رسول الله أوصى عند موته بثلاث :
- أخرجوا المشركين من جزيرة العرب .
- أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم . . ثم يقول الراوي :
و نسيت الثالثة .
فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة و هم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة ؟ كلا و لكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها و عدم ذكرها ، إنها مهزلة أخرى من مهازل هؤلاء الصحابة ، و لان الوصية الأولى لرسول الله كانت - بلا شك - استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي .
مع أن الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح رغم كتمانها و عدم ذكرها فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا كما أخرج مسلم أيضا في صحيحه في كتاب الوصية أنه ذكر عند عائشة أن النبي أوصى إلى علي ، أنظر كيف يظهر الله نوره و لو ستره الظالمون .
أعود فأقول إذا كان هؤلاء الصحابة غير ثقاة في نقل وصايا رسول الله فلا لوم بعد ذلك على التابعين و تابعي التابعين .
و إذا كانت عائشة أم المؤمنين لا تطيق ذكر اسم علي و لا تطيب لها نفسا بخير كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته و البخاري في صحيحه ( باب مرض النبي و وفاته ) و إذا كانت تسجد لله شكرا عندما سمعت بموته ، فكيف يرجى منها ذكر الوصية لعلي و هي من عرفت لدى الخاص و العام بعدائها و بغضها لعلي و أولاده و لأهل بيت المصطفى .
فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم 10..
--------------------------------------------
مركز الاشعاع الاسلامي
- 8. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 159، الصفحة: 24.
- 9. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 174، الصفحة: 26.
- 10. المصدر:كتاب ثم إهتديت، للشيخ محمد التيجاني.