دورالأم:
لعلّ من أبرز الأدوار التي تقوم بها المرأة وهو دور الأم, فهي البانية للأجيال، وهي الواضعة لأسس البنيان؛ لذا وبدون أيّ تمهيد لنقف
منحنين أمام الأم الأعظم في البشرية، ولنستقِ من عبيرها، صوراً لتربية أبنائنا عن طريق الاطّلاع على بعض الروايات,
فقد رُوي أن الصديقة الطاهرة صلوات الله عليها كانت تحثّ أقمارها الزاهرة على إحيائهم ليالي القدر من أول الليل إلى الصباح،
كانت (عليها الصلاة والسلام) تأمرهم بالنوم نهاراً حتى يتمكنوا من إحياء الليل, وكانت هي الداعية لهم بأعمال البرّ، والمثال الذي يُحتذى به،
كما في رواية النذر ونزول الشهادة الربانية بهم في سورة الإنسان.
وفي رواية الإمام الحسن عليه السلام أعطتهم دروساً في العبادة والإيثار، فهو يجدها تدعو للآخرين دون نفسها،
فيسألها: "يا أماه.. لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فتجيبه: يا بني! الجار ثم الدار".(1)
وقد رُوي أنها كانت تستقبل زوجها وأبناءها عند دخولهم المنزل وتتلقاهم بأفضل اللقاء كما في حديث الكساء: (وَعَلَيكَ السَّلامُ يا قُرَّةَ عَيِني
وَثَمَرَةَ فُؤادِي). وقد ورد أن الإمام الحسن (عليه السلام) حينما كان يرجع من مسجد جدّه رسول الله صلى الله عليه واله وكان طفلاً صغيراً،
كانت فاطمة الزهراء عليها السلام تستفسره عن كلام الرسول صلى الله عليه واله وخطبته في المسجد.
وقد ربّت ابنتها العقيلة زينب خير تربية، وعلّمتها على الصبر، وبيّنت لها مواقفها المستقبلية، وقد قالت لزينب (عليها السلام):
(إذا أدركت يوم كربلاء، فقبّلي عنّي نحر الحسين (عليه الصلاة والسلام) ساعة يأتي للوداع الأخير).
وإلى آخر اللحظات وعند اقتراب منيتها صلوات الله عليها, قامت تتكئ على جدار المنزل ودعت أطفالها الأربعة الحسن والحسين
وزينب وأم كلثوم (صلوات الله عليهم)؛ لتغسل أجسامهم ورؤوسهم بالماء والطين، وهي تملأ عينيها منهم.
كذلك كانت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام لأطفالهاعليهم السلام خير أمّ، فكانت تقوم بشؤونهم، وتغذّيهم بالورع والتقوى،
وتربّيهم بأفضل تربية، فكانت تعدّ أولادهاعليهم السلام لأصناف الفضيلة المختلفة إلى جنب تهيئتها لهم كلّ ما يحتاجونه بدنياً وعاطفياَ.. إلخ.
............................
(1) بحار الأنوار: ج43، ص82.
العلوية رفاه مهدي على
ماجستير علم نفس تربوي
تم نشره في مجلة رياض الزهراء العدد80
تعليق