هو ابن الإمام الكاظم عليه السلام ، وفرع زاكٍ من فروع الإمامة، ونفحة قدسية من نفحات النّبوة،
كان الإمام عليه السلام يكنّ له في نفسه أعظم الحبّ والودّ لِما يراه منه من الهدى والصلاح،
وكان يثني عليه ويشيد به ويقدّمه على سائر أبنائه ما عدا ولده الإمام الرضا عليه السلام.
ولم يمنح الإمام موسى الكاظم عليه السلام هذا الحبّ للقاسم عليه السلام ؛ إلّا لأنه رآه من خيرة أبنائه ورعاً، وتقوىً،
وتحرّجاً في الدين، ومن مظاهر تكريمه له أنه كان ينتدبه للقيام ببعض مهامه، فقد روى سليمان الجعفري،
قال: رأيتُ أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم عليه السلام: "قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك والصافات صفا حتى تستتمها"،
فقرأ فلما بلغ )أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا(/ (الصافات:11) قضى الفتى.
غربتُهُ:
لمّا أمعن هارون في تتبع العلويين وقتلهم وإرهاقهم، نزح القاسم عليه السلام من يثرب مختفياً كاتماً لاسمه حتى لا يُعرف،
فانتهى إلى (سورى)(1)، فأقام فيها غريباً مشرّداً عن أهله ووطنه، خائفاً على نفسه.
وفاتُهُ:
عانى الإمام القاسم عليه السلام من آلام الغربة والفراق الذي ابتلى به، وكان أعظم ما يحزّ في نفسه ما حلّ بأبيه الإمام الكاظم عليه السلام
من الرزء واعتقاله في ظلمات السجون وتشريد إخوانه وغير ذلك من النكبات والأرزاء، وقد نخر الحزن قلبه وأضناه السقم
حتى دنا إليه الموت وهو في ريعان الصبا، فعّرف عن نفسه ولفظ أنفاسه الأخيرة وعرجت روحه إلى بارئها في يوم الثاني والعشرين
من شهر جمادى الأولى في أواخر القرن الثاني الهجري في زمن إمامة أخيه الرضاعليه السلام.
.........................
(1) مدينة تقع جنوب محافظة بابل.
مدينة محمد أكبر
تم نشره في مجلة رياض الزهراء العدد 68
تعليق