أيّها الطبيب يتجلّى عملك في أروع صور الإنسانية، ويعمل مشرطك كريشة متفنن يرسم أبدع لوحاته، ولكن ليس على الورق
وإنّما على جسد خلقه الله تعالى ليعبده )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(/ (الذاريات:65)، وينصب عملك أيها العزيز في تقويم
هذا الجسد وإعادة تأهيله، فما أعظم مهنتك إذا عرفت قدرها وقيمتها، ولكن بعضكم أحال هذه المهنة إلى صفقة تجارية يبيع فيها آلامنا
نحن المرضى ويتاجر بمعاناتنا ومعاناة أهالينا، فحينما نذهب للمشفى نرى جدب الأخلاق يتجسد في أبهى صورة اللهم إلّا القليل القليل،
ويتحول المريض إلى كرة تتقاذفونها فيما بينكم عابثين بكرامته التي تّوجَه الله بها غير مكترثين، وكأن الدنيا لم تخلق إلا لكم،
ويصل الحال بكم أن لا تردوا حتى السلام الذي هو تحية الإسلام وحينما تتعطفون وتتكلمون مع المريض تشعرونه بالمنّة،
وكأن الذي تفعلونه هبة أو عطية منكم لله لا واجبكم الذي أقسمتم بأدائه حينما تخرجتم.
وإذا أنعم الله عليّ واستطعت الذهاب إلى عياداتكم واجهتني ثلاث عقبات:الأولى غلاء الفحص الطبي الذي يثقل كاهلي،
والثانية: الطابور الذي عليّ أن أقف فيه، والثالثة: غلاء العلاج بلا رحمة.
طبيبي العزيز أنا أحتاج تعاطفك ولطفك الذي هو نصف العلاج، فالمريض يحتاج إلى نفسية مستقرة ومرتاحة ليشفى،
فكيف ذلك وأنت تجعلني أشعر بالبؤس ألم تسمع قول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "تبسم المؤمن في وجه المؤمن حسنة".
تعليق