إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الباحثة عن الحقيقة الحلقة الثانية (بنت الهدى)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الباحثة عن الحقيقة الحلقة الثانية (بنت الهدى)

    وانصرفت سندس الي وحدي ، وبدأت ترفض الحائمين حولها بعنف ، أما أنا ، فقد انصرفت اليها بجميع وجودي مع انني عرفت انها من دين غير ديني ، ولكن لم يكن الدين ليؤثر على الحب الذي كنا نعيشه ، فما عرفنا من الدين غير رموز ونعوت امليت علينا املاء من قبل اهلنا ونحن لا نفهم منه سوى اسمه ، فإني لهذا الدين المغلف بالضباب في أذهاننا ان يؤثر على هذا الحب الواضح المعطاء ؟ ولهذا فقد شربنا من كؤوس السعادة احلاها وغدونا لا نفترق الا في الساعات القليلة من الليل ولم يكن يكدر صفاء هذا الحب سوى مضايقات زميل لها في الدراسة كان قد انتقل معها من تلك الجامعة وكان يبدو مغرماً بها الى حد بعيد زاعماً بان له الحق الأول في القرب منها لأنه يماثلها في الدين وينتمي الى نفس البلد الذي تنتمي اليه وكان دائباً على ملاحقتنا بالأذى وتهديدنا بالوعيد ، ولكن جببنا كان لا يسمح لنا بمزيد من الاهتمام حتى حدث ان اصطدمنا بواقع كنا في غفلة عنه ،

    ماذا لو انتهت فترة الدراسة وكان علينا ان يذهب كل الى بلده واهله ؟ ماذا سوف نصنع حين ذاك وقد أصبحنا بشكل يتعذر علينا الفراق .. لا شيء سوى المبادرة بالزواج ، ولكن الزواج كان حتى ذلك الوقت اخر ما نفكر فيه ، ومع هذا رضينا بهذا الحل ابقاء على حبنا وعلاقتنا . عند ذلك واجهتنا عقبة واحدة هي الاختلاف في الدين ، لان الزواج لا يتم لا اذا اتحدنا في الانتساب الى دين واحد ، وأبدت هي استعدادها لأن تنتسب لديني فشكرتها على مبادرتها هذه وصرت أسأل عن اقصر طريق لانجاز الموضوع فقيل لي ان عليّ ان اخذها الى عالم ديني يعلمها الشهادتين وبذلك تصبح مسلمة مثلي ، ثم حاولت أن أعرف كيف يمكنني الوصول الى مثل ذلك العالم الديني ؟
    وبعد ايام أرشدني أحدهم الى بيته ... فتوجهنا اليه في مساء يوم من الأيام ، وكنت اتصوره شيخاً قد انحنى ظهره وابيضت حاجباه وملأت التجاعيد وجهه الضامر القميء ، وكنا قد قدرنا معاً قبل ان نصل باننا سوف لن نتمكن ان نفهم كلامه حينما يحرك به شفتيه بعبارات لا شك انها عتيقة تتخللها كلمات من الذكر والتسبيح ، قالت سندس : ان عليك أنت أن تفهم ما يقول قلت :
    ولماذا عليّ أنا بالذات ؟ فتضاحكت وقالت :
    لأنه يماثلك في الدين فهو مسلم وانت مسلم ، ولهذا

    عليك أنت بالخصوص أن تفهم تمتمته العتيقة ، ولا أنسى أنني أجبتها ببرود قائلا : آه ، نعم اني مسلم ، وعندما وقفنا أما الباب التصقت بي سندس قائلة :
    فؤاد هل تعلم بأنني خائفة ؟ ولا انكر انني كنت خائفاً مثلها فهي أول مرة كان عليّ أن ادخل فيها الى بيت عالم ديني ، نعم عالم ديني يعتبرني ولا شك من المارقين العصاة ، كنت اخشى ان ينهرني ويقسو عليّ بكلماته ، كنت اخشى ان يمتنع عن استقبالي لأنني منحرف ( على حد زعمه ) فلطالما حذّرني اصدقائي من الاحتكاك بمثل هؤلاء ، فهم حاقدون على كل شيء ، الشباب ، والجمال ، والثقافة ، والمال ، لأنهم لا يقدرون على امتلاك شيء من هذه الأشياء ولعل عجزهم هذا هو الذي جرهم الى سلوك هذا الطريق فالفشل قد يدفع صاحبه أحياناَ الى الانتحار وهؤلاء أعقل من المنتحرين فهم يبنون لأنفسهم قواعد تدر عليهم المال والجاه دون أن يكلفهم ذلك أي عمل ... ولكن ، ومع أن أفكاري كانت غير مريحة بالمرة فقد تظاهرت بالجرأة وقلت لها :
    ولماذا تخافين يا حبيبتي ؟ أنه أمر روتيني سوف ينجز خلال دقائق تصبحين بعدها مسلمة مثلي ! قالت :
    وأنت كيف اصبحت مسلماً ؟ فتحيرت بماذا أجيب ثم قلت :
    آه . نعم . أنا كيف أصبحت مسلماً ؟ في الحقيقة لست أعلم ولكنها الوراثة ، قالت :
    وهل ان الدين ينتقل عن طريق الوراثة ؟ فضحكت قائلا :
    أقصد أنني ابن اسرة مسلمة ولهذا اصبحت مسلماً والظاهر انها لم تقتنع فقد ردت عليّ قائلة :
    لقد قلت لا أدري وهو الصحيح يا حبيبي ، فضغطت علي يدها قائلاً :
    نعم انه هو الصحيح يا حبيبتي ... ثم طرقنا الباب ففتحه لنا طفل صغير اسمر اللون نافذ النظرات تبدو عليه خمائل الذكاء مع شيء من الخجل ، ثم قادنا الى غرفة جانبية منعزلة وجدنا فيها العالم الديني ، وكانت مفاجأة لست أنساها ابداً وأنى لي ان انسى تلك اللحظات ؟ فقد وجدتني أمام شاب لا يتجاوز الأربعين من عمره مشرق الوجه ، جميل الطلعة ، حسن الزي نظيف المسكن والملبس ، وقد استقبلنا بكلمات ترحيب حديثة مهذبة وبصوت هادئ رصين ، وحينما أعطاني يده للمصافحة وجدتها يداً نظيفة مترفة تبعد كل البعد عن تلك اليد السوداء المعروقة ذات الأظافر السمراء التي كنت أتصورها للعالم الديني ، واحسست بالراحة والركون الى هذا الإنسان والتفت نحو سندس استطلع رأيها فيه فوجدت نظراتها تحكي عن الاعجاب والاستغراب .

    وعندما استقر بنا الجلوس همست لها قائلاً : ألا تزالين خائفة ؟ قالت : كلا بل انني احس بالراحة ، ثم بدأت في الحديث فوراً فحدثته عن الحب الذي جمع بين قلبينا منذ سنين وكيف اننا الآن في حاجة لان يشهد هو بإسلامها ، ولهذا فأنا ارجوه أن يكرر الشهادتين لتعيدها هي امامه ، فابتسم بلطف وقال بنغمة هادئة ولكن هذا لا يكفي يا ولدي ، فاستغربت ان يناديني بيا ولدي وهو لا يكبرني إلا سنوات ، ثم قلت بشيء من العجب : وكيف ! قال :
    ان الاسلام ليس مجرد ترديد كلمات وشعارات جوفاء انه يا ولدي عقيدة وفكرة ، قال هذا وسكت كأنه لا يريد ان يسترسل بحديث غير مطلوب منه ، والحقيقة ان هذا السكوت قد اعجبني منه لأنني كنت امقت اولئك الذين يغتنمون أصغر فرصة للتمشدق بما لديهم من كلمات ولا براز ما يعرفون من معلومات ولكنني كنت اريد ان اعرف اكثر فأنا صاحب حاجة اريد ان انجزها عليّ أي شكل ، ولهذا فقد استزدته من الكلام قائلاً :
    اذن ؟ فابتسم من جديد وقال بنفس الأسلوب الهادئ :
    بودي لو ساعدتك يا ولدي ولكنني في الحقيقة مسؤول عن هذا الدين الذي انتسب اليه ، فإنني وبصفتي عالم ديني لا أتمكن أن أعطي الإسلام على شكل قشور جوفاء ، وهنا لا أدري كيف سمحت لنفسي أن أصبح ملحاحا في ذلك اليوم لأنني عدت الح عليه قائلاً :

    أنه مجرد تسهيل أمر لنا ولا اعتقد انه يضرك بشيء ، بهدوء أيضاً قائلاً :
    والعجيب أنه لم يغضب ولم يعرض عني بل رد عليّ .
    الملفات المرفقة

  • #2
    قصة مشوقة جدا

    احسنتم ننتظر الحلقة الاخرى بشوق

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة تراتيل فاطمة مشاهدة المشاركة
      قصة مشوقة جدا

      احسنتم ننتظر الحلقة الاخرى بشوق
      شكرا لحضوركم المبارك اختي الطيبة

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X