إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[ مقاطع من موعظة لأمير المؤمنبن عليه السلام لِعامِلهِ علی البصرة ]

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [ مقاطع من موعظة لأمير المؤمنبن عليه السلام لِعامِلهِ علی البصرة ]

    [ مقاطع من موعظة لأمير المؤمنبن عليه السلام لِعامِلهِ علی البصرة ]

    ومن كتاب له عليه السلام إلى "ۢعثمان بن حنيف الأنصاري " ، وهو عامِلُه على البصرة ، وقد بلغه أنه دُعِيَ إلى وليمةِ قومٍ من أهلها ، فمضى إليهم :

    [ أَمَّا بَـعْـدُ يَـا ابْـنَ حُـنَـيْـفٍ ! فَـقَـدْ بَـلَـغَـنِي أَنَّ رَجُـلاً مِنْ فِـتْـيَـةِ أَهْـلِ الْـبَصْرَةِ دَعَـاكَ إِلَى مَـأْدُبَـةٍ ، فَـأَسْرَعْـتَ إِلَـيْـهَا ، تُسْتَـطَابُ لَـكَ الْأَلْـوَانُ ، وَتُـنْـقَـلُ إِلَـيْكَ الْجِفَـانُ (1) ، وَمَـا ظَـنَـنْـتُ أَنَّـكَ تُجِيبُ إِلَى طَـعَامِ قَـوْمٍ ، عَـائِـلُـهُـمْ مَجْفُـوٌّ (2) ، وَغَنِـيُّـهُمْ مَدْعُو .

    فَـانْـظُـرْ إِلَى مَـا تَـقْضَمُـهُ (3) مِنْ هَذَا الْـمَـقْـضَمِ(4) ، فَـمَا اشْتَـبَـهَ عَـلَـيْكَ عِـلْـمُـهُ فَـالْـفِـظْـهُ (5) ، وَمَـا أَيْقَـنْتَ بِـطِيبِ وُجُوهِـهِ فَـنَـلْ مِـنْـهُ ، أَلَا وَإِنَّ لِـكُـلِّ مَـأْمُـومٍ إِمَـامـاً يَقْـتَدِي بِـهِ ، وَيَسْتَضِي‏ءُ بِـنُـورِ عِـلْـمِـهِ ، أَلَا وَإِنَّ إِمَامَكُـمْ قَدِ اكْـتَفَى مِنْ دُنْـيَاهُ بِـطِـمْـرَيْـهِ (6) ، وَمِنْ طُـعْـمِـهِ بِـقُـرْصَـيْـهِ (7) ، أَلَا وَإِنَّـكُـمْ لَا تَـقْـدِرُونَ عَـلَى ذَلِـكَ ، وَلَـكِنْ أَعِـينُـونِـي بِـوَرَعٍ وَاجْـتِـهَادٍ ، وَعِـفَّـةٍ وَسَدَادٍ .

    فَوَاللهِ مَا كَـنَـزْتُ مِنْ دُنْـيَاكُـمْ تِـبْـراً (8)، وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَـنَائِـمِـهَا وَفْـراً ، وَلَا أَعْدَدْتُ لِـبَالِـي ثَـوْبِـي طِمْـراً (9) ، وَلَا حُـزْتُ مِنْ أَرْضِـهَا شِـبْـراً ، وَلَا أَخَذْتُ مِـنْـهُ إِلَّا كَـقُـوتِ أَتَـانٍ دَبِـرَةٍ (10)، وَلَـهِـيَ فِي عَـيْنِـي أَوْهَى وَأَوْهَـنُ مِنْ عَـفْـصَةٍ مَـقِـرَة(11).


    وَلَـوْ شِئْـتُ لَاهْـتَدَيْتُ الـطَّـرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا الْـعَسَلِ ، وَلُـبَابِ هَذَا الْـقَـمْحِ ، وَنَسَائِجِ هَذَا الْـقَـزِّ ، وَلَـكِـنْ هَـيْـهَاتَ أَنْ يَـغْـلِـبَـنِـي هَـوَايَ ، وَيَـقُـودَنِي جَـشَعِي إِلَى تَـخَـيُّـرِ الْأَطْعِـمَـةِ ، وَلَـعَـلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْـيَـمَامَـةِ مَنْ لَا طَمَـعَ لَـهُ فِي الْـقُرْصِ ، وَلَا عَـهْـدَ لَـهُ بِـالشِّـبَعِ ، أَو أَبِـيتَ مِـبْـطَـانـاً وَحَـوْلِي بُـطُونٌ غَـرْثَى (12) وَأَكْـبَادٌ حَـرَّى (13) ، أَوْ أَكُـونَ كَـمَا قَـالَ الْـقَائِـلُ :

    وَحَسْبُـكَ دَاءً أَنْ تَـبِيتَ بِـبِطْـنَـةٍ
    وَحَوْلَـكَ أَكْـبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْـقِـدِّ (14)

    أَأَقْـنَـعُ مِنْ نَـفْسِي بِـأَنْ يُـقَـالَ : هَذَا أَمِـيرُ الْـمُؤْمِـنِـينَ ، وَلَا أُشَارِكُـهُـمْ فِي مَـكَـارِهِ الـدَّهْـرِ ، أَو أَكُـونَ أُسْوَةً لَـهُـمْ فِي جُشُوبَـةِ الْـعَـيْـشِ(15)!

    فَـمَا خُلِـقْتُ لِـيَشْغَـلَـنِي أَكْـلُ الـطَّـيِّـبَاتِ ، كَـالْـبَـهِـيمَـةِ الْـمَرْبُـوطَـةِ هَـمُّـهَا عَـلَـفُـهَا ، أَوِ الْـمُرْسَلَـةِ شُغُـلُـهَا تَـقَـمُّـمُـهَا (16)، تَـكْـتَرِشُ مِنْ أَعْـلَافِـهَا ، وَتَـلْـهُـو عَـمَّا يُرَادُ بِـهَا (......)

    وكَـأَنِّي بِـقَـائِـلِكُـمْ يَـقُـولُ : إِذَا كَـانَ هَذَا قُوتُ ابْـنِ أَبِـي طَالِـبٍ ، فَـقَـدْ قَـعَـدَ بِـهِ الضَّعْـفُ عَـنْ قِـتَـالِ الْأَقْـرَانِ (17) وَمُـنَـازَلَـةِ الشُّجْعَـانِ .

    أَلَا وَإِنَّ الشَّجَرَةَ الْـبَرِّيَّـةَ أَصْلَـبُ عُـوداً ، وَالـرَّوَاتِـعَ الْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُـلُـوداً ، وَالـنَّابِـتَاتِ الْـعِذْيَـةَ أَقْـوَى وَقُـوداً ، وَأَبْـطَـأُ خُـمُـوداً ،

    وَأَنَـا مِنْ رَسُولِ اللهِ كَـالضَّوْءِ مِـنَ الـضَّوْءِ ، وَالـذِّرَاعِ مِـنَ الْـعَـضُدِ ، وَاللهِ لَـوْ تَـظَاهَـرَتِ الْـعَـرَبُ عَـلَى قِـتَالِـي لَـمَا وَلَّـيْتُ عَـنْـهَا ، وَلَـوْ أَمْكَـنَتِ الْـفُـرَصُ مِنْ رِقَـابِـهَا لَسَارَعْـتُ إِلَـيْهَا (.....)

    إِلَـيْكِ عَـنِّي يَـا دُنْـيَا ! فَحَـبْـلُـكِ عَـلَى غَـارِبِـكِ (18) ، قَدِ انْسَلَـلْتُ مِـنْ مَخَالِـبِـكِ ، وَأَفْـلَـتُّ مِـنْ حَبَائِـلِـكِ ، وَاجْتَـنَـبْـتُ الذَّهَابَ فِي مَدَاحِـضِكِ (19).

    أَيْـنَ الْـقُرُونُ الَّذِينَ غَـرَرْتِـهِمْ بِـمَدَاعِـبِكِ ! أَيْنَ الْأُمَـمُ الَّـذِينَ فَـتَـنْـتِـهِـمْ بِـزَخَارِفِـكِ ! فَـهَا هُـمْ رَهَـائِـنُ الْـقُـبُورِ وَمَضَامِـينُ اللُّحُودِ.

    (.....) هَـيْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِـقَ ، وَمَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَـرِقَ ، وَمَنِ ازْوَرَّ عَنْ حَـبَائِـلِـكِ وُفِّـقَ ، وَالسَّالِـمُ مِـنْـكِ لَا يُـبَالِـي إِنْ ضَاقَ بِـهِ مُـنَاخُهُ ، وَالدُّنْيَا عِنْـدَهُ كَـيَوْمٍ حَـانَ انْسِلَاخُـهُ.

    اعْـزُبِي عَـنِّي ! فَوَاللهِ لَا أَذِلُّ لَـكِ فَـتَسْتَذِلِّـيـنِي ، وَلَا أَسْلَـسُ (20) لَـكِ فَـتَـقُـودِينِي. وَايْمُ اللهِ - يَـمِـيناً أَسْتَـثْـنِي فِـيهَا بِـمَشِيئَةِ اللهِ عزّ وجلّ - لَأَرُوضَنَّ نَـفْسِي رِيَاضَةً تَـهِـشُّ (21) مَـعَـهَا إِلَى الْـقُـرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَـلَـيْهِ مَـطْـعُوماً ، وَتَـقْـنَعُ بِالْـمِـلْحِ مَـأْدُوماً (22) ، وَلَأَدَعَـنَّ مُـقْـلَـتِي كَـعَـيْنِ مَاءٍ ، نَـضَبَ مَـعِينُـهَا ، مُسْتَـفْـرِغَـةً دُمُوعَـهَا.(.....)

    طُوبَى لِـنَـفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّـهَا فَـرْضَهَا ، وَعَـرَكَـتْ (23) بِجَـنْـبِـهَا بُـؤْسَـهَا ، وَهَجَـرَتْ فِي اللَّـيْلِ غُـمْـضَـهَا (24) ، حَـتَّى إِذَا غَـلَـبَ الْـكَـرَى (25) عَـلَـيْهَا افْـتَرَشَتْ أَرْضَهَا ، وَتَـوَسَّدَتْ كَـفَّـهَا ، فِي مَـعْشَرٍ أَسْهَـرَ عُـيُونَـهُـمْ خَوْفُ مَـعَادِهِـمْ ، وَتَجَافَـتْ عَنْ مَضَاجِـعِـهِـمْ جُـنُوبُـهُـمْ، وَهَـمْـهَـمَتْ بِـذِكْـرِ رَبِّـهِمْ شِفَاهُـهُـمْ ، وَتَـقَـشَّعَـتْ (26) بِـطُولِ اسْتِـغْـفَارِهِـمْ ذُنُـوبُـهُـمْ
    ۞ أُوْلَـئِكَ حِ/زْبُ الله أَلَا إِنَّ حِ/زْبَ اللهِ هُـمُ الْـمُـفْـلِحُون .۞

    فَـاتَّـقِ الله يَـا ابْـنَ حُـنَـيْفٍ ! وَلْـتَكْـفُـفْ(27) أَقْـرَاصُكَ لِـيَكُونَ مِـنَ الـنَّارِ خَـلَاصُكَ ! ]

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

    [ شرح كلمات ]

    (1) الْجِـفَانُ : مفردها الجفـنة وهي الـقَصْعَـةُ : وهي وَعاءٌ يؤكَـلُ فـيه ويُـثرَد ، وكان يُـتَّخذُ من الخشب غـالـباً .

    (2) - عَائِـلُـهُـمْ : فقيرهم .
    - مَجْفُـوّ : مُبْـعَـد .
    (3) تَـقْضَمُـهُ : تكسُرُه وتأكـله .

    (4) الْمَقْضَمِ : قضم كسمع أكل بطرف أسنانه والمراد الأكل مطلقاً ، والمـقضم كمـقـعد المأكـل.

    (5) فَـالْفِـظْهُ : إطرحْه حيث اشتَـبَه عليك حِـلّـه من حُرمَتِه .
    (6) بِطِمْرَيْهِ : الـطِّـمْرُ : الثوب الخَلَق الـبالي .

    (7) طُعْـمِهِ : الـطُّعم : ما تدركه حاسة الذوْقِ من طعام أَو شراب، كالحلاوة والمرارة والحموضة وما بينها. و الـطَّعْـمُ ما يُشتَـهَى مِنَ الـطَّعام.
    - بِـقُرْصَيْهِ : الـقُرص : قـطـعة مبسوطة مستديرة .


    (8) تِـبْراً : الـذَّهَبُ الـخَالِصُ/ فُـتات الذهب أَو الـفضة قـبل أَن يُصاغا .
    (9) طِـمْراً : الـطِّـمْرُ : الـثوب الخَلَـق الـبالي والجمع : أطْـمَار .

    (10) أَتَـان دَبِـرَة : جـرح في الـدابّـة .
    (11) - عَـفْـصَةٍ : عَـفِصَ الـطَّعَامُ : كـان فِـيهِ مرارة وتَـقَـبُّـض .
    - مَـقِـرَة : حَـوْضُ صغيرُ يجـتمع فـيه الـماءُ. / جـرّة .


    (12) بُـطُونٌ غَـرْثَى : جَـوْعَی .
    (13) أَكْـبَادٌ حَـرَّى : عَـطْشَى .
    (14) الْـقِدِّ : الشيءُ الـمَقْـدُود .

    (15) جُشُوبَـةِ الْـعَـيْشِ : الخشونـة .
    (16) تَـقَـمُّـمُـهَا : تَـتَـبُّـعُـها ما في الـقُـماماتِ.

    (17) الْأَقْـرَانِ : مفردها الـقِرن : الـقِرْنُ للإِنسان : مِثْلُـهُ في الشَّجاعة والشِّدَّة والقِـتال ، نَـظِيرُهُ، مََـثِيلُـهُ...

    (18) حَبْلُـكِ عَـلَى غَـارِبِـكِ ۢ: إذهـبي حيثُ شِـئتِ .

    (19) مَدَاحِضِكِ : مفردها مدحضة : وهي الـمَزْلـقَـة أي الأرض الـتي تَـزِلُّ فيها الـقَدم .
    (20) أَسْلَسُ : أسلس الشَّيءُ سلِس: لانَ وسهُـلَ وانـقاد .


    (21) تَـهِشُّ الـنفس الی الـقُرص : يَنشرح صدرُها فَـرَحاً وسروراً بِـهِ .

    (22) مَـأْدُومـاً : مأدوم من الطعام المخلوط بـالإدام والإدام هو ما يُـجعَـل مَـعَ الخبز فَـيطيـبه .


    (23) عَـرَكَـتْ : عَـرَكَ الشيءَ : حَكَّـهُ حـتى مَـحَاهُ .
    (24) غُـمْـضَهَا : نَـوْمَـها .

    (25) الْـكَـرَى : الـنوم / الـنُّـعَاس .
    (26) تَـقَشَّعَـتْ : زالَـتْ ، اِنْكَشَفَتْ .
    (27) تَـكْـفُـف : تَـكْـفّـفْ عَـنِ الأمر : إنصرِفْ عَـنـهُ واتْـرُكْـهُ .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

    [ لا تَـنْسوني وَوالِدَيَّ مِنْ خالِصِ دُعائِكُم ]

    وآخِــرُ دَعــوَانَــا

    ۞ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلهِ رَبِّ ٱلۡعَالَمِین . ۞​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X