اللهم صل على محمد وآل محمد
(إذا لم تستح فاصنع ما شئت )هذا حديث مرويّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله، نقله العامّة والخاصّة، وذكروا له تأويلات كثيرة، منها ثلاثة وجوه احتملها السيّد المرتضى علم الهدى طاب ثراه، ويعجبني أن أنقل الأخير منها استمدادًا من حكمة نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله، ودلالة على براعة سيّدنا المذكور في طريقة استخراج المعاني التفسيرية.
قال طاب ثراه في كتاب غرر الفوائد ودرر القلائد المعروف بـ (الأمالي): «أن يكون معنى الخبر إذا لم تفعل ما تستحيي منه فافعل ما شئت؛ فكأنّ المعنى إذا لم تفعل قبيحًا فافعل ما شئت، لأنّه لا قبيح من ضروب القبائح إلّا والحياء يصاحبه، ومن شأن فاعله إذا قرع به أن يستحي منه، فمتى جانب الانسان ما يستحي منه في أفعاله فقد جانب سائر القبائح، وما عدا القبيح من الافعال فهو حسن. ويجري هذا مجرى خبر يروى فيما أظنّ عن نبينا عليه السلام أنّ رجلًا جاءه فاسترشده إلى خصلة يكون فيها جماع الخير، فقال له عليه السلام: «أشترط عليك أن لا تكذبني ولن أسألك ما وراء ذلك»، فهان على الرجل ترك الكذب خاصّة، والمعاهدة على اجتنابه دون سائر القبائح، وشرط على نفسه ذلك، فلمّا انصرف جعل كلّما همّ بقبيح يفكّر ويقول: أرأيتُ لو سألني عنه النبي صلى الله عليه وآله ما كنت قائلًا له، لأنّني إن صدقته افتضحت، وإن كذبته نقضت العهد بيني وبينه فكان ذلك سببًا لاجتنابه لسائر القبائح».
تعليق