بعد حياة مليئة بالمحن والمصائب رأت فيها رؤية العين اجتماع الأمة على ظلم بعلها الوفي والوصي أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام
بعد ذلك فقدها إياه وبقاؤها أرملة قد اسودّت الدنيا في عينيها، ثم ما جرى على السبط الزكي الحسن بن علي عليهما السلام
من حوادث مرّوعة ومصائب مفجعة، بعد ذلك جاءت أحداث كربلاء فأنست مصائبها كلّ المصائب وهونت كلّ الرزايا،
ففقدت أولادها وفقدت مَن كانت تفديه بكلّ أولادها، فخلدت للبكاء والنحيب وشاركت عزيزة أمها وأبيها وأم المصائب زينب عليها السلام
أحزانها حتى نحل جسمها، وضعف من طول البكاء بصرها، فقد ذكر المؤرخون أنها كانت تحمل حفيدها عبيد الله بن العباس عليهما السلام
وتخرج إلى البقيع كلّ يوم وتُقيم النياحة على أولادها وعلى الإمام الحسين عليه السلام وتندبهم أشجى ندبة،
وكان خروجها إلى البقيع حيث اجتماع الناس من ناحية وقربها من القبور مما يجعل النفوس المستمعة لندبتها أكثر تأثراً
مما لو ناحت في مكان آخر، وهي إنما تقوم بذلك لتشتعل نار العداوة ضد بني أمية، فكانت هي والحوراء عليهما السلام
قد أخذتا على نفسيهما إكمال رسالة الإمام الحسين عليه السلام ونشر مظلوميته في ربوع الدنيا، وبعد أن أكملت هذه الرسالة
أحبت لقاء ربّها واشتاقت إلى أولادها، ففاضت نفسها الزكية فاحتضنتها العترة المحمدية، وكانت وفاتها في (18) من جمادي الثانية
وكان يوم جمعة، إذ دخل الفضل بن العباس عليه السلام وهو باكٍ حزين على الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يقول:
"لقد ماتت جدتي أم البنين عليها السلام".
أمّا قبرها فهو في البقيع في الزاوية اليُسرى، ومن المؤمل وهو الحلم الذي يراودنا أن يُبنى ويُشيّد ويُطاف حوله ويُزار
وكذلك القبور التي هُدّمت.
نبأ جعفر
كلية التربية/ قسم الحاسبات
تم نشره في مجلة رياض الزهراء العدد57
تعليق