معنى الجنَّة
المعنى اللغويّ: فهي بمعنى البستان، والمكان الَّذي فيه زرع وثمار وأشجار، تواري من سار فيها وتستره، أمَّا في المصطلح الشرعيّ، فإنَّها الدار الّتي أعدَّها الله تعالى لثواب المؤمنين في الآخرة.
الوصف العام للجنَّة
لأنَّ الجنَّة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولأنَّها كما قال تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾1، لذا فإنَّ الله تعالى لا يصف الجنّة بما هو واقعها، وإنَّما يصفها على نحو التقريب فيقول عزَّ وجلَّ: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾2.
ويقول في آية أخرى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾3.
فالله تعالى يضرب لنا المثل فقط، لأنَّ الألفاظ الّتي نتخاطب بها نحن قد وضعت لمعانٍ نعرفها، وإذا كانت في الجنّة أشياء لم ترها عين ولم تسمعها أذن، ولم تخطر على بال بشر، فمن الممكن أن نقول إنَّه لا توجد ألفاظ عندنا تؤدّي معنى ما هناك، وبهذا نعرف أنَّ هناك فارقاً بين "مثل الجنَّة" وبين "الجنَّة".
وهنا يتجلَّى عجز اللغة عن أن توجَد فيها ألفاظٌ تعبّر عن معنى ما هو موجود في الجنّة، فلا أحد فينا يعلم ما هي الأشياء الموجودة في الجنة ما دام أحد منَّا لم يرَ الجنَّة.
لا تفنى ولا تبيد
إنَّ الجنَّة لا تفنى ولا تبيد، والدليل على هذا ظاهر في كتاب الله عزَّ وجلَّ، قال تعالى عن الجنّة: ﴿عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾4، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ﴾5، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَ﴾6، وقال تعالى عن فاكهة الجنَّة: ﴿لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾7.
نعيم محض
إنَّ الجنَّة نعيم محض، فلا يعتريها ما في الدنيا من الكدورة والشقاء، فالمياه في الدنيا عندما تجري، تكون حلوة ورائقة وصافية، وإن ركدت فهي تأسن وتفسد. ولذلك يوضح لنا الحقُّ سبحانه أنَّ المياه في الجنة غير آسنة، وأنَّها تكون أنهاراً منزوعاً من مياهها ما يكدِّرها. وكذلك فإنَّ اللبن إذا بقي لمدّة طويلة، يتغيَّر طعمه، ولذلك يضرب لهم المثل بوجود أنهار من لبن لم يتغيَّر طعمه.
وأيضاً يضرب المثل بوجود أنهار من عسلٍ مصفَّى، وبذلك يقدّم لنا خير ما كنّا نحبه من عسل الدنيا، ولكن دون ما يكدِّره.
ويوضح سبحانه أيضاً أنَّ في الجنة أنهاراً من خمر، ولكنَّها خمرٌ تختلف عن خمرِ الدنيا، فهي لا تؤثّر على التكوين العضويّ للعقل، كما أنَّ خمر الدنيا ليس فيها لذّة للشاربين، لأنَّها من كحول يكوي الفم ويلسعه. ويقول الحقُّ سبحانه عن خمر أنهار الجنّة: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ* بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾8. أي أنَّه سبحانه ينفي عن خمر أنهار الجنَّة كلّ المكدّرات الّتي تشوب خمر الدنيا.
أبواب الجنّة
تحدّثت الروايات الشريفة عن أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم عن أبواب الجنّة، ومن ذلك ما رُوِيَ عن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "إنَّ للجنّة ثمانية أبواب: بابٌ يدخل منه النبيّون والصدِّيقون، وبابٌ يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّون9.
ورُوِيَ عن الإمام الباقر عليه السلام أنَّه قال: "أحسنوا الظنّ بالله، واعلموا أنَّ للجنّة ثمانية أبواب، عرض كلّ باب منها مسيرة أربعين سنة"10.
درجات الجنَّة وأنواعها
للجنَّة درجات بعضها فوق بعض، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾11.
ويقول سبحاته وتعالى في آية أخرى: ﴿انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيل﴾12.
أنواع الجنَّة
والجنَّات نفسها متنوعة، فهناك جنَّات الفردوس، وجنَّات عدن، وجنَّات نعيم.. وهناك دار الخلد، ودار السلام، وجنَّة المأوى، وهناك عليُّون الّذي هو أعلى وأفضل الجنَّات.
طعام أهل الجنّة وشرابهم
أمّا طعام أهل الجنَّة، فهو كما قال الله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾13.
فالجنَّة تحتوي على جميع ثمار وفواكه الدنيا من حيث الشكل، ولكنَّها تختلف تماماً عما في الدنيا من حيث طعمها. وقد ذُكر من ثمار الجنّة التين - العنب - الرمّان - الطلح (الموز) والبلح (النخيل) والسدر(النبق) وجميع ما خلق الله تبارك وتعالى لأهل الدنيا من ثمار.
وفواكه الجنّة وثمارها في متناول أيادي أهل الجنة، وأنّى شاءوا، فما أن يشتهي المؤمن فاكهة ما حتّى يهبط إليه غصنها وتقترب الثمرة المطلوبة من فمه، فهو لا يحتاج إلى النطق والإفصاح عن حاجته أو رغبته أبداً كما قال تعالى ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾14، ومعنى كلمة (دان) هو قريب، وهي مشتقّة من الدنوّ، فإنَّ ثمار الجنتين وفواكههما قد دنت إلى المؤمن وأضحت في متناول يده وعند رغبته.
أنهار الجنَّة وعيونها
الأنهار والعيون مطلب لراحة النفس في الدنيا على ما فيها من مكدّرات، فكيف إذا كانت أصناف هذه الأنهار مما لا عين رأت مثلها ولا خطرت على قلب بشر؟ وقد تكرّر في القرآن الكريم في عدّة مواضع قوله تعالى ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾15.
وهذا يدلّ على أنَّها أنهارٌ حقيقية، وأنَّها جارية لا واقفة، وأنَّها تحت قصورهم، وقد ذكر تعالى في آية واحدة أربعة أجناس من الأنهار، قال عزَّ وجلَّ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ...﴾16.
وقد نفى تعالى عن كلِّ واحدٍ منها الآفّات الّتي تعرض لها في الدنيا، فآفّة الماء أن يأسن من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتغيّر طعمه الى الحموضة، وآفّة الخمر كراهة مذاقه المنافي للذّة شربها، وآفّة العسل عدم تصفيته.
النعم الروحيَّة
المعنى اللغويّ: فهي بمعنى البستان، والمكان الَّذي فيه زرع وثمار وأشجار، تواري من سار فيها وتستره، أمَّا في المصطلح الشرعيّ، فإنَّها الدار الّتي أعدَّها الله تعالى لثواب المؤمنين في الآخرة.
الوصف العام للجنَّة
لأنَّ الجنَّة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولأنَّها كما قال تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾1، لذا فإنَّ الله تعالى لا يصف الجنّة بما هو واقعها، وإنَّما يصفها على نحو التقريب فيقول عزَّ وجلَّ: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾2.
ويقول في آية أخرى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾3.
فالله تعالى يضرب لنا المثل فقط، لأنَّ الألفاظ الّتي نتخاطب بها نحن قد وضعت لمعانٍ نعرفها، وإذا كانت في الجنّة أشياء لم ترها عين ولم تسمعها أذن، ولم تخطر على بال بشر، فمن الممكن أن نقول إنَّه لا توجد ألفاظ عندنا تؤدّي معنى ما هناك، وبهذا نعرف أنَّ هناك فارقاً بين "مثل الجنَّة" وبين "الجنَّة".
وهنا يتجلَّى عجز اللغة عن أن توجَد فيها ألفاظٌ تعبّر عن معنى ما هو موجود في الجنّة، فلا أحد فينا يعلم ما هي الأشياء الموجودة في الجنة ما دام أحد منَّا لم يرَ الجنَّة.
لا تفنى ولا تبيد
إنَّ الجنَّة لا تفنى ولا تبيد، والدليل على هذا ظاهر في كتاب الله عزَّ وجلَّ، قال تعالى عن الجنّة: ﴿عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾4، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ﴾5، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَ﴾6، وقال تعالى عن فاكهة الجنَّة: ﴿لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾7.
نعيم محض
إنَّ الجنَّة نعيم محض، فلا يعتريها ما في الدنيا من الكدورة والشقاء، فالمياه في الدنيا عندما تجري، تكون حلوة ورائقة وصافية، وإن ركدت فهي تأسن وتفسد. ولذلك يوضح لنا الحقُّ سبحانه أنَّ المياه في الجنة غير آسنة، وأنَّها تكون أنهاراً منزوعاً من مياهها ما يكدِّرها. وكذلك فإنَّ اللبن إذا بقي لمدّة طويلة، يتغيَّر طعمه، ولذلك يضرب لهم المثل بوجود أنهار من لبن لم يتغيَّر طعمه.
وأيضاً يضرب المثل بوجود أنهار من عسلٍ مصفَّى، وبذلك يقدّم لنا خير ما كنّا نحبه من عسل الدنيا، ولكن دون ما يكدِّره.
ويوضح سبحانه أيضاً أنَّ في الجنة أنهاراً من خمر، ولكنَّها خمرٌ تختلف عن خمرِ الدنيا، فهي لا تؤثّر على التكوين العضويّ للعقل، كما أنَّ خمر الدنيا ليس فيها لذّة للشاربين، لأنَّها من كحول يكوي الفم ويلسعه. ويقول الحقُّ سبحانه عن خمر أنهار الجنّة: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ* بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ﴾8. أي أنَّه سبحانه ينفي عن خمر أنهار الجنَّة كلّ المكدّرات الّتي تشوب خمر الدنيا.
أبواب الجنّة
تحدّثت الروايات الشريفة عن أهل البيت صلى الله عليه وآله وسلم عن أبواب الجنّة، ومن ذلك ما رُوِيَ عن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "إنَّ للجنّة ثمانية أبواب: بابٌ يدخل منه النبيّون والصدِّيقون، وبابٌ يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّون9.
ورُوِيَ عن الإمام الباقر عليه السلام أنَّه قال: "أحسنوا الظنّ بالله، واعلموا أنَّ للجنّة ثمانية أبواب، عرض كلّ باب منها مسيرة أربعين سنة"10.
درجات الجنَّة وأنواعها
للجنَّة درجات بعضها فوق بعض، وأهلها متفاضلون فيها بحسب منازلهم فيها، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾11.
ويقول سبحاته وتعالى في آية أخرى: ﴿انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيل﴾12.
أنواع الجنَّة
والجنَّات نفسها متنوعة، فهناك جنَّات الفردوس، وجنَّات عدن، وجنَّات نعيم.. وهناك دار الخلد، ودار السلام، وجنَّة المأوى، وهناك عليُّون الّذي هو أعلى وأفضل الجنَّات.
طعام أهل الجنّة وشرابهم
أمّا طعام أهل الجنَّة، فهو كما قال الله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾13.
فالجنَّة تحتوي على جميع ثمار وفواكه الدنيا من حيث الشكل، ولكنَّها تختلف تماماً عما في الدنيا من حيث طعمها. وقد ذُكر من ثمار الجنّة التين - العنب - الرمّان - الطلح (الموز) والبلح (النخيل) والسدر(النبق) وجميع ما خلق الله تبارك وتعالى لأهل الدنيا من ثمار.
وفواكه الجنّة وثمارها في متناول أيادي أهل الجنة، وأنّى شاءوا، فما أن يشتهي المؤمن فاكهة ما حتّى يهبط إليه غصنها وتقترب الثمرة المطلوبة من فمه، فهو لا يحتاج إلى النطق والإفصاح عن حاجته أو رغبته أبداً كما قال تعالى ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾14، ومعنى كلمة (دان) هو قريب، وهي مشتقّة من الدنوّ، فإنَّ ثمار الجنتين وفواكههما قد دنت إلى المؤمن وأضحت في متناول يده وعند رغبته.
أنهار الجنَّة وعيونها
الأنهار والعيون مطلب لراحة النفس في الدنيا على ما فيها من مكدّرات، فكيف إذا كانت أصناف هذه الأنهار مما لا عين رأت مثلها ولا خطرت على قلب بشر؟ وقد تكرّر في القرآن الكريم في عدّة مواضع قوله تعالى ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾15.
وهذا يدلّ على أنَّها أنهارٌ حقيقية، وأنَّها جارية لا واقفة، وأنَّها تحت قصورهم، وقد ذكر تعالى في آية واحدة أربعة أجناس من الأنهار، قال عزَّ وجلَّ: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ...﴾16.
وقد نفى تعالى عن كلِّ واحدٍ منها الآفّات الّتي تعرض لها في الدنيا، فآفّة الماء أن يأسن من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتغيّر طعمه الى الحموضة، وآفّة الخمر كراهة مذاقه المنافي للذّة شربها، وآفّة العسل عدم تصفيته.
النعم الروحيَّة
تعليق