يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ 1 إنّه وعدٌ إلهيّ غير قابل للتخلّف؛ أي إنّ دينه الذي ارتضاه سيغلب جميع الأديان، ويحكم العالم، ويوحّد جميع البشر، فلا يدين البشر إلّا بالدين الوحيد الذي ارتضاه الله لهم، وهو دين الإسلام:﴿ ... وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ﴾ 2. وإنّما يتحقّق هذا الوعد الإلهيّ الحتميّ حينما يظهر وليّ الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف. * حكم الحقّ
عندما تعمّ عقيدة التوحيد كلّ المعمورة، وتزول عقيدة الشرك، ستحرق نار الحقّ كلّ معبود سواه وتفنيه إلى الأبد.
قال تعالى:﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ ... ﴾ 3. روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال عن هذه الآية: "لم يجئ تأويل هذه الآية بعد"4. كذلك قال الإمام الصادق عليه السلام عندما سُئل عن قوله تعالى:﴿ ... وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ... ﴾ 5: "ولو قد قام قائمنا بعده، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ما بلغ اللّيل، حتّى لا يكون شركٌ [مشرك] على ظهر الأرض، كما قال الله"6، كذلك روي عن الإمام الباقر عليه السلام يصف حال خروجه عجل الله تعالى فرجه الشريف إذ يقول: "فلا يبقى في الأرض معبودٌ دون الله عزّ وجلّ من صنم (ووثنٍ) وغيره إلّا وقعت فيه نارٌ فاحترق"7. فمن اتّخذ آلهةً متفرّقة من خشبٍ أو حجارةٍ، كان مصيرها الزوال.
وعلى هذا الأساس، سيحكم الحقّ تمام العالم حكماً مطلقاً، ولن يبقَ معاندٌ لجوجٌ أو منكرٌ حقودٌ إلّا وأسلم لحكم العقل أو أُعمل فيه السيف؛ فلا ناصر ولا مدافع عنه أمام حكم الحقّ. * لا تقيّة
وعلى ضوء ما تقدّم، يظهر أنّه لا مجال حينئذٍ للتقيّة. وأمّا البيان النوريّ لصادق آل محمّد عليه السلام في تفسير سدّ ذي النورَين، فناظر إلى التقيّة قبل ظهور صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف. عن المفضّل قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله:﴿ ... أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ 8، قال عليه السلام: "ما استطاعوا له نقباً، إذا عمل بالتقيّة لم يقدروا في ذلك على حيلةٍ، وهو الحصن الحصين، وصار بينك وبين أعداء الله سدّاً لا يستطيعون له نقباً"9. وأمّا بعد ظهور الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، فإنّ كلّ يأجوج وكلّ مأجوج إمّا أن يسكن وإمّا أن يسكت، فلا موقع حينئذٍ لممارسة التقيّة.
ثمّ فسّر الإمام عليه السلام الوعد الإلهيّ الذي يكون سبباً في اندكاك السدّ بقيام آخر حجّةٍ إلهيّةٍ عجل الله تعالى فرجه الشريف؛ أي يوم الظهور، ذلك اليوم الذي ينتقم فيه الله من أعدائه. يقول المفضّل: سألته عليه السلام عن قوله تعالى:﴿ ... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ... ﴾ 10 قال الإمام الصادق عليه السلام: "رفع التقيّة عند قيام القائم، فينتقم من أعداء الله"11. * حياة العدل
تعليق