بسم الله الرحمن الرحيم
قال عبد الله بن عباس: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النَعل؟1
فقلت: لا قيمة لها.
فقال عليه السلام: والله لَهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتكم إلاّ أن أُقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً.
بهذه الكلمات المضيئة يرسم لنا الإمام علي (عليه السلام) النهج والطريق الذي ينبغي على المؤمن الرسالي سلوكه في الحياة الدنيا.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الكثيرون للوصول إلى أعلى المقامات في الدنيا، والنيل من زخارفها ومباهجها، ولا يبالون في الوصول إلى هذه الأهداف حتى ولو كانت على دماء الأبرياء، وإتباع الشيطان، وظلم الناس يَرى إمام الحق والعدالة الإنسانية أنّ ذلك كلَّه لا يساوي شيء في مقابل إقامة الحق ودفع الباطل.
إنّه علي بن أبي طالب الذي ما أن يُذكر إسمه إلاّ ويقترن بأقدس العناوين والتي منها الحق والعدل والزهد والورع وعدم الإغترار بالدنيا ومافيها.
إنّه الإمام العظيم الذي لم يكن ليسلب نملةً جُلب شعيرة حتى ولو كان الثمن أن يُعطى الأقاليم السبعة بقوله (عليه السلام): "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جُلب شعيرةٍ ما فعلت، وإنّ دنياكم لأهون عليَّ من ورقةٍ في فم جرادة، ما لعليّ ونعيم يفنى ولذةٍ تبقى"2
ولأنه رفض المساومة على الحق لم يترك له الحق من صديق فكانت المعاناة والأسى هما الثوب الذي ارتداه عليّ (عليه السلام) طوال حياته، وعلى مدى فترة حكومته حيث عاش مرارة الباطل وخذلان الناس له من أولئك الذين التبس عليهم الحق والباطل وفي هذا يقول (عليه السلام): ".. فلو أنّ الباطل خَلُص من مزاح الحقّ لم يخفَ على المرتادين، ولو أنّ الحقّ خَلُص من لَبْس الباطل، انقطعت عنه ألسُن المعاندين ولكن يؤخذ من هذا ضغثٌ، ومن هذا ضغثٌ، فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى"3
ولكي لا يصيبنا ما أصاب تلك الفئة التي انحرفت عن مسار الحق وتخلفت عن ركب الإيمان والهدى الذي قاده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكمله من بعده الإمام علي (عليه السلام) وسائر الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، كان لا بد من تشخيص المعايير التي على أساسها نميّز بين الحق والباطل، وذلك من خلال النقاط التالية:
القرآن هو المعيار الأول لمعرفة الحق من الباطل.
اختلفت معايير الحق والباطل بين أفراد الأمة ممّا جعل فريقاً يستغرق في الباطل معتقداً أنّه الحق، واختلط الحق بالباطل على مدى تاريخ المسلمين اختلاطاً قاسياً أورث الأمة الكثير من المواجهات والحروب والانقسامات، فتاه المسلمون وضاعوا وغرقوا في مستنقعات الضلالة والجهالة.
لذلك كانت العودة إلى كتاب الله العزيز هي المفصل الأساس لتشخيص تلك الموازين التي نستطيع من خلالها معرفة الحقّ من الباطل.
يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾4
فمن كان في قلبه زيغٌ وينقاد إلى هوى النفس سوف يتّخذ من المتشابهات وعاءً للفتنة، ولتأويل آيات الله، لأنّ الحق في آيات الله تعالى قد يُلبِسُه البعض لباس الباطل، وكذلك العكس من خلال الآيات المتشابهات.
ولكنّ ذلك لا يمكن أن يمرّ على من وعى القرآن بقلبه وعقله وتفكّر في آياته.
لذلك حذّر القرآن من هؤلاء بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾5
وأرشدنا إلى عدم إمكانية التباس الحق على أهل القرآن بقوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾6
والأمة الإسلامية التبس عليها الأمر من تلك اللحظة التي افتقدت فيها ذاك الذي وعى القرآن وتدبّره خير تدبير، وفسّره خير تفسير، وبيّن محكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، وكيف وبمن نزلت آياته و...، لقد افتقدت الأمة رسولها الكريم الهادي والمنذر والبشير، ولكنه لم يرحل عن الدنيا حتى ترك لهم فيها من يضيء الطريق ويكمل المسيرة، والذي فتح له من أبواب العلم ما يُفتح له معها من كل باب ألف باب، فحاربته وخذلته، ومالت إلى أعداء نبيّها وإمامها، وصدّت السبيل إلى الله تعالى، وتحقق فيهم ما حذّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بقوله للإمام علي (عليه السلام): "يا علي أقاتلهم على التنزيل وتقاتلهم على التأويل"
فلا التنزيل حفظوه، ولا التأويل عرفوه.
فكان التياه والضياع، وابتلوا بما أصيبت به بنوا اسرائيل، يقول (عليه السلام): " أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقومن قوي عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري لَيُضَعَّفَنَّ لكم التيه من بعدي أضعافاً، بما خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم"7
وليس كثيراً على هذه الأمة ضياعها، بل نزول العذاب عليها، وسخط الله تعالى وغضبه على ما فعلته بإرث نبيّها ودينها وأشرف رسالة نزلت بها...
لقد تخلّت وحادت وانحرفت عن كتابها الذي نصّ على ضرورة اتباع الحقّ المتجسّد بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان جزائها هذه التفرقة والتشرذم الذي عاشته وما زالت، وهذه الحكومات الجائرة من السلالة الأموية إلى العباسية إلى العثمانية التي عاثت فيها فساداً وظلماً وجوراً.
الطريق إلى الحق
قال عبد الله بن عباس: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النَعل؟1
فقلت: لا قيمة لها.
فقال عليه السلام: والله لَهيَ أحبُّ إليَّ من إمرتكم إلاّ أن أُقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً.
بهذه الكلمات المضيئة يرسم لنا الإمام علي (عليه السلام) النهج والطريق الذي ينبغي على المؤمن الرسالي سلوكه في الحياة الدنيا.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الكثيرون للوصول إلى أعلى المقامات في الدنيا، والنيل من زخارفها ومباهجها، ولا يبالون في الوصول إلى هذه الأهداف حتى ولو كانت على دماء الأبرياء، وإتباع الشيطان، وظلم الناس يَرى إمام الحق والعدالة الإنسانية أنّ ذلك كلَّه لا يساوي شيء في مقابل إقامة الحق ودفع الباطل.
إنّه علي بن أبي طالب الذي ما أن يُذكر إسمه إلاّ ويقترن بأقدس العناوين والتي منها الحق والعدل والزهد والورع وعدم الإغترار بالدنيا ومافيها.
إنّه الإمام العظيم الذي لم يكن ليسلب نملةً جُلب شعيرة حتى ولو كان الثمن أن يُعطى الأقاليم السبعة بقوله (عليه السلام): "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جُلب شعيرةٍ ما فعلت، وإنّ دنياكم لأهون عليَّ من ورقةٍ في فم جرادة، ما لعليّ ونعيم يفنى ولذةٍ تبقى"2
ولأنه رفض المساومة على الحق لم يترك له الحق من صديق فكانت المعاناة والأسى هما الثوب الذي ارتداه عليّ (عليه السلام) طوال حياته، وعلى مدى فترة حكومته حيث عاش مرارة الباطل وخذلان الناس له من أولئك الذين التبس عليهم الحق والباطل وفي هذا يقول (عليه السلام): ".. فلو أنّ الباطل خَلُص من مزاح الحقّ لم يخفَ على المرتادين، ولو أنّ الحقّ خَلُص من لَبْس الباطل، انقطعت عنه ألسُن المعاندين ولكن يؤخذ من هذا ضغثٌ، ومن هذا ضغثٌ، فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى"3
ولكي لا يصيبنا ما أصاب تلك الفئة التي انحرفت عن مسار الحق وتخلفت عن ركب الإيمان والهدى الذي قاده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكمله من بعده الإمام علي (عليه السلام) وسائر الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، كان لا بد من تشخيص المعايير التي على أساسها نميّز بين الحق والباطل، وذلك من خلال النقاط التالية:
القرآن هو المعيار الأول لمعرفة الحق من الباطل.
اختلفت معايير الحق والباطل بين أفراد الأمة ممّا جعل فريقاً يستغرق في الباطل معتقداً أنّه الحق، واختلط الحق بالباطل على مدى تاريخ المسلمين اختلاطاً قاسياً أورث الأمة الكثير من المواجهات والحروب والانقسامات، فتاه المسلمون وضاعوا وغرقوا في مستنقعات الضلالة والجهالة.
لذلك كانت العودة إلى كتاب الله العزيز هي المفصل الأساس لتشخيص تلك الموازين التي نستطيع من خلالها معرفة الحقّ من الباطل.
يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾4
فمن كان في قلبه زيغٌ وينقاد إلى هوى النفس سوف يتّخذ من المتشابهات وعاءً للفتنة، ولتأويل آيات الله، لأنّ الحق في آيات الله تعالى قد يُلبِسُه البعض لباس الباطل، وكذلك العكس من خلال الآيات المتشابهات.
ولكنّ ذلك لا يمكن أن يمرّ على من وعى القرآن بقلبه وعقله وتفكّر في آياته.
لذلك حذّر القرآن من هؤلاء بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾5
وأرشدنا إلى عدم إمكانية التباس الحق على أهل القرآن بقوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾6
والأمة الإسلامية التبس عليها الأمر من تلك اللحظة التي افتقدت فيها ذاك الذي وعى القرآن وتدبّره خير تدبير، وفسّره خير تفسير، وبيّن محكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، وكيف وبمن نزلت آياته و...، لقد افتقدت الأمة رسولها الكريم الهادي والمنذر والبشير، ولكنه لم يرحل عن الدنيا حتى ترك لهم فيها من يضيء الطريق ويكمل المسيرة، والذي فتح له من أبواب العلم ما يُفتح له معها من كل باب ألف باب، فحاربته وخذلته، ومالت إلى أعداء نبيّها وإمامها، وصدّت السبيل إلى الله تعالى، وتحقق فيهم ما حذّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بقوله للإمام علي (عليه السلام): "يا علي أقاتلهم على التنزيل وتقاتلهم على التأويل"
فلا التنزيل حفظوه، ولا التأويل عرفوه.
فكان التياه والضياع، وابتلوا بما أصيبت به بنوا اسرائيل، يقول (عليه السلام): " أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقومن قوي عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري لَيُضَعَّفَنَّ لكم التيه من بعدي أضعافاً، بما خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم"7
وليس كثيراً على هذه الأمة ضياعها، بل نزول العذاب عليها، وسخط الله تعالى وغضبه على ما فعلته بإرث نبيّها ودينها وأشرف رسالة نزلت بها...
لقد تخلّت وحادت وانحرفت عن كتابها الذي نصّ على ضرورة اتباع الحقّ المتجسّد بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكان جزائها هذه التفرقة والتشرذم الذي عاشته وما زالت، وهذه الحكومات الجائرة من السلالة الأموية إلى العباسية إلى العثمانية التي عاثت فيها فساداً وظلماً وجوراً.
الطريق إلى الحق
تعليق