سنن الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتخلف.
من سنن الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتخلف أنه لا بُدَّ أن يُبتلى الناس ليعلمَ الصادقَ من الكاذبِ، والمؤمنَ من الكافرِ، والصابرَ من العاجزِ والجازع، وليميزَ كلَّ فريق عن الآخر؛ قال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.(سورة الأنفال، الآية 37).
والقرآن الكريم ينصُّ في آياته المحكمات على أن الابتلاء سنةٌ من سنن الله تعالى في الخلق؛ ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾. (سورة الملك، الآية 2).
ومن يتأمل التاريخ والواقع وأحوال نفسه والناس من حوله لا يكاد يرى إنسانًا إلا وقد ابتُلي بنوعٍ من أنواع البلاء: إما في نفسه وعافيته وماله، وإما في أهله وأقاربه وعياله؛ قال الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (سورة البقرة، الآيات 155 – 157).
تكاليف الإيمان.
وفي الحقيقة أن الإيمان ليس كلمة تقال، إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ وأمانة ذات أعباء، وقول يحتاج إلى دليل، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال؛ ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ * مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ (سورة العنكبوت، الآيتان 4و 5).
فلا يكفي أن يقول الناس بألسنتهم: آمنّا وهم لا يتركون لهذه الدعوى حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به.
وهذا هو أصل الكلمة اللغوي؛ وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب؛ تصفيها وتنقيها وتطهرها من الشك والريب.
والله تعالى يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء؛ ولكن الابتلاء يكشف ـ في عالم الواقع ـ ما هو مكشوف لعلم الله، مغيب عن علم البشر؛ فيحاسب الناس إذن على ما يقع من عملهم لا على مجرد ما يعلمه سبحانه من أمرهم؛ وهو فضل من الله من جانب، وعدل من جانب، وتربية للناس من جانب. فلا يأخذوا أحدًا إلا بما استعلن من أمره وبما حققه فعله؛ فليسوا بأعلم من الله بحقيقة قلبه.
ومن ثم فإن الإيمان أمانة الله في الأرض لا يحملها إلا من هم لها أهل وفيهم على حملها قدرة؛ وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص. وإلا الذين يؤثرونها على الراحة والدعة، وعلى الأمن والسلامة، وعلى المتاع والإغراء. وإنها لأمانة الخلافة في الأرض، وقيادة الناس إلى طريق الله، وتحقيق كلمته في عالم الحياة. فهي أمانة كريمة، وهي أمانة ثقيلة، وهي من أمر الله يضطلع بها الناس، ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء.
ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله؛ كما نرى ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويدفع عنه، ولا يملك النصرة لنفسه ولا المنعة، ولا يجد القوة التي يواجه بها الطغيان؛ وهذه هي الصورة البارزة للمشهد الحاضر بين أهل الإيمان والصهاينة .
فإذا طال الأمد، وأبطأ نصر الله تعالى، كانت الفتنة أشد وأقسى، وكان الابتلاء أشد وأعنف، ولم يثبت إلا من عصم الله عز وجل، وهؤلاء هم الذين يحققون في أنفسهم حقيقة الإيمان، ويؤتمنون على تلك الأمانة الكبرى؛ أمانة السماء في الأرض، وأمانة الله في ضمير الإنسان.
وحتى لا يسرح الإنسانُ بتفكيره بعيدًا فإن الله سبحانه لا يعذب المؤمنين بالابتلاء، ولا يؤذيهم بالفتنة؛ ولكنه التمحيص والتخليص والإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة؛ فهي في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة العملية للمشاق؛ وبالاستعلاء الحقيقي على الشهوات، وبالصبر الحقيقي على الآلام، وبالثقة الحقيقية في نصر الله أو في ثوابه، على الرغم من طول الفتنة وشدة الابتلاء .
أمانة الله تعالى لا يحملها إلا الصابرون.
من سنن الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتخلف أنه لا بُدَّ أن يُبتلى الناس ليعلمَ الصادقَ من الكاذبِ، والمؤمنَ من الكافرِ، والصابرَ من العاجزِ والجازع، وليميزَ كلَّ فريق عن الآخر؛ قال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.(سورة الأنفال، الآية 37).
والقرآن الكريم ينصُّ في آياته المحكمات على أن الابتلاء سنةٌ من سنن الله تعالى في الخلق؛ ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾. (سورة الملك، الآية 2).
ومن يتأمل التاريخ والواقع وأحوال نفسه والناس من حوله لا يكاد يرى إنسانًا إلا وقد ابتُلي بنوعٍ من أنواع البلاء: إما في نفسه وعافيته وماله، وإما في أهله وأقاربه وعياله؛ قال الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (سورة البقرة، الآيات 155 – 157).
تكاليف الإيمان.
وفي الحقيقة أن الإيمان ليس كلمة تقال، إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ وأمانة ذات أعباء، وقول يحتاج إلى دليل، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال؛ ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ * مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ (سورة العنكبوت، الآيتان 4و 5).
فلا يكفي أن يقول الناس بألسنتهم: آمنّا وهم لا يتركون لهذه الدعوى حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به.
وهذا هو أصل الكلمة اللغوي؛ وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب؛ تصفيها وتنقيها وتطهرها من الشك والريب.
والله تعالى يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء؛ ولكن الابتلاء يكشف ـ في عالم الواقع ـ ما هو مكشوف لعلم الله، مغيب عن علم البشر؛ فيحاسب الناس إذن على ما يقع من عملهم لا على مجرد ما يعلمه سبحانه من أمرهم؛ وهو فضل من الله من جانب، وعدل من جانب، وتربية للناس من جانب. فلا يأخذوا أحدًا إلا بما استعلن من أمره وبما حققه فعله؛ فليسوا بأعلم من الله بحقيقة قلبه.
ومن ثم فإن الإيمان أمانة الله في الأرض لا يحملها إلا من هم لها أهل وفيهم على حملها قدرة؛ وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص. وإلا الذين يؤثرونها على الراحة والدعة، وعلى الأمن والسلامة، وعلى المتاع والإغراء. وإنها لأمانة الخلافة في الأرض، وقيادة الناس إلى طريق الله، وتحقيق كلمته في عالم الحياة. فهي أمانة كريمة، وهي أمانة ثقيلة، وهي من أمر الله يضطلع بها الناس، ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء.
ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله؛ كما نرى ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويدفع عنه، ولا يملك النصرة لنفسه ولا المنعة، ولا يجد القوة التي يواجه بها الطغيان؛ وهذه هي الصورة البارزة للمشهد الحاضر بين أهل الإيمان والصهاينة .
فإذا طال الأمد، وأبطأ نصر الله تعالى، كانت الفتنة أشد وأقسى، وكان الابتلاء أشد وأعنف، ولم يثبت إلا من عصم الله عز وجل، وهؤلاء هم الذين يحققون في أنفسهم حقيقة الإيمان، ويؤتمنون على تلك الأمانة الكبرى؛ أمانة السماء في الأرض، وأمانة الله في ضمير الإنسان.
وحتى لا يسرح الإنسانُ بتفكيره بعيدًا فإن الله سبحانه لا يعذب المؤمنين بالابتلاء، ولا يؤذيهم بالفتنة؛ ولكنه التمحيص والتخليص والإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة؛ فهي في حاجة إلى إعداد خاص لا يتم إلا بالمعاناة العملية للمشاق؛ وبالاستعلاء الحقيقي على الشهوات، وبالصبر الحقيقي على الآلام، وبالثقة الحقيقية في نصر الله أو في ثوابه، على الرغم من طول الفتنة وشدة الابتلاء .
أمانة الله تعالى لا يحملها إلا الصابرون.
تعليق