مُدخل صدق ومُخرج صدق
في ذلك اليوم، يظهر الدين الإلهيّ على سائر الأديان، ويتحقّق الهدف من رسالات الأنبياء الإلهيّين. ولأجل الوصول إلى هذا الهدف لا بدّ من أن نتحضّر ونستعدّ له نحن أيضاً، وهذا إنّما يحصل حينما تصبح أعمالنا، في جميع شؤون حياتنا الفردية والاجتماعيّة، قائمةً على الحقّ والحقيقة. ولعلّه لهذا علّمنا الله تعالى كيف ندعو - في الآية السابقة على هذه الآية التي فيها بشارة مجيء الحق وزهوق الباطل - بأن نقول: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا﴾[2].
[1] مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص774.
[2] سورة الإسراء، الآية: 80.
132
101
8. برنامج الظهور
9- وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبَادِكَ
جعل الله تعالى أهل البيت عليهم السلام كهفاً للخلائق وملجأ للمحرومين. ففي زمانهم عليهم السلام كانوا هم مأوى الطالبين والمتألمين والمحتاجين والمظلومين. وكذلك في أيّام الظهور، فإنّ هذه المسألة لها تجلّياتها الخاصّة. ومن هنا، ففي هذا الدعاء يطلب الداعي من الله تعالى ضمن دعائه للظهور تجلّي هذه الحقيقة الجميلة, وذلك لأنّ إحدى وظائف الإمام هي مساعدة الأفراد المحتاجين والضعفاء ومساندتهم. والآن - أيضاً - إنّ الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف هو ملجأ المحرومين ومفزعهم ومأواهم, لأنّه الكهف والغَوث، ولكنّ في عصر الظهور سيكون ذلك ظاهراً ومشهوداً.
10- وَنَاصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ
الله تعالى ناصر مَن لا ناصرَ له، وخليفة الله تعالى لديه هذه الخصوصيّة أيضاً. وفي عصر الظهور، لا يبقى أحد بلا ناصر، فالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ينصر جميع من يحتاج إلى النصرة، والروايات التي تصف حكومة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف تذكر هذه المسألة ببيان جذّاب جدّاً.
11- وَمُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ
إحدى خصائص حكومة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هي إحياء الدين وأحكام القرآن, لأنّ الإمام حينما يظهر لا يكون قد بقي من القرآن إلّا رسمه، ومن الإسلام إلّا اسمه. فعندما لا تعمل الأمّة بأحكام الإسلام، ولا تطبّق قوانينه، يمكن القول: إنّ الدين في ذلك المجتمع قد مات. ولذا، ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله حول صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف: "ويُحيي ميّتَ الكتاب والسُّنّة"[1].
[1] نهج البلاغة، الخطبة رقم: 138.
133
102
8. برنامج الظهور
ومعنى كون الإمام يحيي ذلك، هو أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يعيد إجراء تعاليم الإسلام والقرآن التي تكون قد نُسيت، ويقوم بنشرها وترويجها في المجتمع. وبعبارة أخرى: كلّ ما هو دخيل أو خرافة أو بدعة ممّا ألصق بالدين ممّا لا حقيقة له إلّا ما نسجته الأوهام، يقوم الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بمحوه وإزالة الغبار المتراكم على الدين بسببه. فعمل الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في تبليغ الدين وبيانه له صورتان:
الأولى: إزالة البدع وإحياء السنن المتروكة، والدعوة من جديد إلى (إحياء) الإسلام والقرآن.
الثانية: إظهار الحقائق والتأويل والتنزيل القرآنيّ الذي لم يبن ويتّضح بعد إلى ذلك الزمان.
وفي كلتا الصورتين، بما أنّ الناس يرون في تعاليمه عجل الله تعالى فرجه الشريف خلاف عاداتهم ومعتقداتهم يُسمّون ذلك سنّة جديدة، مع أنّ كتابه عجل الله تعالى فرجه الشريف هو القرآن نفسه، ودعوته هي الإسلام والقرآن أيضاً.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا خرج القائم يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنّة جديدة، وقضاء جديد..."[1].
وعن الفضيل بن يسار أنّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشدّ ممّا استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهّال الجاهليّة. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان[2] والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يتأوّل كتاب الله يحتجّ عليه به، ثمّ قال: أَمَا والله ليدخلنّ
[1] إثبات الهداة، الحرّ العامليّ، ج 3، ص 542.
[2] المراد: الأصنام المنحوتة منه.
134
103
8. برنامج الظهور
عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ[1]"[2].
يكون الدين في عصر الظهور قويّاً ومحكماً, لأنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبيّن دين الله بكلّ ما أوتي من قوّة وجهد وعلمٍ إلهيّ فائض
يقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حول سيرته عجل الله تعالى فرجه الشريف وطريقته العامّة: "القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزَّ وجلَّ"[3].
وثمّة أحاديث عدّة تتحدّث عن أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يجدّد الإسلام ويحيي السنن الميّتة والمتروكة، ويستفاد من هذه الروايات - أيضاً - أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يقوم بتغيير كبير على المستويَين الدينيّ والثقافيّ، تزول معه البدع والخرافات، ويحيى به الإسلام من جديد. وعلى هذا الأساس، يأتي ما روي أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يقوم بتخريب بعض الأبنية والمساجد.
ومن هنا، ورد عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: "والله، لا تذهب الدنيا حتّى يبعث الله منّا رجلاً أهلَ البيت يعمل بكتاب الله"[4].
12- وَمُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلامِ دِينِكَ
يكون الدين في عصر الظهور قويّاً ومحكماً, لأنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبيّن دين الله بكلّ ما أوتي من قوّة وجهد وعلمٍ إلهيّ فائض، وتكون له الغلبة على مَن سواه دائماً، ويَبْلُغ من الإحكام والنفوذ بحيث لا يشوبه أيّ خلل إلى يوم القيامة. ومن هنا، فإنّ الداعي حينما يدعو بذلك، فهو يدعو للظهور بنحو آخر.
[1] القرّ: البرد.
[2] الغيبة، النعمانيّ، ص307.
[3] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 51، ص73, كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ج2، ص411.
[4] إثبات الهداة، الحرّ العامليّ، ج5، ص218, الأصول الستّة عشر، ص63.
135
104
8. برنامج الظهور
13- وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وآله وسلم
لقد كان أحد أهداف أهل البيت عليهم السلام إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستحكامها. والمثال البارز على ذلك قيام الإمام الحسين عليه السلام، الذي كان أحد أهدافه الأساس إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستحكامها، بل حتّى سعي العلماء وجهدهم كان في هذا المضمار أيضاً، والمثال البارز هو الإمام الخمينيّ قدس سره الذي أحيا وأحكم بثورته المباركة القرآن وسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
أمّا في عصر الظهور الذهبيّ، سيتذوّق العالم طعم السنّة الواقعيّة للنبيّصلى الله عليه وآله وسلم، وسوف تكون سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته هي الحاكمة على الوجود، ولن يكون بين المسلمين اختلاف على سنّته صلى الله عليه وآله وسلم.
14- واجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ المُعْتَدِين
يتعرّض الحقّ - على طول التاريخ - للهجوم والعداء، ولا يخلو عصر من عصور الرسالة والإمامة والولاية من المنازعة والاعتراض. وفي عصر الظهور، سيستقرّ الحقّ بشكلٍ تامّ، وسيسبّب ذلك اجتماع أعداء الإسلام مع الأعداء الآخرين لحجّة الله لخوض الحرب الأخيرة. وهنا نعتقد أنّ حزب الشيطان سيزول، وأمّا حزب الله، فليس فقط سيغلب وينتصر، بل سيكون الفائز والمُفلح أيضاً، قال تعالى: ﴿حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾[1]، وقال سبحانه: ﴿حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[2]:
ولا يتحقّق النصر إلّا بشرطَين:
الأوّل: لا بدّ لحزب الله لكي يحكم ويغلب من تحقيق عناصر التنظيم والإدارة والقوة والوحدة والجرأة...
[1] سورة المائدة، الآية: 56.
[2] سورة المجادلة، الآية: 22.
136
105
8. برنامج الظهور
الثاني: علينا أن نرفع أيدينا بالدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في كلّ يوم لأجل عزّته وحفظ سلامته ونصرته وعدم خذلانه. والأئمّة الأطهار عليهم السلام كانوا في جميع حالاتهم وفي مناجاتهم يدعون لحفظ إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وسلامته، وقد علّمونا كيف ندعو له بذلك:
فالإمام الرضا عليه السلام يعلّمنا أن ندعو له عجل الله تعالى فرجه الشريف بالقول:
"اللهم ادفع عن وليّك... وأعِذْه من شرّ جميع ما خلقت... واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، بحفظك الذي لا يضيع من حفِظته به"[1].
ويدعو الإمام العسكري عليه السلام في قنوت صلواته بهذا الدعاء:
"فاجعله - اللهمّ - في حصانةٍ من بأس المعتدين... فاجعله اللهمّ في أمنٍ ممّا نشفق عليه منه، وردّ عنه من سهام المكائد ما يوجّهه أهل الشنآن إليه"[2].
في عصر الظهور الذهبيّ، سيتذوّق العالم طعم السنّة الواقعيّة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف تكون سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وطريقته هي الحاكمة على الوجود
15- اللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ على دَعْوَتِه
في أيّ زمان يُستجاب هذا الدعاء؟ قطعاً أحد مصاديقه يوم الظهور، عندما يشاهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في سائر أرجاء الدنيا وقد علت أصوات الجنود في أرض المعركة بالتوحيد، فإنّه يدخل عليه السرور، ويسرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عندما يُهزم إبليس.
وفي دعاء أبي حمزة الثماليّ، يقول الإمام زين العابدين عليه السلام:
"إلهيّ، إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوّك، وإن أدخلتني
[1] مصباح المتهجّد، الطوسيّ، ص49.
[2] المصدر نفسه، ص156.
137
106
8. برنامج الظهور
الجنّة ففي ذلك سرور نبيّك، وأنا أعلم أنّ سرور نبيّك أحبّ إليك من سرور عدوّك".
وإنّما يُسرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ فرداً من أمّته شملته رحمة الله تعالى وعفوه، وأمّا إذا لم يُعفَ عنه، فيفرح الشيطان لإضلاله شخصاً آخر وجعله من أهل جهنّم.
وعلى هذا الأساس،كان هذا المقطع معبِّراً عن طلب الظهور.
في ذلك اليوم، يظهر الدين الإلهيّ على سائر الأديان، ويتحقّق الهدف من رسالات الأنبياء الإلهيّين. ولأجل الوصول إلى هذا الهدف لا بدّ من أن نتحضّر ونستعدّ له نحن أيضاً، وهذا إنّما يحصل حينما تصبح أعمالنا، في جميع شؤون حياتنا الفردية والاجتماعيّة، قائمةً على الحقّ والحقيقة. ولعلّه لهذا علّمنا الله تعالى كيف ندعو - في الآية السابقة على هذه الآية التي فيها بشارة مجيء الحق وزهوق الباطل - بأن نقول: ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا﴾[2].
[1] مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص774.
[2] سورة الإسراء، الآية: 80.
132
101
8. برنامج الظهور
9- وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبَادِكَ
جعل الله تعالى أهل البيت عليهم السلام كهفاً للخلائق وملجأ للمحرومين. ففي زمانهم عليهم السلام كانوا هم مأوى الطالبين والمتألمين والمحتاجين والمظلومين. وكذلك في أيّام الظهور، فإنّ هذه المسألة لها تجلّياتها الخاصّة. ومن هنا، ففي هذا الدعاء يطلب الداعي من الله تعالى ضمن دعائه للظهور تجلّي هذه الحقيقة الجميلة, وذلك لأنّ إحدى وظائف الإمام هي مساعدة الأفراد المحتاجين والضعفاء ومساندتهم. والآن - أيضاً - إنّ الإمام المهديّعجل الله تعالى فرجه الشريف هو ملجأ المحرومين ومفزعهم ومأواهم, لأنّه الكهف والغَوث، ولكنّ في عصر الظهور سيكون ذلك ظاهراً ومشهوداً.
10- وَنَاصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ
الله تعالى ناصر مَن لا ناصرَ له، وخليفة الله تعالى لديه هذه الخصوصيّة أيضاً. وفي عصر الظهور، لا يبقى أحد بلا ناصر، فالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ينصر جميع من يحتاج إلى النصرة، والروايات التي تصف حكومة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف تذكر هذه المسألة ببيان جذّاب جدّاً.
11- وَمُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ
إحدى خصائص حكومة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هي إحياء الدين وأحكام القرآن, لأنّ الإمام حينما يظهر لا يكون قد بقي من القرآن إلّا رسمه، ومن الإسلام إلّا اسمه. فعندما لا تعمل الأمّة بأحكام الإسلام، ولا تطبّق قوانينه، يمكن القول: إنّ الدين في ذلك المجتمع قد مات. ولذا، ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله حول صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف: "ويُحيي ميّتَ الكتاب والسُّنّة"[1].
[1] نهج البلاغة، الخطبة رقم: 138.
133
102
8. برنامج الظهور
ومعنى كون الإمام يحيي ذلك، هو أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يعيد إجراء تعاليم الإسلام والقرآن التي تكون قد نُسيت، ويقوم بنشرها وترويجها في المجتمع. وبعبارة أخرى: كلّ ما هو دخيل أو خرافة أو بدعة ممّا ألصق بالدين ممّا لا حقيقة له إلّا ما نسجته الأوهام، يقوم الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف بمحوه وإزالة الغبار المتراكم على الدين بسببه. فعمل الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في تبليغ الدين وبيانه له صورتان:
الأولى: إزالة البدع وإحياء السنن المتروكة، والدعوة من جديد إلى (إحياء) الإسلام والقرآن.
الثانية: إظهار الحقائق والتأويل والتنزيل القرآنيّ الذي لم يبن ويتّضح بعد إلى ذلك الزمان.
وفي كلتا الصورتين، بما أنّ الناس يرون في تعاليمه عجل الله تعالى فرجه الشريف خلاف عاداتهم ومعتقداتهم يُسمّون ذلك سنّة جديدة، مع أنّ كتابه عجل الله تعالى فرجه الشريف هو القرآن نفسه، ودعوته هي الإسلام والقرآن أيضاً.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا خرج القائم يقوم بأمر جديد، وكتاب جديد، وسنّة جديدة، وقضاء جديد..."[1].
وعن الفضيل بن يسار أنّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشدّ ممّا استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهّال الجاهليّة. قلت: وكيف ذلك؟ قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان[2] والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يتأوّل كتاب الله يحتجّ عليه به، ثمّ قال: أَمَا والله ليدخلنّ
[1] إثبات الهداة، الحرّ العامليّ، ج 3، ص 542.
[2] المراد: الأصنام المنحوتة منه.
134
103
8. برنامج الظهور
عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ[1]"[2].
يكون الدين في عصر الظهور قويّاً ومحكماً, لأنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبيّن دين الله بكلّ ما أوتي من قوّة وجهد وعلمٍ إلهيّ فائض
يقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حول سيرته عجل الله تعالى فرجه الشريف وطريقته العامّة: "القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزَّ وجلَّ"[3].
وثمّة أحاديث عدّة تتحدّث عن أنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يجدّد الإسلام ويحيي السنن الميّتة والمتروكة، ويستفاد من هذه الروايات - أيضاً - أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يقوم بتغيير كبير على المستويَين الدينيّ والثقافيّ، تزول معه البدع والخرافات، ويحيى به الإسلام من جديد. وعلى هذا الأساس، يأتي ما روي أنّه عجل الله تعالى فرجه الشريف يقوم بتخريب بعض الأبنية والمساجد.
ومن هنا، ورد عن الإمام الباقر عليه السلام قوله: "والله، لا تذهب الدنيا حتّى يبعث الله منّا رجلاً أهلَ البيت يعمل بكتاب الله"[4].
12- وَمُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلامِ دِينِكَ
يكون الدين في عصر الظهور قويّاً ومحكماً, لأنّ الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يبيّن دين الله بكلّ ما أوتي من قوّة وجهد وعلمٍ إلهيّ فائض، وتكون له الغلبة على مَن سواه دائماً، ويَبْلُغ من الإحكام والنفوذ بحيث لا يشوبه أيّ خلل إلى يوم القيامة. ومن هنا، فإنّ الداعي حينما يدعو بذلك، فهو يدعو للظهور بنحو آخر.
[1] القرّ: البرد.
[2] الغيبة، النعمانيّ، ص307.
[3] بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 51، ص73, كمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ج2، ص411.
[4] إثبات الهداة، الحرّ العامليّ، ج5، ص218, الأصول الستّة عشر، ص63.
135
104
8. برنامج الظهور
13- وَسُنَنِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وآله وسلم
لقد كان أحد أهداف أهل البيت عليهم السلام إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستحكامها. والمثال البارز على ذلك قيام الإمام الحسين عليه السلام، الذي كان أحد أهدافه الأساس إحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستحكامها، بل حتّى سعي العلماء وجهدهم كان في هذا المضمار أيضاً، والمثال البارز هو الإمام الخمينيّ قدس سره الذي أحيا وأحكم بثورته المباركة القرآن وسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
أمّا في عصر الظهور الذهبيّ، سيتذوّق العالم طعم السنّة الواقعيّة للنبيّصلى الله عليه وآله وسلم، وسوف تكون سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته هي الحاكمة على الوجود، ولن يكون بين المسلمين اختلاف على سنّته صلى الله عليه وآله وسلم.
14- واجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ المُعْتَدِين
يتعرّض الحقّ - على طول التاريخ - للهجوم والعداء، ولا يخلو عصر من عصور الرسالة والإمامة والولاية من المنازعة والاعتراض. وفي عصر الظهور، سيستقرّ الحقّ بشكلٍ تامّ، وسيسبّب ذلك اجتماع أعداء الإسلام مع الأعداء الآخرين لحجّة الله لخوض الحرب الأخيرة. وهنا نعتقد أنّ حزب الشيطان سيزول، وأمّا حزب الله، فليس فقط سيغلب وينتصر، بل سيكون الفائز والمُفلح أيضاً، قال تعالى: ﴿حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾[1]، وقال سبحانه: ﴿حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[2]:
ولا يتحقّق النصر إلّا بشرطَين:
الأوّل: لا بدّ لحزب الله لكي يحكم ويغلب من تحقيق عناصر التنظيم والإدارة والقوة والوحدة والجرأة...
[1] سورة المائدة، الآية: 56.
[2] سورة المجادلة، الآية: 22.
136
105
8. برنامج الظهور
الثاني: علينا أن نرفع أيدينا بالدعاء للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في كلّ يوم لأجل عزّته وحفظ سلامته ونصرته وعدم خذلانه. والأئمّة الأطهار عليهم السلام كانوا في جميع حالاتهم وفي مناجاتهم يدعون لحفظ إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وسلامته، وقد علّمونا كيف ندعو له بذلك:
فالإمام الرضا عليه السلام يعلّمنا أن ندعو له عجل الله تعالى فرجه الشريف بالقول:
"اللهم ادفع عن وليّك... وأعِذْه من شرّ جميع ما خلقت... واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، بحفظك الذي لا يضيع من حفِظته به"[1].
ويدعو الإمام العسكري عليه السلام في قنوت صلواته بهذا الدعاء:
"فاجعله - اللهمّ - في حصانةٍ من بأس المعتدين... فاجعله اللهمّ في أمنٍ ممّا نشفق عليه منه، وردّ عنه من سهام المكائد ما يوجّهه أهل الشنآن إليه"[2].
في عصر الظهور الذهبيّ، سيتذوّق العالم طعم السنّة الواقعيّة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف تكون سيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وطريقته هي الحاكمة على الوجود
15- اللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ على دَعْوَتِه
في أيّ زمان يُستجاب هذا الدعاء؟ قطعاً أحد مصاديقه يوم الظهور، عندما يشاهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في سائر أرجاء الدنيا وقد علت أصوات الجنود في أرض المعركة بالتوحيد، فإنّه يدخل عليه السرور، ويسرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عندما يُهزم إبليس.
وفي دعاء أبي حمزة الثماليّ، يقول الإمام زين العابدين عليه السلام:
"إلهيّ، إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوّك، وإن أدخلتني
[1] مصباح المتهجّد، الطوسيّ، ص49.
[2] المصدر نفسه، ص156.
137
106
8. برنامج الظهور
الجنّة ففي ذلك سرور نبيّك، وأنا أعلم أنّ سرور نبيّك أحبّ إليك من سرور عدوّك".
وإنّما يُسرّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ فرداً من أمّته شملته رحمة الله تعالى وعفوه، وأمّا إذا لم يُعفَ عنه، فيفرح الشيطان لإضلاله شخصاً آخر وجعله من أهل جهنّم.
وعلى هذا الأساس،كان هذا المقطع معبِّراً عن طلب الظهور.
تعليق