بسم الله
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بلغت السيدة زينب الذروة في الفصاحة والبلاغة، حتى وصف البعض ممن سمعها تخطب في الكوفة مدى الأثر البالغ الذي أحدثته العقيلة في خطابها، حينما قال: «لم أر - والله - خفرة أنطق منها، كأنّما تفرغ عن لسان الإمام أمير المؤمنين (ع)».[] وكانت فصاحتها وبلاغتها في مجلس عبيد الله في الكوفة ومجلس يزيد في الشام كفصاحة أبيها أمير المؤمنين (ع) وبلاغة أمّها في خطبتها الفدكية.[]
وقال من شهد خطبتها ومدى تأثر الناس بها: «فو الله لقد رأيت الناس- يومئذ- حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى».[]
روى الطبرسي في "الاحتجاج" عن حذيم بن شريك الأسدي. وابن طيفور في "بلاغات النساء" عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال:
لما أتى علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) بالنسوة من كربلاء، وكان مريضاً. وإذا نساء أهل الكوفة ينتدِبنَ مشقَّقات الجيوب، والرّجال معهن يبكون!
فقال زين العابدين (عليه السلام) بصوت ضئيل. وقد نهكته العلة:
"إن هؤلاء يبكون علينا! فمن قتلنا غيرهم؟!"
فأومأت [غ²] زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إلى الناس بالسكوت.
قال حذيم الأسديّ: لم أر –والله- خفِرَة[غ³] قطّ أنطق منها. كأنها تنطق وتفرغ [ظ¤] على لسان علي (عليه السلام). وقد أشارت إلى الناس بأن أنصتوا، فارتدت الأنفاس. وسكنت الأجراس.
ثمّ قالت -بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله)-:
أمّا بعد.
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر[ظ¦]والخذل[غ·]،ألا فلا رقأت[غ¸]العبرة[غ¹]،ولا هدأت الزفرة[غ±غ°]،إنما مَثلُكم كمثل التي {نقضَت غزلَها مِن بعدِ قوّةٍ أنكاثاً تتخذونَ أيْمانَكمدخَلاً بينَكم.{
هل فيكم إلا الصّلَفُ والعُجبُ والشَّنْفُ والكذبُ. وملَقُالإماءِ. وغمزُ[غ±غ±]الأعداءِ. أو كمرعى على دِمنة. أو كفضة على ملحودة[غ±غ²]،ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخِط الله عليكم. وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون أخي؟!
أجل! والله فابكوا. فإنكم أحرى[غ±غ³] بالبكاء. فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد اأبليتُم بعارها، ومُنيتم[غ±ظ¤] بشنارها[غ±ظ¥]، ولن ترحَضُوها[غ±ظ¦] أبداً.
وأنى ترحَضون قتلَ سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ[غ±غ·] حزبكم ومقرّ سلمكم، وآسي كلْمِكم[غ±غ¸]، ومفزع نازلتكم[غ±غ¹]، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومَدَرَة[غ²غ°] حججكم،ومنار محجتكم[غ²غ±].
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم. وساء ما تزرون[غ²غ²] ليوم بعثكم.
فتَعساً تَعساً.[غ²غ³]
ونَكساً نَكساً،[غ²ظ¤]
لقد خاب السعي، وتبت[غ²ظ¥] الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم[غ²ظ¦] بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة.
أتدرون -ويلكم- أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فرثتم؟![غ²غ·]
وأي عهد نكثتم؟!
وأي كريمة له أبرزتم؟!
وأي حرمة له هتكتم؟!
وأي دم له سفكتم؟!
"لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{غ¸غ¹} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً {غ¹غ°}" (سورة مريم)
لقد جئتم بها شوْهاءَ[غ²غ¸] صلعاءَ[غ²غ¹] عنقاءَ[غ³غ°] سوداءَ فقماءَ[غ³غ±] خرقاءَ[غ³غ²]، كطلاع الأرض[غ³غ³]، أو ملءِ السماء.
أفعجِبتُم أن تمطرَ السماء دماً {ولَعذابُ الآخرةِ أخزى وهُم لا يُنصرونَ}.
فلا يستخفَّنَّكم[غ³ظ¤] المَهَلُ[غ³ظ¥]، فإنه عزوجل لا يَحفَزُه[غ³ظ¦] البِدار[غ³غ·]، ولا يخشى عليه فوتُ الثارِ، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد.
روى الطبرسي في "الاحتجاج" عن حذيم بن شريك الأسدي. وابن طيفور في "بلاغات النساء" عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال:
لما أتى علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) بالنسوة من كربلاء، وكان مريضاً. وإذا نساء أهل الكوفة ينتدِبنَ مشقَّقات الجيوب، والرّجال معهن يبكون!
فقال زين العابدين (عليه السلام) بصوت ضئيل. وقد نهكته العلة:
"إن هؤلاء يبكون علينا! فمن قتلنا غيرهم؟!"
فأومأت [غ²] زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إلى الناس بالسكوت.
قال حذيم الأسديّ: لم أر –والله- خفِرَة[غ³] قطّ أنطق منها. كأنها تنطق وتفرغ [ظ¤] على لسان علي (عليه السلام). وقد أشارت إلى الناس بأن أنصتوا، فارتدت الأنفاس. وسكنت الأجراس.
ثمّ قالت -بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله)-:
أمّا بعد.
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر[ظ¦]والخذل[غ·]،ألا فلا رقأت[غ¸]العبرة[غ¹]،ولا هدأت الزفرة[غ±غ°]،إنما مَثلُكم كمثل التي {نقضَت غزلَها مِن بعدِ قوّةٍ أنكاثاً تتخذونَ أيْمانَكمدخَلاً بينَكم.{
هل فيكم إلا الصّلَفُ والعُجبُ والشَّنْفُ والكذبُ. وملَقُالإماءِ. وغمزُ[غ±غ±]الأعداءِ. أو كمرعى على دِمنة. أو كفضة على ملحودة[غ±غ²]،ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخِط الله عليكم. وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون أخي؟!
أجل! والله فابكوا. فإنكم أحرى[غ±غ³] بالبكاء. فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد اأبليتُم بعارها، ومُنيتم[غ±ظ¤] بشنارها[غ±ظ¥]، ولن ترحَضُوها[غ±ظ¦] أبداً.
وأنى ترحَضون قتلَ سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ[غ±غ·] حزبكم ومقرّ سلمكم، وآسي كلْمِكم[غ±غ¸]، ومفزع نازلتكم[غ±غ¹]، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومَدَرَة[غ²غ°] حججكم،ومنار محجتكم[غ²غ±].
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم. وساء ما تزرون[غ²غ²] ليوم بعثكم.
فتَعساً تَعساً.[غ²غ³]
ونَكساً نَكساً،[غ²ظ¤]
لقد خاب السعي، وتبت[غ²ظ¥] الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم[غ²ظ¦] بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة.
أتدرون -ويلكم- أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فرثتم؟![غ²غ·]
وأي عهد نكثتم؟!
وأي كريمة له أبرزتم؟!
وأي حرمة له هتكتم؟!
وأي دم له سفكتم؟!
"لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{غ¸غ¹} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً {غ¹غ°}" (سورة مريم)
لقد جئتم بها شوْهاءَ[غ²غ¸] صلعاءَ[غ²غ¹] عنقاءَ[غ³غ°] سوداءَ فقماءَ[غ³غ±] خرقاءَ[غ³غ²]، كطلاع الأرض[غ³غ³]، أو ملءِ السماء.
أفعجِبتُم أن تمطرَ السماء دماً {ولَعذابُ الآخرةِ أخزى وهُم لا يُنصرونَ}.
فلا يستخفَّنَّكم[غ³ظ¤] المَهَلُ[غ³ظ¥]، فإنه عزوجل لا يَحفَزُه[غ³ظ¦] البِدار[غ³غ·]، ولا يخشى عليه فوتُ الثارِ، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد. الى نهاية الخطبه المباركه
[غ±]ناسخ التواريخ/ السيدة زينب (عليها السلام): ظ¤غ·.
[غ²]أومات إليه: أي أشرت.
[غ³]الخفر: شدّة الحياء، وامرأة خفرة:حيية.
[ظ¤]الفرغ: السعة والسيلان، ويفرغ: يصبّ.
[ظ¥]الختل: التخادع عن غفلة، والمراوغة.
[ظ¦]الغدر: ترك الوفاء ونقض العهد.
[غ·]الخذل: ترك الإعانة والنصرة.
[غ¸]رقاً الدمع والدم: انقطع بعد جريانه.
[غ¹]العبرة: الدمعة
[غ±غ°]الزفير: خروج الهواء من الرئتين، وهو عكس الشهيق الذي هو إدخال النفس حتى تنتفخ الضلوع منه. والاسم الزفرة، والزفر من شدة الأنين وقبيحه.
الصلف: مجاوزة قدر الظرف والبراعة والادعاء فوق ذلك. وصلِفٌ: ثقيل الروح، والصلَف: قلة الخير.
[غ±غ±]الغمز: الاشارة بالعين والحاجب والجفن، والغميز والغميزة: ضعف في العمل وجهلة في العقل. ورجل غمز أي ضعيف. والغميزة:العيب، والمغموز:المتهم. والمغمز: المطمع.
[غ±غ²]الملحود كاللحد صفة غالبة، واللحد: الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت.
[غ±غ³]الحري: الخليق والجدير.
[غ±ظ¤]منيت بكذا: ابتليت.
[غ±ظ¥]الشنار: العيب والعار.
[غ±ظ¦]الرحض: الغسل، أي لن تغسلوها.
[غ±غ·]عاذ يعوذ ومعاذاً: لاذ به ولجاً إليه واعتصم.
[غ±غ¸]أي مداوي جرحكم.
[غ±غ¹]النازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالقوم.
[غ²غ°]المدرة: زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم، والذي يرجعون إلى رأيه، والميم زائدة.
[غ²غ±]المحجة بفتح الميم: جادة الطريق.
[غ²غ²]الوزر بالكسر فالسكون: الحمل والثقل، وكثيراً ما يطلق في الحديث على الذنب والإثم.
[غ²غ³]التعس: أن لا ينتعش العاثر من عثرته، وأن ينكس في سفال، والتعس: الانحطاط والهلاك.
[غ²ظ¤]النكس: قلب الشيء على رأسه، نكسه ينكسه نكساً، ونكس رأسه إذا طأطأه من ذل.
[غ²ظ¥]التباب: الخسران والهلاك، وتبت الأيدي: أي خسرت.
[غ²ظ¦]بؤتم: أي رجعتم.
[غ²غ·]الفرث: تفتيت الكبد بالغم والأذى. وفي بعض النسخ: "فريتم".
[غ²غ¸]الشوهاء:قبيحة المنظر.
[غ²غ¹]الصلعاء: الداهية الشديدة، والصلع: ذهاب الشعر من مقدّم الرأس إلى مؤخره.
[غ³غ°]عنقاء: مرتفعة طويلة، والعنقاء: بينة العنق أيضاً.
[غ³غ±]الفقماء: المائلة الحنك، والفقم:هو أن يخرج أسفل اللحي ويدخل أعلاه، ثم كثر حتى صار كل معوج أفقم، وقيل الفقم في الفم أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضمّ الرجل فاه.
[غ³غ²]امرأة خرقاء: مثقوبة الأذن ثقباً واسعاً، وناقة خرقاء: لا تتعهد مواضع قوائمها. وريح خرقاء: لا تدوم على جهتها في هبوبها، وقيل: الخرقاء: امرأة غير صناع ولا لها رفق، فإذا بنت بيتاً انهدم سريعاً.
[غ³غ³]طلاع الأرض: ملؤها.
[غ³ظ¤]لا يستخفنك: لا يستفزنك ولا يستجهلنك، واستخفه الفرح إذا ارتاح لأمر.
[غ³ظ¥]المهل: الانظار والتأجيل وعدم المعاجلة.
[غ³ظ¦]الحفز: الحث والإعجال.
[غ³غ·]بدرت إلى الشيء أبدر بدوراً: أسرعت، ويقال: ابتدر القوم أمراً وتبادروه أي بادر بعضهم بعضاً إليه أيهم يسبق إليه فيغلب عليه، وبادر فلان فلاناً مولياً ذاهباً في فراره.
تعليق