يُقال إن زينب عليها السلام تصبّرت كثيراً في يوم عاشوراء وتقول: بل تزينب الصبر كثيراً في يوم عاشوراء!
ويُقال أيضاً قد لبست زينب جلباب الصبر فاستطاعت البقاء. وتقول بل لبس الصبر جلباب زينب فاستطاع الصمود،
وكأني بالصبر قد عجب لزينب.
تلك الأسطورة الخالدة التي مجّدها التاريخ على مرّ العصور، أجل هي (زينب) وما أدراك ما زينب،
هي ذاتها التي حطّمت قيود الأكاسرة المزعومين بعنفوانهم البالي، وخديعتهم الزائغة، وبطشت بصبرها
طواغيت العصر من بني أمية، كيف وقد قال في حقّها الإمام المعصوم زين العابدين وسيّد الساجدين عليه السلام
واصفاً إياها بكونها: "عالمة غير معلّمة وفهمة غير مفهّمة" فتلك لبوة حيدرة رمز الشموخ وسيف الصمود بوجه أعدائها،
وهي تمرّ في أحلك الظروف وقد انحنت انحناءة الفخر والطاعة الخالصة لبارئها وهي تخطو خطوات عزّ نحو جسد أخيها
الحسين عليه السلام وهو دامٍ وملقىً على رمضاء كربلاء، مضرجاً بدمه؛
لتصدح بكلمات هادرة (اللهم تقبل منّا هذا القربان) فأثبتت بذلك معنى الإباء وخطّت بورقها أسطر العفة وروح القراءة
الحقيقية للمرأة المبادرة، فضربت أروع مثالٍ للمرأة الحاذقة، وهي تبحر في سفر الخلود نحو المرفأ المحمدي، فالعلوي،
فالفاطمي، فالحسني، لترسو نحو الشاطئ الحسيني العابق بأحرف الشرف والكرامة، أجل أثبت ذلك بكلّ جدارة
رداً على مَن كان يزعم أنه سيرى أوجه (التشفي) بعلي عليه السلام حينما أهوت عقلية الطالبيين بنفسها على جثمان
أخيها الطاهر.
فليرَ العالم مَن هي زينب؟ وليترقب عن كثب في بطون العقول وأحاسيس الضمير شدة صلابتها.
نوال عطية
تم نشره في مجلة رياض الزهراء العدد 70
تعليق