بسم االله الرحمن الرحيم الحمد الله وسلام على عباده الذين اصطفى، ولا سيما محمد المصطفى، وأهل بيته أعلام الهدى، صلواته عليهم ما دامت السموات العلى،،،، أما بعد انه لما اشتعل الرأس شيبا وامتلأت العيبة عيبا *المراد: موضع سره وثقته - ورأيت أني ذرفت على الستين ولم اظفر بعد على ثمرة ولا حاصل لأيامي الماضية، ولا طائر للعمل، وعلمت أن الباقي يمضي على نحو الماضي، خاطبت النفس الجانية اللاهية، وشركاءها في هذه الداهية: يا ويحك مضى ربيع الشباب، فلا تعطف عليه خريف الشيب، وفاتك الهرف * أي: المناء ُضع الحفنة والزيادة - في المزرعة، فلا يفتك الافل * أي: الزوال والغياب ،- وقد أسرفت في اتلاف اكرار من البذر، فلا ت الباقية من البذر، وقد ضيعت في المتجر النقود من رأس المال، فلا تضيع قليل المتاع الكاسد البائر. ثم ناديتها يا مسافرا بلا زاد، يا راحلا ولا جواد، يا زارعا اشرف على الحصاد، يا طائرا بالموت يصاد، يا تاجرا لبهرج * ِ أي: الرديء من الشيء - بلا جياد، يا ظالم النفس والعباد، هل سمعت قول االله تعالى (إن ربك لبالمرصاد)! ثم ايقظتها التنبه التنبه فقد شارفت العقبة الكؤؤد والرجل حافية ومالك مركب! ثم خوفتها الحذر الحذر، فقد دنوت إلى المنازل المهولة، ودونها حتوف (والكف صفر والطريق مخوف) ثم أزعجتها بقول العجل العجل، الوحا الوحا* أي: السرعة - فإلى أي زمان تتعامى: ان قدامك يوما لو به هددت شمس الضحى عادت ظلاما ِ وانف فانتبه من رقدة اللهو وقم عن عين تماديك المناما ثم صحت عليها بقول إمام المتقين عليه أفضل صلوات المصلين: " أيها اليفن الكبير، قد لهزه القتير، كيف أنت إذا التحمت أطواق النار بعظام الأعناق، ونشبت الجوامع حتى أكلت لحوم السواعد ". ثم نعيتها إلى نفسها ونعيت عليها، ثم نحت عليها بكل لسان - تارة على أيام الشباب وأخرى على أيام المشيب، ثم استرحمتها لنفسها وقلت: أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك؟ ثم استغثت بها لإغاثة نفسها فقلت لها: الغوث الغوث لنفسك تجهزي للرحيل، فاستدركي واختلسي الفرصة، واغتنمي المهلة قبل قدوم الغائب المنتظر، وقبل أخذة القهار المقتدر. ٕمام، ووعظتها بكل الألسنة حتى بلسان الأطفال والحيوانات، بل ولسان حال جميع ثم خاطبتها بكل كتاب، وبلسان كل نبي وا المخلوقات. وبعد ذلك كله حصل لي تنبه يسير، وتذكر قليل، مع عزم فاتر، فتواردت علي حالات خوف وترقب من اليأس، يتبعها رجاء، يورث السكون والاطمئنان بهذا التفصيل: الحالة الأولى: في الإيمان: لقد نظرت إلى الإيمان الذي هو مدار قبول الأعمال ومناط حصول النجاة من الأهوال فلم أجد في نفسي علامة من علائمه، ولا أثرا من آثار التمام منه، ولا من الناقص لا أدنى درجاته الذي هو أن تسوءه سيئته ولا أعلى درجاته الذي هو أن يكون بالنسبة إلى ذكر االله تعالى كمن هو في النزع، ولم أجد في شيء من أقسامه المقسمة على القلب والأعضاء! حتى أني خفت عدم وجود الذرة المنجية من الخلود في النار بعد طول العذاب فيها، وبعد ذلك نظرت إلى الأخلاق الحميدة فرأيت أضدادها، ثم نظرت إلى الأعمال الحسنة والطاعات والقربات فوجدت لصحتها وقبولها شرائط، لم أجد التوفيق لها ولو مرة واحدة، فعند ذلك تحقق الخوف وأوشك أن يغلب القنوط ثم عرضت:
الحالة الثانية: في الوسائل إلى االله تعالى:
الحالة الثانية: في الوسائل إلى االله تعالى:
تعليق