سؤال وجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
سائل يسال حيث يقول : ونحن نعايش هذه الظروف السياسية المتلاحقة في بلدنا السعودية ، والتي هي كما تعلمون منشأ المذهب الوهابي والداعية إليه . . كيف يمكن لنا كشيعة ، التعامل مع هذه الظروف بشكل يخدم المذهب ؟ حيث كما تعلمون أصبح هناك شيء من التخوف من المذهب الوهابي وعلاقته بالإرهاب والتطرف . . كذلك عند دعوتنا لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، وخاصة مع من تشرب المذهب الوهابي من خلال دراسته أو من خلال ما ولد ونشأ عليه ، ما المدخل الصحيح لهذه الدعوة ؟ وهل يُفضل أن نبدأ بمظلومية أهل البيت عليهم السلام وما جرى في واقعة الهجوم على دار الزهراء عليها السلام أو بمدخل آخر ؟؟ ونسألكم الدعاء مولانا .
الجواب من قبل السيد جعفر مرتضى العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
الحكمة في التربية وفي التعليم :
فقد قال تعالى : ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... ﴾ 1 . .
وغير خفي عليكم : أن أهم شيء يواجهه الشاب الذي يدخل معترك الحياة ، هو تلك الطروحات التي كانت غائبة عنه في محيطه الذي كان فيه ، وخرج منه . . فيرى نفسه في الموقف الحرج ، ويضطر لاتخاذ قرارات آنية ، دون أن يكون على بينة من أمره ، أو أن يعتمد على ركن وثيق . . فيخطئ تارة ، ويصيب أخرى ، ثم تتراكم الأخطاء ، حتى يبلغ السيل الزبى ، أو حتى يبلغ الحزام الطُّبيْيْن . .
ولعل الطريق الأمثل لمساعدته في مواجهة هذا الأمر ، هو أن يتم التركيز في تنشئته الشباب على المعايير والضوابط ، وعلى الأسس والمنطلقات ، التي من شأنها أن تجعله قادراً على إدراك أن ثمة شبهة ، وأن عليه أن يتحرز ويتحفظ منها ، ثم السعي لاكتساب المزيد من الوقت لمعالجتها من موقع الدراية ، والقدرة ، والهيمنة .
فمثلاً حين يتعلم الشاب أن الأنبياء عليهم السلام معصومون في كل فعل وقول ، وعن الخطأ ، والسهو ، والنسيان ، فإنه سيصبح قادراً على التحرز من أي حديث يتجه لاتهام الأنبياء عليهم السلام بما يخالف ذلك . .
وكذلك الحال لو أنه تربى على حقيقة : أن التشريع لا يجوز لأحد إلا لله تعالى ، أو لمن أذن الله له ، وعلى أن أي حكومة غير الحكومة الإلهية لا مشروعية لها ، ولا يجوز تأييدها ، وتقويتها . . وما إلى ذلك . .
فإن هذه المعايير هي التي تستطيع أن تحفظه وأن تصونه من الغزو الذي يتعرض له في فكره ، وفي عقيدته ، وفي أخلاقيته ، وفي كل وجوده وحياته . . كما أن مما يساعده على ذلك هو التربية الروحية الصحيحة التي تجعله في موقع الورع عن محارم الله ، والعمل بما يرضي الله ، والأهم من ذلك كله هو تعريفه بصورة صحيحة على أولياء الله ، وتربيته على حبهم ، وعلى أعداء الله ، وتربيته على البراءة منهم . .
تطرف دعاة الوهابية :
وأما فيما يرتبط بالواقع السياسي الذي يمر به المذهب الوهابي ، واتجاه الكثيرين منهم نحو التطرف والإرهاب . . فلا بد من التعامل مع هذه الظاهرة بمزيد من الحكمة ، والعقلانية ، فيكون التطامن والمرونة والسكوت ، في المواضع التي يكون التحدي ، أو الكلام بصوت عال ، موجباً لفتح شهية أولئك المتطرفين لمحاولة الوثوب والافتراس . . ويكون الحديث الهادئ والعقلاني ، حيث تكون الآذان صاغية ، والقلوب مفتوحة لسماع الكلمة الطيبة ، والهادية . .
وأما الحديث عن مظلومية أهل البيت عليهم السلام ، فإنه قد يغري ـ أحياناً ـ دعاة التطرف والإرهاب ، بالتسرع بالإساءة إلى أهل الحق ، حيث سيفسرون ذلك على أنه طعن وإساءة لمن يقدسونهم . . فلا بد من ملاحظة ذلك ، والتعامل مع الأمور بحكمة وروية ومسؤولية . .
حفظكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 2 . .
المصادر والهوامش
1. القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 125 ، الصفحة : 281 .
2. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة التاسعة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1424 هـ ـ 2004 م ، السؤال (560) .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
سائل يسال حيث يقول : ونحن نعايش هذه الظروف السياسية المتلاحقة في بلدنا السعودية ، والتي هي كما تعلمون منشأ المذهب الوهابي والداعية إليه . . كيف يمكن لنا كشيعة ، التعامل مع هذه الظروف بشكل يخدم المذهب ؟ حيث كما تعلمون أصبح هناك شيء من التخوف من المذهب الوهابي وعلاقته بالإرهاب والتطرف . . كذلك عند دعوتنا لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، وخاصة مع من تشرب المذهب الوهابي من خلال دراسته أو من خلال ما ولد ونشأ عليه ، ما المدخل الصحيح لهذه الدعوة ؟ وهل يُفضل أن نبدأ بمظلومية أهل البيت عليهم السلام وما جرى في واقعة الهجوم على دار الزهراء عليها السلام أو بمدخل آخر ؟؟ ونسألكم الدعاء مولانا .
الجواب من قبل السيد جعفر مرتضى العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
الحكمة في التربية وفي التعليم :
فقد قال تعالى : ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... ﴾ 1 . .
وغير خفي عليكم : أن أهم شيء يواجهه الشاب الذي يدخل معترك الحياة ، هو تلك الطروحات التي كانت غائبة عنه في محيطه الذي كان فيه ، وخرج منه . . فيرى نفسه في الموقف الحرج ، ويضطر لاتخاذ قرارات آنية ، دون أن يكون على بينة من أمره ، أو أن يعتمد على ركن وثيق . . فيخطئ تارة ، ويصيب أخرى ، ثم تتراكم الأخطاء ، حتى يبلغ السيل الزبى ، أو حتى يبلغ الحزام الطُّبيْيْن . .
ولعل الطريق الأمثل لمساعدته في مواجهة هذا الأمر ، هو أن يتم التركيز في تنشئته الشباب على المعايير والضوابط ، وعلى الأسس والمنطلقات ، التي من شأنها أن تجعله قادراً على إدراك أن ثمة شبهة ، وأن عليه أن يتحرز ويتحفظ منها ، ثم السعي لاكتساب المزيد من الوقت لمعالجتها من موقع الدراية ، والقدرة ، والهيمنة .
فمثلاً حين يتعلم الشاب أن الأنبياء عليهم السلام معصومون في كل فعل وقول ، وعن الخطأ ، والسهو ، والنسيان ، فإنه سيصبح قادراً على التحرز من أي حديث يتجه لاتهام الأنبياء عليهم السلام بما يخالف ذلك . .
وكذلك الحال لو أنه تربى على حقيقة : أن التشريع لا يجوز لأحد إلا لله تعالى ، أو لمن أذن الله له ، وعلى أن أي حكومة غير الحكومة الإلهية لا مشروعية لها ، ولا يجوز تأييدها ، وتقويتها . . وما إلى ذلك . .
فإن هذه المعايير هي التي تستطيع أن تحفظه وأن تصونه من الغزو الذي يتعرض له في فكره ، وفي عقيدته ، وفي أخلاقيته ، وفي كل وجوده وحياته . . كما أن مما يساعده على ذلك هو التربية الروحية الصحيحة التي تجعله في موقع الورع عن محارم الله ، والعمل بما يرضي الله ، والأهم من ذلك كله هو تعريفه بصورة صحيحة على أولياء الله ، وتربيته على حبهم ، وعلى أعداء الله ، وتربيته على البراءة منهم . .
تطرف دعاة الوهابية :
وأما فيما يرتبط بالواقع السياسي الذي يمر به المذهب الوهابي ، واتجاه الكثيرين منهم نحو التطرف والإرهاب . . فلا بد من التعامل مع هذه الظاهرة بمزيد من الحكمة ، والعقلانية ، فيكون التطامن والمرونة والسكوت ، في المواضع التي يكون التحدي ، أو الكلام بصوت عال ، موجباً لفتح شهية أولئك المتطرفين لمحاولة الوثوب والافتراس . . ويكون الحديث الهادئ والعقلاني ، حيث تكون الآذان صاغية ، والقلوب مفتوحة لسماع الكلمة الطيبة ، والهادية . .
وأما الحديث عن مظلومية أهل البيت عليهم السلام ، فإنه قد يغري ـ أحياناً ـ دعاة التطرف والإرهاب ، بالتسرع بالإساءة إلى أهل الحق ، حيث سيفسرون ذلك على أنه طعن وإساءة لمن يقدسونهم . . فلا بد من ملاحظة ذلك ، والتعامل مع الأمور بحكمة وروية ومسؤولية . .
حفظكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 2 . .
المصادر والهوامش
1. القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 125 ، الصفحة : 281 .
2. مختصر مفيد . . ( أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة التاسعة » ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1424 هـ ـ 2004 م ، السؤال (560) .
تعليق