الشرفة الأولى
ها هو قادم إلينا فهلمّ بنا نستقبله، فاتح ذراعيه ليضمّنا في خيره، فقم أيها المهموم الحزين، فاستعذ بالله وارمِ خلفك الأحزان، وكن في عباد الله
الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، جاءنا شهر التوبة، فاغسل نفسك وطهّر ثيابك وقلبك من ذنوب الليل وذنوب النهار،
وذنوب العلانية وذنوب السر، جاء شهر الدعاء، فيه الإجابة والرحمة مضمونه، فمدّ يديك لربّك الكريم، وقل: (اَللّهُمَّ قَدْ حَضَرَ شَهْرُ رَمَضانَ،
وَقَدِ افْتَرَضْتَ عَلَيْنا صِيامَهُ، وَاَنْزَلْتَ فيهِ الْقُرآنَ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّنات مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ، اَللّهُمَّ اَعِنّا عَلى صِيامِهِ وَتَقَبَّلْهُ مِنّا، وَسَلِّمْنا فيهِ،
وَسَلِّمْنا مِنْهُ وَسَلِّمْهُ لَنا في يُسْر مِنَكَ وَعافِيَة إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ، يا رَحْمنُ يا رَحيمُ)(1)،
وأيّ دعاء يُرفع من دون أن تذكر الصلاة على محمد وآل محمد.
الشرفة الثانية
يا أيّها الشهر الكريم لقد انتظرتك طويلاً، لعلّني أحظى بما لم أستطع أن أناله منك في السنة الماضية، لعلّني أصل فيك
ومن خلالك لرضا الرحمان، وأعوذ بالله الغفور الرحيم أن تنقضي أيامك أو يطلع الفجر ولي ذنب يعذبني الله عليه،
ولأنّ أبواب السماء تُفتح فيك ولا تُغلق إلّا في آخر ليلة منك فاسأل الله أن يجعل همّتي في الصلاة والصيام
وترك آفات اللسان والعين والأذنين يا شهر الطاعات اجعلني أتقرب إلى الله وإلى رسوله الأمين صلى الله عليه واله بحبّ محمد وآل محمد.
الشرفة الثالثة
يا شهر البركات، هل سأكون لك خير معين لأعمال الخير؟ وهل ستكون أنت شاهداً صادقاً عليّ عند الله؟ يا شهر الضيافة
افتح لي أبوابك ورحّب بي وسأكون إن شاء الله من الضيوف المؤدبين المؤدين لحقوق الضيافة، افتح صحائف الألفة والمحبة،
وسجل أعمالي بالخير والإحسان لتعرضها على ربّ كريم، فيغمرني بالمغفرة بفضل الصلاة على محمد وآل محمد.
الشرفة الرابعة
افتح باب جنّتك بيدك، فبيدك المفاتيح، لا تطرق الباب واعرف الباب المراد، ولا تأخذك الصور والأشكال والألوان فتتلهى عن فتح بابك،
ولا تجامل ولا تساوم ولاتكن ضعيفاً فتخسر مفاتيح أبواب الجنان التي تزيّنت وتهيأت مع الحور العين لاستقبالك،
وفكّر كيف ستستقبلها بحالك هذا؟ أم عليك أن تنظف نفسك من أوساخ الدنيا؟ وتطهّر ثيابك من كلّ دنس قد يعتريك،
وتكون بأجمل صورة قلباً وقالباً؛ لكي تُفتح لك أبواب الجنان على مصراعيها مرحبةً بك، واحذر روائح الذنوب
وأزلها بالاستغفار والأذكار وبالصلاة على محمد وآل محمد.
الشرفة الخامسة
الله كم أنت كريم يا ربّ، انظروا إلى أين أخذني؟
أخذني إلى حدائق قدسية لا تراها أينما كان وفي أيّ وقت تريد، وأنزلني على شرفات روحانية أحاطت بي أنوار إيمانية
كنتُ أتصور أني لن أراها ولن أصل إليها مرة أخرى، لكن اللطيف الحنّان أعطاني هذه الفرصة، إذ أبقاني لشهر رمضان جديد
لعلّني أجني فيه ما لم أجنِ في شهر رمضان الماضي.
.............................
(1) مفاتيح الجنان: ص290.
زبيدة طارق فاخر
تم نشره في رياض الزهراء العدد96
تعليق