إن مشروعية الزواج بأكثر من واحدة هو واحد من عدّة موارد في الشريعة المقدّسة في فتح باب الخيارات للمكلف ورفع المشقة عليه
من جهة حاجته لاستعمال هذا الحقّ.
فقد تكون هناك بعض الأمور في الحياة الزوجية يكون الزوج فيها مضطراً لأن تكون له زوجة ثانية، وقد يتزوج الزوج بأخرى من دون
اضطرار، ويكون وقع هذا الخبر على الزوجة الأولى قاسياً وردّة فعلها غير معلومة؛ لأنها تعود إلى ثقافتها، ووعيها، وإيمانها،
وقد يتساءل القارئ عن سرّ علاقة الإيمان بهذه المسألة.
إنّ مرور سنوات طويلة على الأخذ من الثقافة العلمانية، والغربية، والمفهوم الواسع لمسألة حرية المرأة المسلمة أدى إلى الخلط ما بين الأوراق،
وصارت تُردد العبارات وراء غيرها من دون وعي، وهذه كلمات كثيراً ما نسمعها من الزوجة الأولى: أنا جُرحت في كرامتي لن أعيش معه،
أو تخيّره أن يطلّقها أو يطلّق الأخرى، وأنه إنسان خائن للعشرة، فهل هذه عبارات تليق بإنسانة مؤمنة خصوصاً إذا كان هذا الرجل
قد تزوج حتى يصون نفسه من الوقوع في الحرام، فقد لا يكون حقاً محتاجاً للأطفال، ولا الزوجة مريضة، ولا هو بعيد، ولكنه وجد نفسه
في معرض أمرين: إمّا الزواج بثانية أو الوقوع في الحرام، فالإنسان المؤمن يجب أن يكون رضاه وغضبه تبعاً لرضا وغضب الرب
لا تبعاً لغضب ورضا النفس وإلّا لكان الإنسان هو بالحقيقة عابداً لنفسه قال تعالى: )أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ(/ (الفرقان:43).
إنّ الزوجة لترضى أن يسافر زوجها شهراً كاملاً من أجل العمل ولكنها تجنّ حينما تسمع أنه متزوج بأخرى يراجعها في كلّ أسبوع مرّة!
وإنها تتهم الزوجة الثانية بأنها هدّمت حياتها بينما نجدها تشترط على زوجها أن يطلّق زوجته الثانية من دون مبرر أفلا ينطبق على هذا
العنوان الذين يفرقون بين المرء وزوجه؟ أليس هو من الكبائر؟
إنّ الإنسان حينما يدّعي الإيمان لابدّ من أن يكون هذا القول موافقاً لأفعاله وإلّا كان مجرد مسلم ولم يصل بعد إلى درجة الإيمان،
قال تعالى: )قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ(/ (الحجرات:14).
رجاء علي مهدي
تم نشره في رياض الزهراء العدد69
تعليق